تزامناً مع إطلاق التقرير العالمي لليونيسفلعام 2013م حول تحسين تغذية الأطفال فإن اليمن تركز على تحقيق نجاحات في مجال التغذيةوتعزيز الفهم وتوفير الدعم (داخلياً وخارجياً) للتغذية باعتبار ذلك استثماراً هاماًخلال الألف يوماً الأولى من حياة الطفل وهذا الأمر لا يُعد هاماً فقط لصحة ونمو الأطفالوإنما للتنمية إجمالاً وللاقتصاد في البلد. فمشكلة سوء التغذية ليست مرتبطة فقط بالجوعوإنما تعتبر مؤشر على محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية ذات الجودة مثل الرعايةالصحية والمياه الآمنة والصرف الصحي المناسب وكذلك ممارسات النظافة الشخصية والتغذيةالمناسبة. إن ضعف ممارسات التغذية (مثل التوقف عنالرضاعة الطبيعية) وكذلك نقص الأغذية المناسبة والموسعة كانت جميعها من العوامل الرئيسيةالتي ساهمت في استمرار الأزمة وبالرغم من أن توفر الأغذية الأساسية لوحده لن يعالجهذه المشكلة فإن كل من توفر واستخدام الأغذية المناسبة للأطفال يمكن أن يُحدث فارقاًفي تلبية الاحتياجات التغذوية الخاصة لهذه الشريحة.
الدكتور وسام التميمي مسؤول برنامجبقاء ونمو الطفل اكد بأن هناك تقارير تؤكد بمنظمة اليونيسيف أن ما يقارب من 60% منأطفال اليمن دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المزمن والذي ينتج عنه التقزمفي النمو وتأخر التطور العقلي، وأن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحادالشديد بلغ نحو 267 ألف طفل وأن العوامل الرئيسية التي ساهمت في استمرار الأزمة هيمحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والمياه الآمنة بالإضافةلضعف الممارسات الغذائية كالتوقف عن الرضاعة الطبيعية وعدم استخدام الملح المزودباليود والذي يؤدي إلى حدوث معوقات اجتماعية وتعطل النمو الجسدي . وأضاف التميمي: إن منظمة اليونيسيف تقوم بالتعاون المباشر مع وزارة الصحة فيالقضاء على سوء التغذية في اليمن من خلال الدعم وتوفير الاحتياجات التي تتقدم بهاوزارة الصحة العامة والسكان للمنظمة، كما أن هناك أكثر من (500) مرفق صحي يقومبتوفير تدخلات التغذية العلاجية بدعم منا ويجري تنفيذ أكثر من 250 برامجاً للتغذيةالتكملية في اليمن. جهود وزارة الصحة للسيطرة على ارتفاع معدل سوء التغذية في اليمن سعت وزارة الصحة العامة والسكان منخلال افتتاح العديد من المراكز الصحية التي تقدم خدمات العلاج الغذائي لحالات سوءالتغذية الوخيمة لإيجاد قاعدة معلومات ومؤشرات صحية وطنية حول سوء التغذية في اليمنو المحافظات والتي تتفاوت فيها المؤشرات بين الحادة والمنخفضة على مستوى المحافظاتوالمديريات و قامت بفتح 16 مركزا لعلاج حالات سوء التغذية مع المضاعفات و 505 مركزافي المديريات للتعامل مع حالات سوء التغذية بدون المضاعفات. من بينها مستشفى السبعين بالعاصمة صنعاء حيثيستقبل (8-10) حالات يومياَ مصابة بسوء التغذية الحاد وهي تواجه خطر الموت فيما هناك (14) حالة رقود و(60 ) حالةلدى الطوارئ تحت سن الخامسة . في العام الماضي استقبل القسم 2012م(600) حالة مصابة بسوء التغذية الحاد وتم علاج حوالي (297) حالة بالرقود والإشراف علىعلاج (306) في العيادات الخارجية وإعطائهاالحليب المناسب بمساعدة منظمة اليونسيف، موضحة أن الحالات تأتي إلى المستشفى وهي مشرفة على الهلاك وفي حالة مرضية سيئة نظراَ لضعف وعيالأهالي بإسعاف الطفل المريض ، فيما يتم تحويل الحالات الحادة المتوسطة والحالات المتوسطة الى مركز دار سلم بالعاصمة. حيث اكدت رئيسة قسم سوء التغذية وأمراض الطفولة بمستشفى السبعينبالعاصمة صنعاء أن إرتفاع معدلات الإصابة بسوء التغذية الحاد ناجم عن نقص الغذاء وعدماستيفائه للمقومات الغذائية السليمة التي يستفيدمنها جسم الطفل وذلك بسبب نقص الوعي لدى الأمهات بكيفية تنويع الغذاء المحتوي على فتيامينات وفائدة صحية للطفل. الوضع الصحي في اليمن .. تبدو مشكلة سوء التغذية في اليمن بأبعادهاالمختلفة مؤشر خطر حقيقي ، فهي على الصعيد الاقتصادي تمثل عائقاً حقيقياً أمام التنمية,وتحدياً كبيراً يواجه الحكومة اليمنية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة, ومعها تتوالىخسائرها الاقتصادية سنوياً بوتيرة متزايدة، حيث تقدر ب (3%) من الناتج المحلي الإجمالي,ووفقاً لتقديرات عام2012م بلغت خسائرها السنوية (254 ملياراً و 538 مليون ريال). تصنف اليمن بحسب معايير منظمة الصحة العالميةمن الدول التي تعاني من سوء تغذية خطير حيثتشير التقارير إلى أن (10ملايين) يمني يعاني من انعدام الأمن الغذائي، وأن (5 ملايين)من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، بينما يرزح مليون طفل دون سن الخامسةتحت وطأة المعاناة من سوء التغذية الشديد في جميع أنحاء البلاد، وما يزيد عن (270ألف)طفل مهدد بالموت بسبب سوء التغذية. ووفقاً لتقارير سابقة تعود إلى العقد الماضي،فما نسبته (25%) امرأة في اليمن تعاني من سوء التغذية، وهي نسبة كبيرة تعكس بوضوح شيوعالمعاناة بين النساء اليمنيات من نقص طاقةٍ مزمن ، فيمَ تشير التقارير ذاتها إلى أنالنساء اليمنيات في سن الإنجاب يعانين- كذلك- من فقر الدم. ويعاني ما يقارب 60% من أطفال اليمن دونسن خمس سنوات من "سوء التغذية المزمن" والذي ينتج عنه التقزم في النمو وتأخرالتطور العقلي ومع ذلك فإن ما يزيد عن طفل واحد من بين كل ثمانية أطفال في اليمن(267,000 طفل) دون سن خمس سنوات يعاني من سوء التغذية الحاد الشديد (SAM) وذلك يعني أنه يواجه خطر الموت بسبب أمراض الطفولةالشائعة ، هناك أيضاً 730,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد المتوسط (MAM) والذي يعني كذلك ازدياد مخاطر الإصابة بالأمراضومن ثم الوفاة. وبحسب دراسة استقصائية قام بها برنامج الأغذيةالعالمي بالتعاون مع الجهاز المركزي للاحصاء باليمن ومنظمة اليونيسيف أن انعدام الأمنالغذائي في اليمن بلغ مستويات مثيرة للقلق مع وجود نحو خمسة ملايين نسمة غير قادرينعلى إنتاج أو شراء الغذاء الذي يحتاجون إليه. ويشير برنامج الأغذية العالمي في اليمنالى أن الجوع في تزايد مستمر في اليمن ويؤثر ارتفاع أسعار الغذاء اضافة إلى حالة عدمالاستقرار السياسي التي تشهدها البلاد على العديد من العائلات. وأضاف البرنامج ان 22 في المئة من السكانفي اليمن وهو ما يعادل خمسة ملايين نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد الىجانب خمسة ملايين يمني آخرين يعانون من انعدام الأمن الغذائي المتوسط ومعرضين لخطرالأمن الغذائي الحاد في ظل ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وحالة عدم الاستقرار السياسي. واكدت الوكالة الدولية للاغاثة في بريطانيا(أوكسفام) أن "اليمن على وشك الدخول في كارثة انسانية جراء تفاقم الجوع وانعدامالأمن الغذائي". واشارت المنظمة الى أن "الأسباب التيقادت الى تفاقم مشكلة الجوع في اليمن ساهمت في ارتفاع أسعار الغذاء والوقود الى جانبالاضطرابات السياسية والعنف". المعالجاتالتغذوية لحالات سوء التغذية .. الدكتور عبدالمجيد بجاش أستاذ علومالأغذية المساعد بكلية الزراعة جامعة صنعاء وضح بأن سوء التغذية يعني أنه الحالةالتي لا يحصل فيها جسم الإنسان على القدر الكافي من المواد الغذائية اللازمة مما يجعلهعرضة للإصابة بسوء التغذية سواء كان تناوله بإفراط أو نقص وسوء التغذية لا يقتصرعلى المجتمعات الفقيرة فقط كما يظن البعض ولكنه يحصل أيضاً في المجتمعات الغنيةلارتباطه بسوء اختيار الغذاء إذ ثمة رابط بين الغذاء والصحة وهذا الرابط قويفالغذاء مهم لحياة الإنسان ونموه ونشاطه ولمقاومته الكثير من الأمراض. وبالمقابلتسفر الحاجة للمكونات الغذائية الأساسية عن الإصابة ببعض الأمراض والعلل كذلك عندعدم توازن الغذاء أو غياب الاهتمام بنظافة ما نتناوله