عبد السلام وبرغ وشريم يبحثون في مسقط خارطة الطريق للسلام في اليمن وأزمة الموظفين الأمميين    الهيئة النسائية بأمانة العاصمة تدّشن فعاليات الذكرى السنوية للشهيد    هيئة الاستثمار تناقش إعداد القوائم الاسترشادية لمدخلات الإنتاج الصناعي    شهيدان في قصف صهيوني شمالي قطاع غزة    أبناء مديرية الزيدية في الحديدة يؤكدون جهوزيتهم لمواجهة أي تهديدات    الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى يخفض سعر الفائدة بنسبة 0.25%    مصر.. استعدادات وتشديدات أمنية قبيل افتتاح أكبر متحف آثار في العالم    مكونات حضرمية بلا مبدأ: أحد قياداتهم سيقدم جماجم الحضارم دفاعا عن الوحدة    السر في رغبة زوجته .. هاري كين يتخلى عن حلمه التاريخي في إنجلترا ويقرر الاستمرار مع بايرن ميونخ!    تنفيذية انتقالي شبوة تبحث المستجدات السياسية والتنظيمية بالمحافظة    قراءة في نص "غصة ندم وجودية" ل"أحمد سيف حاشد"    اكتشاف اثري في ذمار ..!    بمشاركة اليمن.. اتحاد كأس الخليج يحدد الثلاثاء المقبل موعدا لقرعة بطولة المنتخبات الأولمبية    من دارفور إلى لندن: خيوط الحرب السودانية تمتد إلى مصانع السلاح البريطانية    الصحافي.. حينما تتحول السلطة الرابعة إلى شريحة مسحوقة!    لقاءات الرياض.. محاولات إنعاش في واقع يزداد اختناقاً    مصر.. حكم قضائي بحبس "ميدو" نجم الزمالك ومنتخب مصر السابق    رئيس نادي التلال: "مرحلة تصحيح شاملة لإعادة هيبة العميد.. والقادم أفضل بإذن الله"    أمين العاصمة يتفقد سير العمل بمشروعي صرف صحي في مديريتي الوحدة ومعين    نابولي يهزم ليتشي ويعزز صدارته للدوري الإيطالي    إشهار برامج الدكتوراه لتسعة برامج أكاديمية طبية بجامعة 21 سبتمبر    الأجهزة الأمنية تطيح بمتهم متخصص في نشل جوالات النساء بمديرية المنصورة    محكمة أمريكية تصدر حكمًا بالسجن على يمني بتهمة تهريب مهاجرين إلى الولايات المتحدة    توقعات بموجة برد خلال الأيام القادمة.. وكتلة باردة جافة تسيطر على البلاد    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يبحث مع وزير الخدمة المدنية أوضاع الوظائف والتسويات بمحافظة لحج    فضيحة.. الاحهزة الامنية بتعز ترفض تامين محطة عصيفرة للكهرباء    البنك المركزي يحذر من المشاركة في أي إجراءات حوثية للتصرف في العقارات المملوكة للبنوك    مدير المواصفات يطلع على جناح الهيئة في معرض منتجات اليمن    منفذ الوديعة.. والإيرادات المفقودة    مدفعية العدو السعودي تستهدف القرى الحدودية في صعدة    أستاذ قانون دولي: أساتذة الجامعة في الجنوب براتب "جائع"    وقفة.. اللجنة الإعلامية لكرة القدم إلى أين؟    غزة: 983 حالة وفاة بسبب منع السفر للعلاج خارج القطاع    تعز.. توجيهات بتفعيل إلزامية التعليم الأساسي ومعاقبة أولياء الأمور المخالفين    4 قطع أثرية يمنية نادرة بمزاد أمريكي في نوفمبر القادم    المرشدي: إصلاح حضرموت مثل نموذجاً مميزاً في الشراكة ورافعة اجتماعية وثقافية مؤثرة    إصابة "صعبة العلاج" تكبح 50% من قدرات لامين جمال في الملعب    القوى الكبرى تصنع الأزمات لتملك القرار.. والحل في اليمن هو فك الارتباط السلمي    فضيحة جديدة لمعمر الإرياني: 12 مليون دولار لموقع إلكتروني!    منظمة أمريكية: يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولية تفشي الكوليرا في اليمن    جزائية صعدة تصدر احكاما بقضايا مخدرات وتواجد غير مشروع باليمن    تعيين أمين عام للسياسي الاعلى بصنعاء واخر لمجلس الوزراء بعدن    افتتاح رصيف جديد لاستقبال السفن التجارية غرب اليمن    المقالح يصف سلطة صنعاء بسلطة الأهل وعيال العم المعزولة عن الشعب    قراءة تحليلية لنص "مراهقة" ل"أحمد سيف حاشد"    كأس المانيا: ضربات الترجيح تمنح بوروسيا دورتموند بطاقة التأهل على حساب اينتراخت فرانكفورت    رئيس هيئة الاستثمار يطلع على سير عمل مصنع شفاكو للصناعات الدوائية    الأسعار بين غياب الرقابة وطمع التجار    فلسفة السؤال    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    أبشرك يا سالم .. الحال ماهو بسالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تناقضات المزاعم الآدمية حول القرآن والجان.. !
