كان على المتحدثين الرسميين الذين أباحوا لجمهورية "إيران" الإسلامية التدخل في اليمن على قياس التغول الخليجي أن يتحدثوا عن تدخل من نوع آخر غير السلاح والشعار والمذهب! - إيران دولة عظمى - على الأقل - في منطقة الأغبياء العرب يمكن أن تكون كذلك، تتحدث مؤشرات التنمية الإيرانية عن أرقام مذهلة وعن كفاءات وخبرات وعقول تجاوزت العدد المسموح به في دول العالم الثالث، جامعاتها، علومها، لغتها، قوتها، حضارتها، مكانتها ومواردها ليست في متناول اللبنانيين أو اليمنيين على حد سواء رغم الاهتمام الفائق بكلا الشعبين الحزينين! - زرت لبنان مطلع الشهر الماضي من العام الفائت، شوارعها مزدحمة بصور الزعماء المحليين، أرسَلت إليهم إيران الكثير من فقهاء المذهب وخبراء السلاح، ولم تمنحهم مقعداً دراسياً واحداً في علوم الطب والفيزياء أو الكيمياء والاقتصاد، وكان على اللبنانيين البحث عن دول الغرب التي تعاديها إيران لاكتساب علوم الحياة النافعة، حيث تُقدر عدد المنح الدراسية المجانية التي تقدمها دولة صغيرة مثل "كندا" إلى شباب وطلاب لبنان بسبعة آلاف مقعد مجاني في مختلف العلوم الإنسانية والعلمية. فيما تكفل الرئيس الراحل رفيق الحريري بنفقات أكثر من 36 ألف طالب لبناني سنوياً من مختلف الطوائف لمدة 20 عاما موزعين في معظم دول أوروبا لاكتساب العلم والمعرفة. - كذلك الجيرة الخليجيون لا يستطيعون بذل العلم لإخوتهم العرب فأقصى ما يقدمونه هو فتاوى "ابن باز" أو كتيبات "ابن عثيمين"، الإيرانيون يشبهون دول الخليج الثرية يرسلون الفقهاء وكتب الشيعة وفقه الجدل والدجل الديني العقيم. - لا يمكنك اعتبار "أميركا" مصدراً للشر في العالم ما لم تكن أنت قيمة خير نقية، وقوة تتحكم في رأس المال الذي يمثل عنوان الهيمنة الأميركية بمصائر الشعوب والأمم، والحديث عن اقتراب سقوط الولاياتالمتحدة تزوير محض، ربما لن نشهده في حياتنا أو حياة عيالنا، وما يمكن جعله عنواناً لكراهية "أميركا" القاتلة، هو ذات العنوان الذي يجب أن نقيس عليه معاداتنا الغائبة لبعض دول الخليج وإيران، وللمعترض البحث عن عدد العلماء الحقيقيين والنوابغ الأفذاذ في "جنوبلبنان" التي يسيطر عليها حزب الله مسنوداً بمدد إيراني في السلاح وخبراء حروب العصابات فقط!، وسيجد الباحث المعترض أن لا أحد فعلاً من العلماء الذين تستفيد منهم الأمم في نهضتها!، وبمقارنة مناطق "الدروز" والمسيحيين سيجد الكثير من النجوم الأفذاذ أمثال "شارل عشي" و"جبران خليل"، وبالنسبة للخليج عموماً فهي على ثرائها عقمت عن تقديم أنموذج إنساني أو علمي من ساكني مشيخاتها المتصلبة بمناهج الفقهاء المتخلفين!. - لن أضطر لترديد شعار "الموت لأميركا" الذي ترفعه جماعة "الحوثيين" في اليمن، حتى أجد أن ما تمنحني إياه الدول التي تغذي هذه الشعارات في بلدي هو العلم والتكنولوجيا، الاقتصاد والعقول، أريد يمنيين نوابغ يستفيدون من تراكم المعرفة الإيرانية الواسعة وأريد حضناً إيرانياً يدافع عني ويدفع لي لبناء وطني وشباب اليمن، لا أريد سلاحاً ولا رجال دين ولا طوائف.. أريد عقولاً.. حينها سنجد جميعاً أن شعارات الكراهية المستنسخة من عصر الثورة الإيرانية القديمة عبارات غبية لا ضرورة لها، فقد أصبح لدينا عقل، والعاقلون لا يكرهون أحداً وإنما يؤثرون في تعميق قيم السلام والعلم والعدل على كل مخلوق يعيش في هذه الأرض التي تئن من الجاهلين والحمقى، وهم كثير!. .. وإلى لقاء يتجدد