حين تستقر مصر ينام الوطن العربي مطمئناً، لأنها قلب الخريطة وأم الدنيا.. فحين تمرض مصر تتداعى العواصم بالسهر والحمَّى. بالأمس تم الاحتفال بتنصيب المشير عبدالفتاح السيسي رئيساً لمصر، وأصبح لمصر رئيس سابق اسمه عدلي منصور، الذي سلَّم السُّلطة بدون أي عرقلة كما فعل طنطاوي من قبل. لم تشهد مصر حفل تنصيب رئاسي كما شهدت بالأمس.. ربما لأنهم يرون في السيسي مخلصاً طال انتظاره، وحقَّ لمصر أن تحتفل به، فهو نافذة الضوء الذي جعل الظلاميين يتوقَّفون عن أذيَّة مصر، بعد أن كانوا يهددون بإحراقها وتدميرها إن لم يستتبّ لهم الأمر ويعود المرسي إلى الكرسي. يعرف السيسي أن المظاهر لن تخدع المصريين، وأن الحماس الذي أبدوه تجاه انتخابه رئيساً لن يدوم دون عمل يلمسه الشعب المصري، ويعرف جيداً أنه لا بد أن يعمل لصالح مصر وشعبها، لأن المصريين لا يطبِّلون لحاكم كبقية الشعوب، فحين يتحدث المصريون عن المستقبل يقولون مصر.. في أناشيدهم، وقصائدهم، وأغانيهم الوطنية، مصر فقط. ويدرك السيسي أن مصر خارجة من ثورتين، ويقع عليها عبء اقتصادي كبير، وبطالة أكبر، وفساد وبلطجة كانت من مخرجات هاتين الثورتين، وما ينتظره الشعب المصري منه هو البدء بالملف الاقتصادي والأمني، لتزدهر السياحة التي هي مصدر الدخل القومي لمصر، وينام المواطن المصري آمناً وشبعانا. توقعنا أن يفعل الرئيس عبدربه منصور هادي كما فعل عدلي منصور، فقد قال حين تسلَّم السُّلطة أنه سيأتي بعد عامين، ويقف في هذا المكان، ليسلِّم السُّلطة إلى الرئيس المُنتخَب، لكنه عضَّ عليها بالنواجذ، وصَمَت الشعب، واستسلمت الأحزاب، وأصيبت النُّخب المثقفة بالصمم. نحلم بيوم كيوم مصر، لكي ينام الناس في بيوتهم بدلاً من أن يناموا في طوابير أمام محطات البترول.