روى اللواء الركن أحمد سيف اليافعي تفاصيل عملية تحرير العاصمة الجنوبية عدن وبقية محافظات الجنوب. وكتب اللواء الركن اليافعي في روايته التي تحصلت صحيفة (عدن الغد) على نسخة منها " عقب تحالف الحوثيين وعلي عبدالله صالح اعتبرت الجنوب وعدن بحكم كثافة القوة العسكرية المتمركزة فيها (9 ألوية مدرعة وميكا 10 الف امن مركزي) ساقطة بيد الانقلابيين، وقد وصل المحتلون الي قصر الرئاسة في المعاشيق خلال يومين وسيطروا علي مطار عدن ومينائها. انقض الشباب والسكان وعسكر خليك بالبيت وشكلوا مقاومة في جبهات متعددة، كريتر، المعلا، خورمكسر، الممدارة، الشيخ الدويل، دارسعد، البساتين، جعولة، بيراحمد، وكل مدن وقرى الجنوب، وعدن، ومع قوة الضربة المعادية وقلة الامكانيات استطاع المحتل تجزئة الجبهات والفصل بين بعضها. وبالعمليات القتالية النشطة احتل العدو مطار عدن وميناءها وتمسكت المقاومة بميناء النفط وشركة بي بي واصبحت عدن مناصفة بين المقاومة والمحتلين من حيث الجغرافيا وثلثين بثلث من حيث اهمية المنشات (الميناء - المطار) مع المحتلين وضغط العدو المقاومة في هلال ضيق طرفه من الغرب، مدينة الفردوس عمران، ومن الشرق جزيرة العمال. مع حصول المقاومة علي الاسلحة والذخائر وزيادة النشاط الجوي لقوات التحالف بدأت المقاومة تفكر في عملية هجومية لكسر الهلال الذي يكونه العدو، وقد بدأت في عملية هجومية محدودة في جولة السفينة، دارسعد، طريق عدن-تعز، تكللت بالنجاح بفك الحصار الذي اراد العدو ان يفرضه علي مديرية دارسعد وهي من انشط جبهات المقاومة، رقم كلفة النجاح الكبيرة. بدأ التفكير في تحرير المطار وحصل تباين في وجهات النظر بين من يريد تحرير عدن ومن ضمنها المطار في عملية هجومية جريئة، ومن يريد كمرحلة اولي تحرير المطار كعمل اعلامي وانجاز امام القيادة والراي العام. تفوق الرأي الثاني وتمت اكثر من عملية تهدف الي تحرير المطار ولم يكتب لها النجاح، عندها اعدت خطة تحرير عدن كالتالي: يتم الدفاع بثبات علي جبهة بئر احمد، جعولة، البساتين، دارسعد، الممدارة، علي ان تقوم القوات الريسيه بالهحوم بثلاث شعب: 1- شعبة باتجاه جزيرة العمال تصل الي جولة 26 سبتمبر في خور مكسر وتقطع الطريق بين خور مكسر والمعلا كمهمة مباشرة ومهمة تالية تواصل الهجوم للسيطرة علي ميناء المعلا والمعلا. 2- شعبة اتجاه المطار تهاجم باتجاه المطار جولة الرحاب بمهمة مباشرة هي السيطره علي جولة الرحاب المطار واستعادة خور مكسر، ومهمه تالية تواصل الهجوم للسيطرة علي كريتر. 3- شعبة ثالثة تهاجم باتجاه العريش ساحل ابين بمهمة فصل عدن عن ابينولحج ومنع امداد القوة المحتلة عن طريق ابين او لحج وكذلك منع انسحاب القوات المحتلةلعدن وتدميرها او استسلامها. حتي نهاية اليوم الثاني للعملية يتم استكمال استعادة خور مكسر، المعلا، كريتر، ودخول التواهي ومع نهاية اليوم الثالث يتم تحريرعدن كاملا. وقد لقيت هذه الفكرة استحسان فخامة الاخ الرئيس حيث ابلغته بها شخصياً وصادق عليها، عند تقدير قوات المحتلين في عدن وجدنا ان استخدام السلاح الثقيل داخل المدينة سيؤدي الي زيادة التدمير والخسائر لذلك فكرنا بالبدء في كسر الطرف الغربي لهلال التطويق في منطقة عمران ونهدف من هذا العمل الي: - اختبار قدرات قواتنا القتالية - اخراج جزء من قوات المحتل من عدنلتعزيزعمران. - فتح الحصار لدخول مقاومة الصبيحة الي عدن. فعلا كان لنا ما اردنا فقد ثرثرنا في التلفون كثيراً عن عمليات عمران مع علمنا ان تلفوناتنا مراقبة. بدأنا نستلم معلومات من مقاتلينا في جبهات عدن عن تحرك دبابات واطقم من امامهم باتجاه المؤخرة. كما وصلتنا معلومات من جبهة عمران عن وصول تعزيزات للعدو الي الحبهة، اذا نجحت الفكرة. وكانت فكرة تحرير عمران كالتالي: ينطلق الهجوم من فقم بشعبتين، 1- علي طول الشريط الساحلي عمران. 