الأحزاب والقوى السياسية اليمنية الفاعلة تظهر أنها موحدة ضد العدوان السعودي على الشعب اليمني- أو هكذا نعتقد ونرجو أن تكون- لكنها لم تتحرك في اتجاه إيجاد تدابير وآليات فعالة لدحر العدوان، وتأديب العدو، ومن ثم إجباره إلى طاولة مفاوضات يمنية- سعودية.. فبالرغم من فاقة هذه البلاد إلى مجلس رئاسة أو رئيس وحكومة وطنية، في هذه الظروف، لم تتحرك هذه الأحزاب والقوى في هذا الاتجاه. الرهان على الأممالمتحدة غير مفيد، ولا جدوى من جنيف، ولا من الوسيط الأممي ولد الشيخ، لأن المشكلة الرئيسة ليست مع طرف يمني في الخارج، بل أصبحت محصورة بين دولتين، ويجب تكييف القضية على هذا النحو: دولة سعودية معتدية، والدولة اليمنية المعتدى عليها، ومن الآن يجب التنبه إلى ضرورة هذا التكييف، بحصر القضية بين دولتين.. ولكي تكون الدولة اليمنية فعالة في مواجهة الدولة المعتدية ينبغي أن تتوافر لها المؤسستان السياديتان الرئيسيتان على الأقل، وهما الرئاسة والحكومة. الحرب في مواجهة الحرب السعودية تتطلب ذلك، تتطلب قيادة، وأدوات تنظيم واتصالاً وتعبئة حربية، كما أن المفاوضات بين الدولتين أثناء الحرب وبعد الحرب، لا بد أن تتوافر لها أدواتها الآن.. من المعيب على هذه القوى والأحزاب المكينة في الأرض أن تحصر مطالبها في إغاثة الشعب اليمني وحمايته من المعتدين السعوديين، بينما كل المعطيات تفيد أن هذا المعتدي مستمر في العدوان، وسيستمر، ولا يقبل حتى بهدنة قصيرة للسماح بوصول مواد الإغاثة.. ومن المعيب على هذه القوى والأحزاب المكينة في الأرض أن تطالب بهدنة، وهي تعرف أن المعتدين السعوديين هتكوا الهدنة الأولى، ورفضوا الهدنة الثانية التي أعلنتها الأممالمتحدة، وقالوا بصريح العبارة إن هذه الهدنة لا تعنيهم، وواصلوا القتل والهد والهدم، ووقفت الأمم صامتة أمامه، إما بالهدايا، أو أنها لا تستطيع "تهدئة" المعتدين السعوديين المشحونين بالسعار.. ومن المعيب في حق هذه القوى والأحزاب عدم تبصُّرها للحقيقة التي أصبحت سافرة أمام الجميع، وهي أن السعوديين ظلوا زمناً طويلاً يبحثون عن مبرر لشن حرب على الشعب اليمني لإخضاعه التام لوصايتهم، فاهتدوا إلى عبد ربه وأمثاله لكي يوجدوا لهم تلك المبررات، وهم أنفسهم قد قدموا ما يكفي من أدلة وبراهين على عمالتهم وتعاونهم مع المعتدين السعوديين، فهل يليق بهذه القوى والأحزاب السياسية القبول بأولئك العملاء أنداداً لها؟ وإذا كان ذلك لا يليق، فلم نحاور السعودية بوساطتهم في جنيف أو غير جنيف، ينبغي أن يكون تفاوض بين دولتين، في الحرب ومن أجل السلام.