من شاهد وتابع المقاطع التي تبثها الجماعات الإرهابية المسلحة لعمليات القتل والتهجير للسكان والنهب للمصالح والتفجير لمراقد الأنبياء، سواء في العراق أو سوريا أو اليمن أو غيرها، لا شك سيصاب بالصدمة والرعب من هول ما يراه من هؤلاء الذين تجردوا من آدميتهم ومن كل القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية، وبالتأكيد فهم لا دين لهم ولا هوية، بل إنهم ينسبون أنفسهم إلى الدين الإسلامي ظلماً وعدواناً على هذا الدين الحنيف، دين الرحمة والمحبة والتسامح والسلام. إن ما بثَّته هذه الجماعة عن عملية إعدام الجنود في محافظة حضرموت، وبدم بارد، وما تبثه مثيلاتها من هذه الجماعات الإرهابية عبر وسائل إعلامها حول عملياتها الإجرامية في العراقوسوريا يؤكد أن هذه الجماعات تسعى للشهرة على غرار ممثلي أفلام هوليود، لذلك فهم يقلدونهم في طريقة أدائهم وفي كل حركاتهم، لكن الفرق أن أفلام هوليود تمثيل في تمثيل، بينما ما تقوم به داعش وأخواتها واقعي وحقيقي، والناس الذين يقومون بذبحهم وقتلهم ليسوا من الممثلين الكومبارس والمجاميع الذين تتم الاستعانة بهم لأداء أدوار مساعدة بمبالغ زهيدة، ومن ثم يعودون أدراجهم، وربما أن بعضهم أصبحت وظيفته ومهنته يقتات منها، كما أن المباني التي يتم تفجيرها وتدميرها في الأفلام ليست سوى هياكل، بينما الناس الذين يتم قتلهم هنا ليسوا ممثلين بل بشر يتم إزهاق أرواحهم بدم بارد، والمراقد والمباني التي يتم تفجيرها حقيقية، وهكذا فقد تفوقت جماعات داعش وأخواتها على ممثلي هوليود وصوَّرت الدين الإسلامي للعالم على أنه دين القتل والإرهاب والتدمير. في اعتقادي أن قيام هذه الجماعات بتصوير وتوثيق كل جرائمها وبثها يهدف إلى تشويه الدين الإسلامي، لأن كل من يشاهد هذه المناظر من غير المسلمين سيراجع نفسه أكثر من مرة إذا كان يفكر في اعتناق الإسلام، ولا شك أن تمويل هذه الجماعات يأتي من جهات تريد النيل من ديننا الإسلامي وعظمته، فما تحصل عليه من دعم وتسهيلات مالية ولوجستية وإعلامية وظهورها القوي بهذه الطريقة يدعو للشك والريبة، ويؤكد أن هناك أموراً تدار في الخفاء للوصول إلى إظهار الدين الإسلامي بصورة مشوهة، وبالتأكيد فإن ما نراه من هذه الجماعات يمثل اعتداء صارخاً على القيم الإسلامية التي جاء بها الدين الإسلامي، ويؤكد أن وراء هؤلاء مخطط لقوى استعمارية تسعى من خلاله إلى تمزيق المنطقة والسيطرة عليها وتشويه الإسلام وإظهاره بأنه دين القتل والإرهاب والتدمير وعدم القبول بالآخر، وغيرها من الأمور التي يستغلها أعداء الإسلام أحسن استغلال، بل أنهم ينفقون المليارات لتشجيع مثل هذه الحركات وإبراز أعمالها الإرهابية في وسائل إعلامهم لتحقيق أهدافهم. كل ما نشاهده من أعمال قتل وتدمير وتخريب ونهب ومناظر تقشعر لها الأبدان يحتم ضرورة إنشاء تحالف إسلامي عربي قوي لمواجهة هذه الجماعات والقضاء عليها، تشمل استراتيجية إعلامية وأمنية واستخباراتية وعسكرية وتفعيل دور علماء الأمة المعتدلين والمؤسسات الدينية التي تم تغييبها مثل الأزهر الشريف وغيره لتوضيح حقيقة الدين الإسلامي، وليس كما يريد تنظيم داعش وأعداء الإسلام تصويره على طريقة أفلام هوليود.