ونحن في العد التنازلي للمرحلة المفصلية في حياة شعبنا اليمني الذي عانى الأمرين جراء الصراعات السياسية والحروب والنزاعات فإننا في هذه المرحلة الراهنة من حياة شعبنا نؤكد بأن الحوار هو لغة العصر وهو حجر الزاوية لترميم النسيج الاجتماعي وهو صمام الأمان لهذه الأمة التي إذا ما أرادت أن تحيا حياة كريمة طيبة حياة خالية من المنغصات حياة يسود فيها العدل والمساواة وتتحقق فيها المواطنة المنشودة الغاية المثلى والطريق السوي الذي ستتحقق فيه الآمال والتطلعات.. إذ لا يمكن الحديث عن وطن آمن ومستقر دون حوار وطني جاد لا يمكن الحديث عن ازدهار سياسي واجتماعي دون أن يكون مسبوقاً بحوار وطني شامل يجمع كل فرقاء العمل السياسي لا يمكن الحديث عن تنمية واقتصاد وطني يكفل توفير العيش للجائعين دون أن يجرى حوار وطني تحل فيه مجمل المشاكل العالقة، فالحوار الوطني هو جسر العبور للوصول إلى ما ينشده الوطن وأبناء الشعب وبدونه فما من شك بأننا نرمي في هواء ونضرب في ماء وكل ما يدور هو عبث وتكلف في الأقوال والأفعال وهي الفتنة النائمة التي يلعن الله من يوقظها وطالما أن الحوار الوطني ستعود مردوداته في مصلحة الأمة التي تمثل أسمى الغايات المجسدة تشريعاً بالقاعدة العامة جلب المصلحة مقدم على درء المفسدة أنا لا أطرق هذا الجانب انطلاقاً من مفردات المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة والتي كانت أكثر حرصاً على إيراد الحوار كأساس لإعادة بناء اليمن، بل لأني أؤمن إيماناً عميقاً ومطلقاً بأن الحوار هو سنة الله في أرضه وسنة الأنبياء والصحابة فالله سبحانه وتعالى قد حاور نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم حينما فرض عليه خمسين صلاة في اليوم والليلة وحاور موسى عليه السلام وهذا الأخير حاور السامري عندما سولت له نفسه وحاور فرعون ... والخ. فالحوار يطرح الحجة بالحجة وفي مجتمعنا اليمني من العقلاء والحكماء من هم قادرون على تقريب وجهات النظر حول ما يختلف عليه إذا ما وجدت صدق النوايا لإنقاذ اليمن مما هي فيه، وإذا كنا نريد أن ندخل في حوار صادق وجاد فإنه لا بد لنا من مراعاة العديد من الضوابط التي تسهم في إنجاح ذلك الحوار ومنها على سبيل المثال: تصفية القلوب والنفوس من الأحقاد والضغائن والدخول إلى طاولة الحوار بنية الخروج بحلول ناجعة لما سيطرح دون عصبوية أو تمترس خلف آراء وأفكار لا تؤدي إلا إلى تعميق الهوة . تقليص المشاكل الخلافية في أضيق مكان دون التوسع فيما من شأنه تعميق الهوة والاستنفار ولنا في القرآن الكريم أرقى مبدأ في ذلك بقوله تعالى: »يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم الخ..« صدق الله العظيم. تنازل جميع أطراف الحوار عن أن يزلقوا بعضهم بنظرات دونية أو استعلائية أو يسلقوا بألسنة حداد لأن حصاد الألسن مر وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك من قبل معاذ بن جبل عندما أتاه وسأله أونؤاخذ بما تقوله ألسنتنا قال عليه الصلاة والسلام ويحك يامعاذ وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصاد ألسنتهم.. صدق رسول الله. الحوار من أجل الخروج بالوطن من دوامة الصراعات والنزاعات السياسية والحروب لا من أجل الخروج منه بمكاسب سياسية تجذر مرحلة جديدة للصراع السياسي. وهاهي الفرصة السانحة وأنظار العالم تتجه إلى اليمن لترى ما سيأتي به أصحاب الحكمة اليمانية في حوارهم القادم. وإذا كنا اليوم والجميع منهمك في إعداد ما يمكن إعداده للدخول به إلى الحوار نسمع غرباناً ونذر شؤم تنعق هنا وهناك تدعو إلى مقاطعة الحوار والتصدي له مستخدمين منابرهم لكاذب القول وباطل الحديث ومقلوب الحقائق تصف ألسنتهم الكذب وتروج أفكارهم النتنة يدعون إلى مقاطعة الحوار فهم العدو فاحذرهم قاتلهم الله.. أليس الحوار صلحاً والصلح خير والصلح جائز بين المسلمين قال تعالى »لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بمعروف أو إصلاح بين الناس« صدق الله العظيم.. أليس الحوار تسامحاً والتسامح من أخلاق وآداب المسلم. . عضو قيادة أحزاب التحالف الوطني رئيس فرع حزب جبهة التحرير نقلاً عن صحيفة تعز