- اليوم جُمعة، وهذا يعني الذهاب إلى الصلاة في مسجد "الصوفي" القريب من منزلنا والاستماع الإجباري لما يقوله الخطيب دون اعتراض! - مبدئياً خطيب جامعنا مدرسٌ لمادة القرآن بالصفوف الأساسية وهو شخص معتدل لا يتدخل في شؤون السياسة ومثالبها، ولا تقنعه الحاجة للتطرف، عقله سليم وهذا شرط جوهري لكل من يفكر في الصعود إلى المنبر لتلقين الناس ما يريد لا ما يأمر به الله من الحب وحسن المعاملة والعفو وكل الصفات النبيلة والعظيمة التي اختصها الله جل في علاه لنفسه سبحانه. - الإنسان خليفة الله تعالى في الأرض، نفخ فيه من روحه، وأهداه كوكباً كاملاً للعيش والتعايش ومنحه رزقه وخيراته وحدد لكل البشر منهاجاً ومعايير محددة، وجعل لهم نظراء في الخلق هم عالم "الغابة" كوجود حي يقارنون به أنفسهم ويتعلمون منه حين يفقدون مكرمة العقل والرشد والهدى. - الحيوانات لها كل الصفات الجينية والوراثية الموجودة في البشر لكنها بلا "عقل"! تتحكم فيها غرائزها فقط، شهواتها تقضي عليها وتجعلها عالماً متوحشاً يذكرك كل لحظة بمساوئ فقدان المرء لعقله وتفكيره وإدراكه!. - في صباي تمنيت أن أكون "أسداً" قوياً لأدفع عن نفسي وحشية أقراني الذين يسومونني سوء العذاب بلا مبرر، كنت أسألهم: لماذا تضربونني؟ ولا أجد إجابة سوى اللكمات والركلات!!، لم يكن أولئك الصبية يملكون عقلاً أو رحمة أو سبباً لمهاجمتي، كانوا قطيعاً من العنف، ووحده العمر الصغير يبرر تصرفاتهم الفاشية، فكيف بالذين يخطبون في منابر الدين ويعتلون أعناق الناس ويحكمون على رقابهم إذا فقدوا عقولهم وهم كبارٌ في مواقعهم ومناصبهم ومسؤولياتهم، يحشدون للكراهية ويصرخون من أجل الموت والزوال للأعداء. - لم يلعن الله اليهود، بل الذين كفروا من بني إسرائيل، الله لا يلعن أناساً آمنوا برسوله، والفهم الخاطئ للقرآن والكتب السماوية تُنزلنا من مقامنا المُكرم إلى مرتبة "الحيوان" الذي يشتهي السبي والنهب والسلب ولا يأخذ حقه إلا بيده. - لا فرق بين ما يفعله "الحوثي" في صرخته الشمطاء عن متطرفي الوهابية الذين يدعون في خطبة الجمعة ويتضرعون الله أن يجعل نساء وأولاد اليهود والنصارى سبايا لنا، وأن يرينا فيهم عجائب قدرته وأن يقتلهم جميعاً ولا يبقي منهم أحداً ويمزقهم بددا! - مذ اعتمدنا ذلك الدعاء الغريب والنصارى واليهود يتفوقون علينا في كل شيء، فالله لم يخلقهم لنقتلهم ونزهق أرواحهم التي هي بضعاً من روحه، لم نسأل أنفسنا يوماً لماذا نشتاق لاستعباد نسائهم وأولادهم؟.. لاحظوا فقط أن أحداً منّا لم يقل : اللهم اهدهم واهدنا إلى صراطك المستقيم. .. وأقم الصلاة!.