نشر في يمن برس يوم 20 - 07 - 2020

يؤمن البعض بقدرة الآيات القرآنية على إحراق الجان، ويؤمن آخرين بالقدرة الإلهية في القرآن على تعذيب هذه المخلوقات بنصوصها الكريمة. أنا أيضًا تؤرقني هذه النقطة كثيرًا، والعديد من التساؤلات لم أجد لها أجوبة منطقية تقطع الشك باليقين، وذلك كله يرجع لمروجي هذه الأفكار.
أرقني هذا الأمر كثيرًا مادفعني لطرح تساؤلاتي في المجالس و على منصات التواصل الإجتماعي، سألت عن قدرة القرآن الكريم تُجاه هذه المخلوقات الغيبية، وعن البواعث الحسية الناجمة عن النصوص القرآنية، لذى سأشرح هذه التساؤلات بتراتبية مع إجابات من طُرحت عليهم الأسئلة تتبعها شكوكي وتناقضاتي مع هذه المزاعم، ثم السؤال الثاني بذات التدرج.
أولاً: مامدى تأثير القرآن الكريم على الجان و بوجة الخصوص عن المس الشيطاني. يقول أحدهم "للقرآن قدرة إعجازية مستمدة من الإله يمكنها إحراق الجان وقتله بنصوصها المقدسة حتى أن هذه المخلوقات أضعف من الصمود أمام أياتٍ من كتاب الله"
مع هذه الإجابة قصيرة النظر واجهتها بأول التناقضات. وإستنادًا لكلام الله الذي يشير من خلاله للهدف الأعظم والأسمى من الخيلقة والوجود برمته'''العبادة'''وبمراجعة قوله تعالى "وَمَا خَلَقْت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"
بمجرد ربط الإجابة السابقة بالحقيقة الكونية والهدف الإلهي، تنكشف أولى تناقضات هذه المزاعم، حيث يبدأ هنا الضرب بسماحة الدين الإسلامي الذي جاء يكفل حرية الإختيار بين الكفر والإيمان، كما أنه يشكك أيضًا بعدل المشروع الدعوي للقرآن، حيث يعد هذا الكتاب كتابًا دعويًا خالصًا.
ثم من منطلق كون القرآن كتاب دعوة تتجلى أول أخطاء ومزاعم هذه الفئة من الناس، حيث أن الطبيعي في الدعوة أن تُعرض على من طُلب منهم الإيمان بالله وهم الجن والأنس. إذن كيف يتعاطى المشروع الدعوي مع هذه المخلوقات وكيف تصلهم الدعوة وهي بالأصل خطرًا عليهم، كيف يطالبهم الله بالعبادة والإيمان وكيف يخاطبهم أثناء كفرهم، كيف يمكنهم التعامل مع النصوص القرآنية الدعوية وهي هلاكهم.
دعونا من هذا الهذيان اللامنطقي، هنالك آيات قرآنية تدل على أن القرآن قد عُرض على الجن من قبل كما نص كلام الله في سورة الأحقاف إذ قال" وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (29)قَالُواْ يَٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِىٓ إِلَى 0لْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ"
قال أحدهم "يقتصر أثر القرآن وقدرته بالحرق وإلحاق الضرر على الجن الكافر، بينما هو سلامٌ على من آمن به" هذه القاعدة أيضًا متناقضة مع جوهر الدين الإسلامي، يظهرون به الإسلام بطابعٍ فاشي دكتاتوري، وجعلوا من هذا الكتاب مشروع دعوة قسرية لا يقبل العودة لآية "لكم دينكم ولي دين" انما من آمن بالله كفي ضرره ومن كفر بقيت حياته مهددة من قبل النصوص القرانية. وهذا مالا يقبله عقل ولا منطق.
