إن تولي الرئيس هادي السلطة في اليمن فتَح قطعياً شهية نجله جلال للهيئة والاستبداد بالقرار من منطلق شعوره بالخوف من زوال السلطة من أبيه. لذلك ومن أجل البقاء لفترة طويلة في السلطة فهو يسعى إلى خلق حالة من التناحر لتمزيق أي تقارب بين القوى السياسية وتأجيج مناخ العداء بين أطراف متعددة. استسلم جلال لهيمنة الشعور بالخوف من زوال سلطة وصلت إليه ولم يكن يحلم بها، فقاده الخوف إلى القيام بردود أفعال مفرطة وغير مناسبة كاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لبث الشائعات أو التدخل في كثير من التعيينات التي يصدر بها قرار جمهوري. وهو لا يكتفي بذلك، بل يسعى بكل قوة لتفكيك المؤتمر الشعبي العام مسنوداً بدعم تركي قطري بهدف إضعاف المؤتمر ورئيسه الذي تعتبره هاتان الدولتان يشكل حجر عثرة أمام جماعة الإخوان التي خسرت كثيراً بسبب ممارستها الخاطئة في الحكومة وبسبب مواجهاتها مع جماعة الحوثي. إضافة إلى ما سبق هناك دافع شخصي لدى جلال في إصراره على تفكيك المؤتمر يتمثل هذا الدافع باستمرار والده في الرئاسة أكبر وقت ممكن. فهو يدرك أن أي انتخابات ستصب في صالح أحمد علي نجل الرئيس السابق رئيس المؤتمر. وجلال لا يريد أن يكون أبوه محللاً لصالح ونجله الذي يحظى بشعبية واسعة. وعلى هذا الأساس فهو يسعى إلى قطع الطريق على أحمد علي متخذاً وسائل عدة أهمها: 1-التعاون مع بعض القيادات المؤتمرية المحيطة بالرئيس صالح والمقربة منه لمنعه من اتخاذ أي قرار يبعد الرئيس هادي من المؤتمر فينكشف الغطاء عنه ويصبح المؤتمر متحرراً في قراره السياسي والمالي. 2-الضغط على القيادات المؤتمرية في المحافظات الجنوبية والشرقية بالترغيب والترهيب لتشكيل مؤتمر جنوبي يمكن من خلاله التخلص من الضغط الذي يمارسه أعضاء المؤتمر بالدعوة لعقد المؤتمر الثامن. 3-بث الإشاعات حول المؤتمر وقياداته من خلال المواقع التي تتبع جلال والتي ينفق عليها بسخاء من خزينة المال العام. الدافع الذي يحرك جلال واضح. فهو يريد الاستمرار في إدارة مؤسسة الرئاسة. وهذا لا يأتي إلا بإبعاد المؤتمر الشعبي العام بأي طريقة كانت، لأن المؤتمر هو الذي صعد بأبيه إلى الرئاسة وهو الحزب الذي ينادي بإنهاء الفترة الانتقالية بحسب المبادرة الخليجية. من الواضح أن الرئيس هادي وابنه جلال ينفذان استراتيجية واضحة المعالم تتمثل بشل حركة المؤتمر الشعبي العام. فالرئيس هادي وجماعته الذين يلتفون حول رئيس المؤتمر يمنعون انعقاد اللجنة الدائمة منذ فترة طويلة، فكلما اتخذت اللجنة العامة قراراً بانعقاد اللجنة الدائمة كلما حاولت جماعة عبدربه تمييع القرار واستثمار الوقت حتى يموت القرار وهكذا. إن الأخطار التي تترصد المؤتمر الشعبي العام لا تأتي فقط من خارجه بل من داخله أيضاً، وعلى هذا الأساس يتوقع المراقبون تفكك المؤتمر الشعبي العام خلال المرحلة القادمة نتيجة لعدم قدرته على ممارسة الديمقراطية داخله، ومصادرة حق اللجنة الدائمة في الرجوع إليها فيما يتعلق بقضايا الحزب وعقد المؤتمر الثامن. كما يعتقد المراقبون أن استمرار المؤتمر بهذه الكيفية سيصب في صالح جلال الذي يصر على تمزيق الحزب مدعوماً – كما قلنا- من تركيا وقطر، ومباركة الإخوان المسلمين من جهة والحوثي من جهة أخرى. يستمد جلال قوته من موقع أبيه في الرئاسة ويتولى بطريقة غير مباشرة الأمين العام للمؤتمر بحكم موقع أبيه كأمين عام التي تعتبر بمثابة مكتب سياسي، وتمتلك صلاحيات واسعة أهمها تحكمها في أموال الحزب وصرفها. إضافة إلى ذلك فهو يستمد قوته من عدم قدرة رئيس الحزب ومعه اللجنة العامة في اتخاذ القرار الحزبي في الوقت المناسب. من يتابع تصرفات جلال يدرك إصراره على تفعيل دوره ليس فقط فيما يخص الرئاسة والحكومة، بل أيضاً على مستوى المؤتمر ولقاءاته مع رؤساء الفروع، ونحن لا نشك أن هناك من يدفع بجلال للعب دور سياسي بجوار والده الذي تقدم به العمر كثيراً، ولم يعد قادراً على متابعة كل ما يدور حوله بالاستعانة بعدد ممن يحظون بثقة أمريكا مثل بن مبارك وآخرين ممن دفعت بهم شوارع عواصم المدن في 2011م ممن يعتقدون أنهم سيحصدون امتيازات وثروات ومحسوبيات. لقد أصبح جلال مصدر المعلومات الرئيس لوالده، فهو يصور له أن علي عبدالله صالح يشكل خطراً على استمراره كرئيس وأنه لا بد من إزاحته عن طريقه. يساعد على ترسيخ هذه الأفكار في رأس عبدربه مجموعة من المحيطين بعلي عبدالله صالح الذين يطمحون لمواقع جديدة ،وإذا لم يدرك علي عبدالله صالح ذلك ويتحرك بآليات جديدة تحرك الدماء في عروق المؤتمر، فلن يبقى من المؤتمر سوى الرأس، بينما سينفصل الجسد وسيتوزع بين أطراف عدة، حينها سيكتشف جلال أنه كان يبني وهماً.