أخطر ما يمكن أن تواجهه أي دولة هو الأموال الاستخباراتية التي يجري ضخها هنا وهناك.. وهي أموال تأتي في ألبسة يتستر وراءها الأبالسة ،وفواتيرها في العادة الكثير من الصراع والصراخ.. ومن يسترجع الذاكرة نحو ما جرى وما يزال يجري في منطقتنا سيقف على حقائق يشيب لها رأس الغراب .. ومع ذلك ليس في القوم من يجيب على السؤال القرآني "فهل من مدكر". ولا يمكن الفصل بين المخططات طالما والنتائج واحدة حيث الهدف يقود إما إلى دولة فاشلة أو إلى نظام في أزمة .. وليست الأزمة والفشل إلا المناخ الذي يمهد للصراع الحزبي والطائفي والمذهبي على النحو الذي شاهدناه في لبنان والصومال والعراق ثم مدد أقدامه في كل الاتجاهات الناطقة بالضاد أو المنضوية تحت راية بلاد العرب أوطاني إلى ما هنالك من أبيات مغناة.. أنشطة استخباراتية تركية وإيرانية وإسرائيلية وخليجية ومجتمعات نخرتها مؤسسات ونقابات مدنية بدعم مشروط في أجندة تلبي احتياجات الأغراب فيما الضحايا دائماً هم الأعراب. ولا يخفى على عاقل قريب من بعض منظمات المجتمع المدني وبعض قياداتها كيف يتخفى بعض الصهاينة تحت جوازات سفر أمريكية وأوروبية ويتفانون في تنفيذ برامج للشباب والمرأة يطغى فيها السم على العسل.. ورش عمل ترفع بيرق الحريات العامة وفنون التفاوض، وما إلى ذلك من العناوين البراقة يكون فيها المشارك الملهم هو الذي يقدم نفسه أقل وطنية وأكثر وقاحة وقدرة على استعراض ملكاته في الإساءة والشتم والخروج على قواعد المجتمع. ومن يحاول سبر أغوار دوافع الأوغاد القادمين من أعالي البحار، لن يخونه ذكاؤه في رصد أخطر اتجاهات التفكير عندهم، حيث تتسابق منظمات مشبوهة على أموال حكومات ترصد في موازناتها من المال السياسي الذي يضخ في البلدان على أسس تمزيقية مقيتة. إن حكومات ومنظمات خارجية تعتبر أن عدداً من الدول العربية تم تركيبها جغرافياً وسياسياً بصورة خاطئة وتحتاج إلى التفكيك .. وهنا يسهل استعراض مشاريع التمزيق التي تتبلور الآن تحت مسميات عديدة يجمعها هدف واحد.. ودائماً فإن الديمقراطية المشوهة تتولى مهمة حصان طروادة في تنفيذ التقسيم الرأسي والأفقي للعالم العربي على أساس مذهبي وطائفي، حتى أن التجربة الديمقراطية في لبنان يأكلها الصراع الطائفي رغم ما قطعوه من شوط في ميدان العلم والانفتاح على حضارة الضفة الأخرى من البحر المتوسط.