اختفى وزير الإعلام العراقي الأسبق، محمد سعيد الصحاف، عن المشهد الإعلامي، منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، لكنه يعود ليشغل بال الصحافة بعد انتشار شائعة عن وجوده على فراش الموت. والأنباء عن تدهور حالته الصحية رافقها فيديو قيل إنه للوزير السابق تجلس بجانبه زوجته وهو على فراش الموت. هذه المعلومات نفتها مصادر عراقية مطلعة تحدثت ل"إيلاف" في أبو ظبي، وقالت المصادر ذاتها، إن الرجل بصحة جيدة ويمارس حياته كالمعتاد مع أسرته. لكن المصادر ذاتها لم تنكر أن الصحاف تعرض لعدة وعكات صحية من قبل نتيجة لتقدمه في السن، ولكنه شفي، وحالته بشكل عام الآن لا تستدعي القلق. واشتهر الصحاف الذي يبلغ من العمر الآن 74 عاماً خلال الحرب عام 2003 بسلسلة كلمات لم تعتَد الأذن العربية سماعها، ولعل أشهرها كلمة "علوج" والتي كان يطلقها على جنود الجيش الأميركي، وتحولت هذه الكلمة إلى لفظ رنان يردده الكثيرون حينذاك، بل أن الصحاف ذاته انغمس في عدة مؤتمرات في شرح معناها بسبب الصدى والجدل الذي حققته. توجه الصحاف إلى الإمارات العربية المتحدة بعد سقوط نظام صدام، لكن الانتقادات الساخرة لاحقته لفترة طويلة بسبب إصراره خلال أيام الحرب على عدم قدرة القوات الأميركية على الدخول لبغداد، بل أنه ظهر قبل سقوط العاصمة العراقية بوقت قصير ليشرح أن الوضع تحت السيطرة. ومنذ ذلك الحين، لم يظهر على وسائل الإعلام باستثناء مرة واحد عبر تلفزيون أبو ظبي الذي عرض لقطات وصوله. ولم يفصح الصحاف للتلفزيون ذاته خلال لقاء مطول عن أسرار الحرب، مؤكدًا أن التاريخ كفيل بالكشف عمّا جرى. والصحاف الذي لقبه البعض باسم "لسان صدام حسين"، هو مسلم شيعي، بقي كاتماً لأسرار النظام العراقي الأسبق، مبتعدًا عن إغراءات أضواء وسائل الإعلام، وكان غادر وعائلته بعد سقوط نظام صدام العراق بطائرة خاصة تاركاً خلفه ذكريات طفولته في كربلاء التي ولد فيها وقضى فيها أيام شبابه، قبل أن يلتحق بالجامعة لدراسة الصحافة. عمل الوزير الذي كان يرتدي دومًا البزة العسكرية خلال أيام الحرب، بعد تخرجه مدرساً للغة الإنجليزية وانضم الى حزب البعث عام 1963، واستمر يعمل بالتدريس حتى 1968. وشغل عدة مناصب بعد ذلك أبرزها مدير الإذاعة العراقية، فسفيراً للعراق في بورما، فالسويد ثم مندوباً لبلاده في الأممالمتحدة. وبرز نجمه بشكل كبير بعد تعيينه وزيراً للخارجية خلفًا ل"طارق عزيز"، في المرحلة التي تلت حرب الخليج الثانية، والتي شهدت فرض عقوبات دولية على العراق. لكنه حقق شهرته الأوسع خلال توليه لوزارة الإعلام خلال الحرب التي لعب دوراً كبيرًا في سير أحداثها، وتسلطت الأضواء عليه بعد إعلانه "انتصارات القوات العراقية المتتالية"، بينما كانت القوات الأميركية البرية تقدم بشكل مضطرد إلى بغداد. وكان الصحاف ضليعاً باللغة العربية التي استخدمها بقوة في خطابه الدعائي، ولعل ما ساعد على اشتهار مصطلحاته هو عدم توفر ترجمة لبعضها لدى وسائل الإعلام الأجنبية ككلمة "علوج"، ومن الكلمات التي رافقت لسانه أيضًا خلال الحرب "السم والعلقم، والمرتزقة، والأوغاد". وفي آخر مؤتمر صحافي له في يوم سقوط بغداد، أعلن الصحاف أن الأميركيين "ينتحرون الآن بالآلاف على أسوار بغداد". وبات الرجل مضرباً للقدرة على التضليل والخداع خلال الحروب، حيث قارن البعض بينه وبين موسى ابراهيم، الناطق باسم نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.