أهلا .. كيف حالك ؟ .. أينك غائب هذه الأيام ؟ .. وأيش عامل ؟.. وشوية دردشة على شوية شكا وبكى - وكالعادة - تنتهي لقاءاتنا المستعجلة بعبارة : أي خدمات. وفي الشارع سيصادفك أحدهم وتجده يسألك: ها، كيف الحال؟ وكيف الصحة ؟ وستسرد له قائمة عريضة من المتاعب والمواجع اليومية ، وستلقاه وبكل برود يقولك: المهم أنت مُرتاح !و.. أي خدمات ؟! وعلى هذا الرحيل كل يوم ،من أول النهار وحتى أواخر الليل ، ونحن نعرض خدماتنا للرايح وللجاي.. بمناسبة أو بدون مناسبة.. صغيرنا مع كبيرنا.. شاب أو عجوز .. امرأة أو رجل .. غني أو فقير..حكومة أو معارضة.. يميني أو يساري .. مدني أو عسكري .. موظف أو عاطل عن العمل . لا فرق أبداً بين أول تلك الأزواج وثانيها، كلنا في الهوى" أي خدمات" . المدير الذي يعرقل معاملتك وتظل – طيلة أسابيع وشهور- تلاحقه من مكان إلى آخر يستقبلك:أهلاً .. أي خدمات. ولحظة أن تغادر مكتبه وأنت مغلوب لأنك لم تنجز شيئاً مما جئت لأجله ، يودعك بحرارة وهو يقولك : نلتقي إن شاء الله .. أي خدمات !.. سيجدك أحدهم وأنت تلحف الإسفلت مشياً على الأقدام وسيمر بسيارته مسرعاً من أمامك .. وأول ما يلمحك تسير من أمامه ، سيخرج يده من نافذة السيارة ملوحاً بها وهو يردد لك : أي خدمات أنا رهن الإشارة . مع إن إدارة المرور غلب حالها وهي تشكو من سيارته التي لا تحترم الإشارة على الإطلاق ؟! ومن طرائف ال أي خدمات هذه .. أن زميلاً قطع مسافة 3 كم بحثاً عن أمين الصندوق ليستدين منه مبلغاً إلى آخر الشهر ، ولما وصل إلى بيته - بعد يا شاهدين أشهدوا - كان أمين الصندوق هو الآخر (طفران) ، لكنه استقبل زميله بحفاوة وانتهي اللقاء المُحبط بينهما بدردشة خفيفة .. وتوادع الاثنان وداعاً حاراً . الأول : كان خاطرك هاه .. أي خدمات . الثاني: شكراً حبيبي .. أي خدمات لك أنت" أبب والزنط ؟! وأما الموقف الذي جعلني أضحك وأبكي لا حزناً ولا فرحاً هو أنني زرت – في إحدى المرات - أحد الجيران في السجن .كان المسكين يحدثني – من خلف القضبان بكلام مبكي ويقولي: أنا بوجهك تابع القاضي.. تابع القضية في النيابة.. جهالي لوحدهم .. حتى كسوة العيد حرام ما معاهم للان .. أنا ضايع وراكن على الله وعليك . ودعته وأنا – بالكاد أغالب دموعي . ورحت أطمئنه والحزن يأكل كلماتي : خلاص ولا تقلق، إن شاء الله أعمل كل اللي اقدر عليه . مد يده لحظتها وصافحني بحرارة – من خلف القضبان - وهو يقول لي : طيب أي خدمات لك !لحظتها انفجرت ضاحكاً وأنا أتخيل نوع الخدمة التي يمكن أن يقدمها لي رجل مخنوق خلف أسياخ من الحديد الصلب ؟! [email protected]