على ما أعتقد إن صواريخ العدوان السعودي لا تطلب قبل انفجارها إبراز بطاقتك الشخصية! أتظنها تفعل ذلك؟ يا للأسف ويا للخزي هناك صنف من الناس مؤمن حقا بهذا، أو هكذا يحاول تصوير الأمر. أسلحة الدمار الشامل لا يهمها ما إذا كنت سلفيا أو حوثيا، مؤيدا لصالح أو معارضا له، هي تنفجر فحسب، بدون أن تعيد حساباتها في الثواني الأخيرة ولو لمرة واحدة وتتراجع "المعذرة يبدو أنني أخطأت الهدف". تكنولوجيا مثل هذه لم تُصنع بعد، لكن هناك على ما يبدو تكنولوجيا أقدم وأكثر فتكا يمكنها أن تفي بالغرض وأكثر، وبراءة اختراعها سعودية، لكن ليست سعودية مائة بالمائة. قتلنا في سبيل إنقاذ أرواحنا، بدا منطق العدوان السعودي كذلك فعلا، لكأنه لسان حال فتوى ابن تيمية التي أجاز بموجبها تنظيم داعش إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبه حرقا "فأما إذا كان في التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان أو زجر لهم عن العدوان فإنه هنا من إقامة الحدود والجهاد المشروع". يقول رجل دين سعودي: "التمترس يعني قتل المسلمين الذين لا ذنب لهم بحجة وجود العدو بينهم! فتوى قال بها ابن تيمية ولا تزال تقتلنا إلى اليوم". حتى مجرد أن نقول إن سبب العدوان ليس صالح والحوثيين، فيه إشارة ضمنية لإمكانية وجود سبب آخر وجيه يبرر للعدوان جرائمه، إذ لا يمكن أن يكون هناك سبب باستثناء سبب واحد فقط، هو صلف السعودية وتشبثها برؤية يمن طوع أمرها، وتفصيل سلطة ومعارضة يمنية على مقاسها على الدوام، ثم إنه ليس شرطا أن تتطابق مصالح اليمن والسعودية كليا على طول الخط، ومتى حدث مثل هذا في علاقات الدول بعضها ببعض؟! حتى لو سلمنا جدلا بأن صالح والحوثيين مشكلة، فمن المحال أن تكون السعودية حلا، والشقيقة الكبرى يمكنها أن تفعل أي شيء وتنفع دول العالم أجمع إلا أن تنفع اليمن، والعيب ليس فينا بالتأكيد، هذا جزء من عقيدتها أصلا، وهذه العقيدة تقضي بأن تكون اليمن مشكلة حلها بيد السعودية فقط، وتجارب الماضي القريب والبعيد تؤكد تعارض مصالحنا معها لألف سبب وسبب. حتى لو كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، موجودا بيننا وسعى باليمن إلى السير في طريق مستقل بعيدا عن تأثير الرياض، لما ترددت السعودية لحظة في شن العدوان علينا الواحد تلو الآخر، مع عدم إغفال أنها أجبن من أن تجرؤ على اتخاذ قرار كهذا من تلقاء نفسها، واسألوا سفيرها في واشنطن.