ثانيًا طرحت تساؤلًا هو الآخر لأصحاب هذه المزاعم. كان السؤال عن ماهية هذه القوة المصاحبة للنصوص القرآنية القادرة على التميز بين الجن الكافر والمؤمن. يقول أحدهم "أن الله عز وجل يعزز موقف كتابه بقدرته الإلهية" أي أن القوة الالهية تقف وراء هذا التأثير العجيب، ويقول آخر "تعد هذه المخلوقات قوة سلبية بينما القرآن قوة إيجابية، وهذا مايخلق التنافر بين القطبين"
بالإشارة الى الإجابة الأولى فإنها تفتح ثغرة أكثر خطورة من سابقاتها، حيث أبدت ثغرة تبتث الريبة والتشكيك بوحدانية الله وإنفراده بالربوبية. قد يتساءل البعض عن سبب هذه القفزة وقد يعتقد البعض بأنها محض مبالغة لا أكثر.
لكن حين نفسرها بالمطنق الإسلامي نتساءل أين العامل المشترك بين التدخل الإلهي لتعزيز موقف القرآن ضد مخلوقات هي بالأصل كافرة وترفض الإيمان بالله وبين وحدانية الله وإنفراده بالربوبية، سنكتشف نقطة الترابط حين نكتشف أن القرآن ليس وحده صاحب هذه القدرة الإعجازية.
شعوب أخرى تنتهج من الموسيقى وسيلة لتعذيب وطرد الجان وللعلاج من الحسد والمس الشيطاني، كموسيقى الكناوة المغربية، وشعوب تستخدم الدخان والبخور وتتعدد الوسائل من ديانة لأخرى للتعامل مع هذه الظواهر الغيبية كالمسيحية على سبيل المثال يزعم أصحابها بقدرة الصليب على ذلك.
ومن هذا الباب يندرج التشكيك بوحدانية الله عز وجل حين نجعل هذا التأثير القرآني مرتبطًا بالتدخل والدعم إلهي دون تأصيل من القرآن او السنة، وبهذا فإن من المؤكد أن أول ماقد يحضر للذهن، أن تلك الوسائل الهزيلة تحظى بدعم إلهي هي الأخرى، ولأنها تتنافى مع الشريعة الإسلامية فإنها ستحظى بدعم الهة ما غير الله عز وجل.
عمومًا: لست مؤمنًا بقدرة الجان على تحريك الإنسان خطوة واحدة دون إرادة منه. حين هبط آدم من السماء وسكن الأرض كان من الشيطان أن قطع عهدًا على نفسه أن يغوي ذريته ماستطاع الى ذلك سبيلَ، وكان من الله عز وجل أن أجزم على أن يملأ جهنم بمن أتبع الشيطان وأن الجنة فقط للمؤمنين.
ولأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول " رفع القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق" لم يتطرق لحالات المس الشيطاني ولو بكلمة، وهذا مايؤكد عدم خروج الحالة المصابة عن إرادتها، ولو أن الله عز وجل مكن الشيطان منا الى هذا الحد لما بقي لنا على الله حجة لانه قد مكن الشيطان التحكم بجوارحنا وكامل تصرفاتنا وذلك كله بإرادة الله، وهذا مالا يقبله عقل ولا منطق إسلامي لأن رحمة الله بنا أوسع من أن تجعلنا عرضة للشيطان وتطالبنا بنفس الوقت بعبادة الله، مالم فإن مصيرنا الجحيم.
أخيرًا: يقول أحد من مر بسؤالي على منصة الواتساب "انا والدي شيخ رقية شرعية" أكد لي هذا الصديق عن قدرة القرآن على تعذيب الجان وإحراقهم حتى الموت، قال بعد أن يحضر الجني ويتحدث بلسان المريض، تنذره ثلاث مرات وإن عاد فلك حق إحراقه بآيات ونصوص قرانية. قال أيضًا ليس أي شخص منا قادرًا على تحريك هذا التأثير القرآني الخارق، انما حين تقرأ بنية الإحراق او إستحضار الجان يكون تأثيره حاضرًا، اما بالنسبة للقرآءة العابرة فليس لها تأثير إطلاقًا. أي أن الأمر برمته نتاج لنية القارئ لا أكثر، وهذا يعني أن الأمر غير مرتبط بالقرآن، وهذا التصور أيضًا خاطئ.
ختامًا: خلاصة ما توصلت إليه إنما القرآن وتأثيره على الجان مرتبط بموقع الخطأ لا أكثر، وكما هو الحال مع أحد العصاة من بني البشر حين تقرأ عليه آية من كلام الله تكون زجرًا وردًا له عن خطيئته ومعصيته، يتمثل كذلك بذات التأثير مع الجان حين تنذره بكلام الله أثناء غرقه بالخطيئة، اما بالنسبة لتأثير القرآن فليس تأثير شمولي بكامل حياة وتفاصيل الجن، انما تعاطيها مع القران طبيعي، هي تسمع الناس تتلو القرآن وتعي معناه وتفهم انه قرآن ولكن لا تتأثر فيه مالم تكن بموقع الخطأ. هذا والله أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.