أغضب البعض أكثر ما أزعجهم أن يطلق ميشيل بلاتيني على الملأ تمنيا من أن يكون نهائي عصبة أبطال أوروبا لهذه السنة والذي سيجرى يوم تاسع عشر ماي القادم على مسرح أرينا أليانز بميونيخ بين برشلونة الفلكي وريال مدريد الكوني. الألمان سخروا من بلاتيني لأنه غض الطرف عن باييرن ميونيخ الذي يتملكه ظمأ كبير للنهل من معين اللقب القاري، والأنجليز إستهجنوا شخص بلاتيني الرجل الذي يفترض فيه أن يكون حياديا لأنه إستصغر تشيلسي بما يملكه من مؤهلات للأخذ بالثأر وإسقاط برشلونة من برجه العاجي. والحقيقة أن بلاتيني هو واحد من الملايين الشغوفين بكرة القدم الذين يحلمون بأن يكون نهائي أمجد الكؤوس إسبانيا خالصا بين الغريمين والساحرين والأسطوريين ريال مدريد وبرشلونة.. الفرق الأوحد والوحيد هو أن بلاتيني يعتبر وصول البارشا والريال إلي نهائي عصبة الأبطال إنتصارا لكرة القدم الجميلة، لأنه ليس هناك اليوم فريقان بسحر أداء وبنجاعة وبطولية البارشا والريال، ليس هذا فقط ولكنه يتنبأ بأن يكون النهائي الأضخم والأقوى على مستوى الإيرادات المالية، فإذا كان كلاسيكو الليجا الذي جمع الغريمين بالكامب نو مساء السبت الماضي قد جلب إليه قرابة 400 مليون مشاهد من القارات الخمس فإن كلاسيكو عصبة الأبطال من الممكن أن يحطّم كل الأرقام القياسية من حيث المشاهدة ومن حيث إيرادات التسويق بمختلف مستوياته.. ولكن دعونا نتساءل، هل إقتربنا فعلا من مشاهدة نهائي عصبة أبطال أوروبا يضع في المواجهة لأول مرة في تاريخ أمجد الكؤوس ريال مدريد الأسطوري بعدد ألقابه القارية وبرشلونة بما طبع به الزمن الحالي من إكتساح؟ ما إنتهت إليه جولة الذهاب للمربع الذهبي، حيث خسر ريال مدريد بأليانز أرينا أمام باييرن ميونيخ بهدفين لهدف، وحيث تأخر برشلونة بستامفورد بريدج أمام تشيلسي بهدف نظيف يجعلنا نتصور كم سيكون طريق الكبيرين شاقا ومستعصيا وملغوما إلى تحقيق ما نحلم به جميعا، نحن عشاق كرة القدم الجميلة. لا بد وأن غوارديولا لم يخرج إلى الآن من حيرته لهذا الذي كان من عناد كبير وظالم أحيانا للحظ، حتى أجبره على أن يعود إلى برشلونة مهزوما بهدف دروغبا الذي يمكن أن يكون بمثابة سم زعاف، ولا بد أن مورينيو ما زال إلى الآن يقضم أصابعه ندما على أنه بعد هدف أوزيل الذي تعادل لريال مدريد، شرد ذهنه نحو الكلاسيكو بالكامب نو فوقع على هذيانات تكتيكية إنتهت بضربة موجعة ألبست ريال مدريد ثوب المنهزم في مباراة كان بمقدوره أن يأخذ منها ما أراد لو آمن صدقا بقدراته. وما بين الحيرة والندم على أنه كان بالإمكان أحسن مما كان تأتي جولة الإياب محمولة على رياح الإثارة والمفاجآت المدوية، فإن كان ما يستدل من مبارتي الذهاب أن الحصة التي خسر بها ريال مدريد وبرشلونة لا تمثل جبلا حاجبا لشمس الحلم والأمل، فإن ما يملكه باييرن ميونيخ وتشيلسي من جرأة ومكر ودهاء يقول بأن زلزالا عنيفا سيضرب مدريد وبرشلونة، فقد كان من سوء الطالع أن ترمي أقدار البرمجة بكلاسيكو رهيب وحاسم ومؤثر للغاية في السباق المتوحش نحو لقب الليجا، كلاسيكو توسط عقدا من نار هو عقد عصبة أبطال أوروبا. يستطيع ريال مدريد بما له من ملكات وبما يتملكه من شعور على أنه على مرمى حجر من ثنائية تاريخية تعيد الزمن الجميل أن يهزم هذا العناد القوي الذي يبديه باييرن ميونيخ، ويستطيع برشلونة وهو الذي يحتكم للأمانة على جوقة تنوع من سمفونيات الخلود بسلاسة كبيرة أن يتقدم بإباء نحو نهائي الأحلام ليحافظ على تاجه القاري، ولكن أنا على ثقة من أنه مع هذه الإستطاعة لن يكون لا باييرن ميونيخ ولا تشيلسي حائطا قصيرا. استاد الدوحة نت