لأنه أستاذ في وظيفته وأستاذ في الرياضة وأستاذ في الحياة – استحق أن يكون صاحب مدرسة رياضية يندر أن تجد لها مثيلاً .. فحينما كان يُذكر اسم "نادي الميناء" تذكر معها إنجازات وبطولات لا مثيل لها في تاريخ الرياضة اليمنية .. نتكلم عن إنجازات ألعاب الظل طبعًا وبالذات الكرة الطائرة . فإذا كنت مشجعًا لهذا النادي العريق فأنت لا تذهب لتشجيع ناديك لكي يفوز وإنما ليقدم المتعة وكل جديد في اللعبة . والكابتن الأستاذ علي عزاني رياضي من الطراز النادر .. فهو مارس الرياضة بروح الرياضة وجسد أهدافها على أرض الواقع .. مارسها لرغبة التفوق المصاحبة فطريًا للإنسان .. ومارسها بالتفاني في إتقان المهارات الفردية والجماعية حينما كان لاعبًا وأخلص في زرع هذه المهارات والمشاعر للاعبيه حينما أصبح مدربًا .. إذ لا معنى للرياضة بلا تحدي ورغبة في التفوق .. ولأنه لا ينظر للأمور من جوانبها فقط وإنما كان ولا يزال يحب الغوص في التفاصيل وتفاصيل التفاصيل في كل ما يحقق التطلعات فقد أدرك أن لا شيء يعطيك التفوق بلا إخلاص وعمل دؤوب . ولأنه مدرس ومربي أجيال كان يحرص على أن تكون الأخلاق مصاحبة للإبداع فهو معجون بنزعة "التربية والتعليم" .. فهاتان المفردتان تمثلان له الحياة . وحينما وجد أن جيلاً جديدًا ظهر في الواقع لا يحرص على التمارين ولا يتمسك بقيم الرياضة وروحها آثر الانسحاب بهدوء واكتفى بدور المشرف والمتابع والموجه والناقد .. وهنا لم يفارقه التفوق .. فقد أحسست أن الصدق الذي صاحبه طوال حياته يصاحبه في كل ما يكتبه .. وحينما هاله التراجع المخيف للعبة أشهر قلمه وهو أشد من الحسام على رقاب الذي تسلقوا الجدران ليقفزوا على تاريخ اللعبة ويتمسكون بمصالحهم الشخصية .. حينما أصبح اللاعب ينتظر عامًا ليلعب أسبوعًا أو أسبوعين في السنة شعر أنه لا يستطيع أن يجبر اللاعب على التمارين والمواظبة وأن يغرس فيه قيم الرياضة في ظل وضع كهذا .. آثر الانسحاب وهو في قمة العطاء والتألق .. فكيف يقبل من تشعبت في جوانبه وجوارحه الرياضة بوضع رياضي لا يراعي حق الجميع في المنافسة وحق الرياضي في التطور .. هل يمكن أن يتطور اللاعب وهو يتدرب عامًا ليلعب أسبوعين في تجمعات تستنزف كل طاقاته؟ وضع مقلوب لا يتعايش معه إلا من يرتضي لنفسه أن يتغاضى ويتغافل عن غياب اللاعبين وتأخرهم عن التمارين ويقبل أن يسمع كل ما يخدش الأخلاق أو يشاهده ويحاول أن يكيف نفسه على مزاج لاعب اليوم الذي لم يعد يحب التعب ليرتقي بنفسه في ظل غياب الهدف بالتحجج بأوضاع البلاد والعباد الصعبة .. ونعرف جميعًا أن الأستاذ علي لا يقبل بذلك ولا ببعضه . هذه أخلاقه وهي أخلاق الرياضة .. بالفعل كان عملاقًا وهو في الميدان وكان عملاقًا وهو في التدريب وخرج عملاقًا برفضه كل الإغراءات بالعودة للتدريب في وضع غير رياضي بالمرة . وسعدت أن يفكر الجميع في تكريم هذا العملاق الذي أسعدنا جميعًا في كل محطات حياته .. وإلى جانبه المؤسس الفعلي للكرة الطائرة بمهارتها وتقنياتها الأستاذ عبدالقادر الهاشمي الذي لم أتشرف بلقائه ولكني سمعت عنه كثيرًا حتى أصبح يثير في نفسي شجون النفس الرياضي وأخلاق الرياضة .. هنيئًا لنا تكريمكما .. أستاذ علي عزاني وأستاذ عبدالقادر الهاشمي .. أما أنتما فحقكما أكبر من التكريم .. فاقبلا تقصيرنا .