تولول على تعز، وكأن حال عدن أفضل. يكتفي "حماة العقيدة"، الذين أشهروا "ولاية تعز الإسلامية"، فقط، بالتضرع إلى الله بالويل والثبور لأعدائهم الافتراضيين صباح مساء، حجتك البينة ومنطقك السليم يكاد يقول هذا، وما كان ينقص إلا أن تضيف هازئا؛ أصلا "كم الديك وكم مرقه"؟! عدن إقطاعية داعش الخاصة، ونصائحك الفيسبوكية تركتها وحدها، كانت أحرفك الرفيعة المقام كما لو أنها فرامل تدوس عليها فيُعدل المسار فورا، بمعدل استجابة أقل من جزء في الثانية، ليت الأمر كان كذلك فعلا! حسنا، إذا كان كرهك لصالح والحوثي موقفا وطنيا خالصا؛ فماذا أُسمي استهانتك بتقييم وجود داعش الحقيقي في تعز؟ ثرثرت عن مقاومة عدن، وتسيد داعش أخيرا، والآن، تفعل الشيء نفسه. هل أقول إن داعش هو المحبوب، وتعاميك عنه هو الولهان؟ يتمخطر داعش بكل قيافته وصلفه في الحي الذي تسكن فيه، ولم تبدأ بعد بالتعليق حتى على صاحب هذه السلطة! وفيما يفتقر إليه حسك المدني المرهف هذا، هنا في تعز، تلهث ليبدو مكتملا هناك في صنعاء! أكره أن أضطر إلى قول إن صفحة اليدومي على الفيسبوك هي متصفح ضميرك الإنساني على أرض الواقع، لذا من البديهي جدا أن تتمنطق بمنطق "داعش ومراد علمدار جحرين بسروال واحد"، ومن دون أن تشعر حتى. أصلا أنت ترعرعت لتكون المُحب المُخلص لفكر داعش، سواء في تعز أو في صنعاء، أو في منهاتن حتى، كلاكما يعرف دوره جيدا في هذه العلاقة ويلتزم بقواعدها، والكارثة أنك تعتقد أن معظم الناس يمتلكون أسبابا كافية لتفهُّم ذلك؛ كيف يمكن أن نصدق شطح مدنيتك الزائفة هذه؟ مقاومتك في تعز تدافع عن مصالح حيوية سعودية، بريطانية في المقام الأول، وهي أشبه بإجراء احترازي في سبيل تحقق ذلك، قطع خط إمداد قوات الجيش والحوثيين إلى الجنوب، هذا أقصى ما هو مطلوب منها، وهذه هي المقاولة المُبرمة سلفا، كل تعز يجب أن يُدمر بشكل فعال من أجل خاطر تأمين عدن، واقتطاع باب المندب كاملا إلى سيادة دولة الجنوب العربي المُراد تأسيسها. علي وعلى أعدائي, تقول هذا محاولا كتم ضحكاتك, وتلتزم بعداوة صالح والحوثي بطريقة تبرر الكلفة, وحتى اللحظة, ما تزال تعمل كميسر أخلاقي للاحتفال المنتظر باحتلال باب المندب وكأنه الامتداد الوطني لجيش سبتمبر, يا للإهانة! كيف وقع هذا الاستسلام الخطير? تبدو كمحاكاة غير متقنة لمنتفع حرب عادي, استغلال اللحظة المناسبة, وتحويل خراب ما إلى فرصة للربح. جرى تحرير عدن وفقا لمعايير داعش المخزية، ويجري حاليا تأمين حدود الجنوب وفقا للمعايير نفسها. بطباعة فاخرة للغاية، يُزين اسم "الجنوب العربي" لوحات أرقام الدوريات العسكرية التابعة ل"المقاومة"، أينما تتواجد، على امتداد الحدود الشطرية السابقة. ما الذي لم تقله السعودية بعد كل هذا؟ وما أنت بالضبط؟!