القبور التي تحتوينا برفقٍ هي الآن أجمل ما اخترعته الحياة.. أنا الآن أستهلكُ الليلَ أشعلُ كلَّ القصائد في رئتي، بتُّ أكتبُ للموتِ حين عرفتُ بأن الذي سوف يأخذ أرواحنا لا يحبُّ المديح. *** كتبتُ كثيراً، وغنَّيتُ كي أطْرِبَ الموتَ، أجعله يقشعرُّ إذا سمعَ النايَ.. كانت صباحاتُ صنعاءَ غافلةً عن مقاماتِ فيروز، كنتُ أفتِّش عن ملكِ الموت كيما أصادقه، كنتُ أذهبُ صوبَ المقابر علِّي أصادفه خارجاً وهو يغسلُ كفَّيه بعد الجريمة، علِّي أصادفه وهو يشحذُ سكِّينه.. وسأسأله: أيُّ يومٍ ستنوي اغتيالي!! *** أيا حضرة الموت: رفقاً فإني أحبُّ الحياة، ولم يرتوِ القلبُ بعدُ.. إذا جئتَ فافتح لقلبي نافذة صوبَ عبدالمجيد لأسأله: بين هذي الثواني التي أنتَ كلُّ بقيِّتها وارتعاشاتها، هل وجدتَ جواباً لأسئلةٍ كنتَ تُشعلها لتضيءَ مساءاتِ غيركَ!! هل كنتَ تدركُ أنكَ سوف ترى الموتَ وجهاً لوجهٍ - بكفَّين خاليتين سوى من خطايا القصيدة والأصدقاءِ- وفي كفِّه قدحٌ ملأته الأساطير بالخوفِ، يكفي بأن تقف الآن كي لا يراكَ ضعيفاً، ومُت واقفاً، ربما يدرك الآن أن الحياة التي سوف يأخذها تستحق الخلود.