من أغذية وإبقائها عرضةللتلوث، كل ذلك يأتي ضمن سلسلة من المعوقات ذات الصلة بشيوع الجهل في اليمن بأسسالتغذية السليمة وجنوح الكثيرين إلى عادات غذائية غير صحية لا تلبي حاجة الجسمبقدر ما تلحقه من أضرار. ولا مفر من وصف الحال المترتب على نقص المكونات الغذائيةالأساسية بالمهدد الأول لصحة الأطفال خاصة ما يسمى بالخطر الوخيم لدرجة أن نقصعنصر واحد على الأقل من عناصر المجموعات الغذائية الثلاثة الأساسية المكونة للغذاءالمتوازن يعد كافيا لتعرض الطفل المرض من أمراض سوء التغذية، وهذه المكوناتالغذائية تتلخص في أغذية الطاقة كالحبوب والزيوت والمكسرات وأغذية النمو كاللحوموالألبان والبقوليات، بالإضافة إلى أغذية الوقاية كالخضروات والفواكه وذلك للوقايةمن التعرض لسوء التغذية. من جانب اخر تُعرِّفمنظمة الصحة العالمية سوء التغذية الحاد الوخيم في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين6-60 شهراً بأنه نقص الانحراف المعياري عن معايير منظمة الصحة العالمية بمقدار يقلعن -3 في الوزن منسوباً إلى الطول، أو هو نقص في محيط منتصف أعلى العضد عن 155 ملم،و/أو وجود الوذمة في الجانبين (تورم كلتا القدمين). ويصيب سوء التغذية الحاد الوخيم20 مليون طفل تقريباً دون سن الخامسة، ويرتبط بمليون إلى مليونين من وفيات الأطفالالتي يمكن الوقاية منها، كل عام(1). وهكذا فإن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذيةالحاد الوخيم يكونون عرضة لزيادة خطر الوفاة (بمقدار تسع أضعاف) عن ما يتعرض له الأطفالالذين يعانون من سوء التغذية العادي أو المتوسط وفي معظم البلدان النامية تبقى معدلاتإماتة الحالات مرتفعة وتتراوح بين 20 إلى 60%. أما الأطفال الذينيعانون من سوء التغذية الوخيم المصحوب بالمضاعفات (وهم الذين يعانون من ضعف في الشهيةأو الحمى أو الالتهاب الرئوي أو التجفاف أو الوذمة الوخيم، أو الرُّضع الذين تقل أعمارهمعن ستة أشهر) فتتم معالجتهم في مرافق رعاية المرضى الداخليين، حتى تزول تلك المضاعفات،وذلك بالاعتماد على الخطوات العشر لمنظمة الصحة العالمية المعنية بالتدبير العلاجيلسوء التغذية الحاد الوخيم وتنقسم تلك الخطوات إلى مرحلتين: مرحلة تحقيق الاستقرارومرحلة إعادة التأهيل . تهدف مرحلة تحقيقالاستقرار إلى التخفيف من الوذمات واستعادة وظائف الأنسجة والأعضاء، وتتضمن مرحلة تحقيقالاستقرار معالجة الالتهابات وغيرها من المشكلات الطبية، وتوفير الطاقة والمغذيات الكافيةلوضع حد لفقدان العضلات والدهون، وتصحيح اختلال توازن الكهارل باستخدام نظام غذائيمن مستحضرات F-75 الذي يحتوي على 75 كيلو كالوريو0.9 جراماً من البروتين في كل 100 مليلتر. أما أثناء مرحلةإعادة التأهيل فيُزوَّد الأطفال بطاقة ومغذيات إضافية لاكتساب الوزن بسرعة واستدراكالنمو ويُوصَى في تلك المرحلة باستخدام نظام غذائي من المستحضر F-100 الذي يحتوي على 100 كيلو كالوري و3 جرامات من البروتين في كل 100 مليلتروكذلك ينبغي تزويد الأطفال بالاستثارة العقلية من خلال جلسات اللعب لتحسين النماء المعرفي،وفي ذلك يتلقى القائمون على الرعاية الدعم اللازم لتفادي نكس سوء التغذية. أما الأطفال الذينيعانون من سوء التغذية الوخيم غير المصحوب بالمضاعفات (وهم الذين يحتفظون بشهيتهم ويتمتعونبحالة سريرية جيدة وعلى درجة طبيعية من التنبه) فيمكن تدبير أمر علاجهم ضمن المجتمعالمحلي نفسه أو عبر عيادات المرضى الخارجيين وباستخدام الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام. لقد تم تطوير الأغذيةالعلاجية الجاهزة للاستخدام بحيث تكون أغذية مغناة بالمغذيات الزهيدة المقدار وذاتطاقة مكثفة وذات خصائص مشابهة لمستحضرات (F-100 (4. وهذه الأغذيةلا تتطلب الطهي وتحتوي على مواد منخفضة الرطوبة، وعلى ذلك يمكن الاحتفاظ بها لمدة طويلة،كما لا تتطلب خضوع الإطعام للإشراف.