2- علي طول الطريق المسفلت -الفردوس ثم قطع طريق الوهط -عمران ومنع انسحاب القوات المحتلة من عمران باتجاه الوهط لحج وكذلك قطع الامداد علي هذه القوات،حتي نهاية اليوم يجب علي قواتنا المهاجمة بشعبتيها اكمال مهامها باحتلال عمران وفتح الطريق با تجاه المندب، وكانت المفاجأة المذهلة هي: مع بداية الهجوم تدفق الالاف من الشباب والمواطنين علي سياراتهم وعلي الموترات وعلي سيارات القلابات حضر الشخصيات الاجتماعية، والمسؤولين، واساتذة الجامعات، وأئمة المساجد والاطباء والممرضات واذا بنا امام حشد جماهيري غير متوقع وكاننا ذاهبين الي احتفال او الي ملعب كرة قدم. المفاجأة الاخرى كان حجم الغذاء والعصائر والماء الواصل الي المقاتلين في الجبهة لاحدود له من كل بيت من كل بقالة من كل مطبخ وصلت الوجبات والعصاير. تم تنفيذ المهام حسب الخطة ومع نهاية اليوم تم استعادة عمران وقطع طريق الوهط-عمران واسر الوحدات المحتلة والاستيلاء علي عتادها. الإقدام - الجرأه والاستبسال الذي سجلوه مقاتلو المقاومة الجنوبية وكذلك الأسلحة والذخائر المستولى عليها عززت ثقت مقاتلينا بالنصر. لذلك بعد يوم من تحرير عمران بدأت عملية تحرير عدن حسب الخطة حيث اندفعت قوات المقاومة الجنوبية في وقت واحد ومن الثلاثة الاتجاهات الرئيسية المحددة بالخطة وخلال النصف الاول من يوم العملية الاول تم خرق دفاعات العدو وفصل قواته الرئسية عن مؤخرتها وكذلك حرمان العدو من الانسحاب او المناورة بالقوة والوسائل، وخلال ثلاثة أيام من العمليات الهجومية النشطة تم استكمال تدمير واستسلام القوات المحتلة واستعادة كامل محافظة عدن بمطارها ومينائها، لم يؤدي تحرير عدن الي تامين مينائها ومطارها من صواريخ الكاتشا (اورجان) بعيدة المدا، لذلك بدأنا بعمليات قتالية نشطة لتحرير العلم علي ساحل ابين، ومنطقة الوهط وصبر في لحج إلا أن شبكة الدفاع التي بناها المحتلون كانت محكمة اذ تتكون من حقول الألغام م/د، وم/الأفراد ومقاطع كبيرة من الأسوام والحفر المحمية بالألغام وشبكة نيران محكمة قوامها نيران الأسلحة الفردية والمتوسطة والهاونات المحمولة والثقيلة مدعومة براجمات الصواريخ المحمولة، وقد ألحقت هذه المعارك دماراً كبيراً علي طول عدن-لحج المأهولة ذات المباني العالية، كما ان مزارع جعولة، بئر احمد، قد خلقت بيئة دفاعية مناسبة تعيق الاعمال الهجومية لقواتنا ووفرت الاشجار الكبيرة ومزارع الاغنام التي استولوا عليها وكانوا يديرونها عمال تابعين للامن المركزي اويملكونها ضباط امنيين استولوا عليها بعدحرب 94. كان الالتفاف هوا الحل، وكانت فكرة العمليات الهجومية كالتالي: تقوم القوات الرئيسية بالتحرك علي خط صلاح الدين-الوهط-الفرشة-وادي عابرين قاطعة مسافة 240 كم، تخرج في مؤخرة المحتلين وتفاجئ العدو في الهجوم علي قاعدة العند الجوية، والبرية، من الخلف، مع استمرار العمليات القتالية من الجبهة في حدود محافظة عدن مع لحج باتجاه المدينة الخضراء مدينة الفيصل، الحوطة عاصمة لحج؛ العلم- الحسيني. بعدوصولنا الي مؤخرة العدو اعتمدت منطقة حشد وفي صباح اليوم الثاني للتحرك انتقلتوالقوة الي الهجوم، كانت قاعدة العندالجوية هي الهدف الرئيسي مع تخصيص قوتين: 1- لقطع طريق الإمداد علي القوات المحتلة التي لازالت تقاتل في الحدود بين محافظة عدنولحج ومنعها من الا نسحاب. 2- لمشاغلة قاعدة العند البرية وعدم السماح لها قواتها في القاعدة الجوية. كانت النتيجة مبهرة، مع نهاية اليوم الأول للهجوم تم استكمال استعادة قاعدة العند الجوية، وقطع طريق الإمداد اوالانسحاب علي القوات المقاتلة في لحج وخلق ذعر وانهيار في قوات العدو المدافعة في لحج خوفاً من التطويق. وفي نهاية اليوم الثاني للعملية تم استعادة قاعدة العند البرية وانهيار دفاعه وقواته المقاتلة بين العند، وحدود محافظة عدن. في صباح اليوم الثالث للعملية الهجومية التقت في قاعدة العند قوات المقاومة المتقدمة من اتجاه لحجالحوطة، والمتقدمة من اتجاه العلم - الحسيني مع القوة الرئيسية التي قامت بالالتفاف، ثم توجهت القوة لتحرير مثلث العند - يافع - الضالع - تعز، واللقاء مع قوات المقاومة المدافعة في بله وتحرير معسكر الشهيد لبوزة. وبهذه العمليات الهجومية تم تحرير عدنولحج وفتح طريق طريق العند - ردفان - يافع - الضالع، كما فتحت لحجوعدن امام سكان هذه المناطق. اللواء ركن/ أحمد سيف محسن المحرمي (اليافعي) – *من علي شايف الحريري