المُعْطَيات والحقائق التي باتت مجسدة على أرض (اليمن) منذ السادس والعشرين من مارس الماضي حتى اليوم، لا يُنكرها إلا مُكابر مُتغطرس جهولٌ ظلوم يظن جازماً أنه بما يملك من مال وفير يستطيع به أن يحجب عين الشمس إن هو أراد ذلك، وهو على يقين تام بأنه قادر بذلك المال أن ينال كل ما يتمناه ويحلم به، وأن يُطوِّع ذلك المال للحصول على القوة العاتية الجبارة التي يهز بها أركان الأرض، وأنه بذلك المال قادر على تركيع كل ما في الكون من حجر وشجر وبشر وفقا لمشيئته وإرادته، ولذلك فهو لا يتخيل ولا يخطر له علي بال ولو بما مقداره طرفة عين أن هناك في الكون من قد لا يستجيب لرغباته ونزواته وأوامره. ويغفل من كان على هذا الحال أن بعوضة مجرد بعوضة لا وزن لها ولا قيمة يمكنها أن تنسف كيانه وتحوله إلى أثر بعد عين، وأن مشيئة الله إن تمت فسينتزع ملك الموت روحه وهو في قمة مجده وعزه.. وصحته وعنفوانه.. وطُغيانه وجبروته.. دونما سبب معروف من مرضٍ أو سقمٍ أو عِلَّة، فقط بحرفين (كُنْ) ميتاً سيكون وفي جزء من الثانية، ولن يغني عنه كل ما وهبه الله من مال، وكل ما أتاه الله من التمكين في الحياة الدنيا، بل سيكون ذلك المال وذلك التمكين وبالاً عليه في مثواه الأخير قبل أن يبعث يوم القيامة (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم). الصنف الثاني الذي مازال يُنكر تلك المعطيات وتلك الحقائق، وسيظل يُنْكِرها بكل ما أُوتي من قوة وعزيمة حتى آخر نبض في جسده هو ذلك المتآمر الخائن الأحمق الذي أشتري الصنف الأول جسده وروحه ليصير مملوكاً له ومطيةً في يديه يسيرها كيفما يشاء لتحقيق أحلامه وأمانيه، وهذا الصنف يري أنه عندما يصبح الإقرار بتلك المعطيات وتلك الحقائق أمر مُسَلمٌ به ولا بديلَ آخر سواه، فسيكون بانتظاره واقعٌ مريرٌ أسوأ من مرارة العلقم، وهذا الصنف تماما كما الصنف الأول يغفل هو الآخر عن حقيقة أن أمره بيد الله وحده وأن مرده إليه، وأن روحه وكل كيانه بين يديه وحده عَزَّ وجَلَّ في عُلاه، وأن كل ما أغدقه عليه الصنف الأول من عطايا وهدايا ملوثة لا تساوي ما مقداره واحد في الترليون مما يمكن أن ينعم به من مولاه الذي هو أقربُ إليهِ من حبل الوريد، مولاهُ الذي أوجده من العدم حين لم يكن شيئاً مذكوراً، وأنه هو ومن اتخذه من البشر رباً من دون الله سيقفان معاً بين يديه تعالي في (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم). في ضوء كل ما تقدم، وبما صار يدركه الصنفان، وبما بات غُصَّةً في حلوقهما، وبما أصبح كابوساً يقض مضاجعهما، ويفقد أعينهما وأبدانهما لذة النوم الهانئ العميق، تُري لو عادت عقارب الزمان إلى ما قبل السادس والعشرين من مارس في العام الحالي 2015م، هل يمكن أن يكون حالهما على غير ما آل إليه الآن؟!، بمعنى آخر: هل سيقدمان على ارتكاب نفس الحماقة؟! هل سيقرران الاستمرار في السير في ذات الاتجاه نحو هاوية سحيقة ليس لها قرار؟!، وذلك فيما لو تمكنا من معرفة عواقب ومآلات إقدامهما على تلك المغامرة والمقامرة في (اليمن)، وفيما لو علما علم اليقين بأنهما بمنتهى الحماقة والسذاجة والتهور سينزلقان لتلك الهاوية، وهم لا يعلمون منتهاها وخاتمتها، هل إن هم أرشدتهم عقولهم ودلتهم قلوبهم على حجم الفاجعة التي سيبتلون أنفسهم بها؟!، هل سيرتدعون ويعترفوا بحقيقة حجمهم ومقامهم إن هم علموا سلفاً أنهم بفعلتهم المخزية تلك سيجعلون من ذواتهم سادةً كانوا أم عبيداً أضحوكة للعالمين، ومصدرا للنكتة والطرافة والتسلية تلوك سذاجتهم وسطحيتهم ألسنة البشر أجمعين، وسيتحولون لمبعث تندر وسخرية وتهكم وتشفي كل من تمنى في قرارة نفسه أن يريهم الله فيهم يوماً أسود من السواد ذاته. فإن كان (قارون) هذا الزمان محمد بن سلمان يعتقد أنه مازال يملك تحت عقاله وعظام جمجمته وفي جوف عجينة المخ التي تشغل حيزاً ضخماً من رأسه عقلاً مازال صالحاً للتَفَكَّرِ والتَدَبُّر، فليقارن حجم ما كان يمتلكه في خزائنه وأرصدته البنكية هو وكل من هم علي شاكلته من الحمقى والمعتوهين من (جُهَّال) أسرته ومملكته الرملية من أموال قبل الانزلاق في العدوان والتطاول على (اليمن)، وقبل ذلك ليراجع كم كان يحظى بما يمتلكه من أموال من مهابة ووجل من هم ملك يمينه من الجواري والعبيد، ونفاق ومداهنة الساسة والقادة في العالم، ليعرف ويدرك قبل فوات الأوان إن لم يكن قد فاته فعلا الأوان، أن (اليمن) بفضل الله قد مرغت أنفه في الوحل، وأن (اليمن) بعون الله قد حطمت كبرياءه، وأن (اليمن) بكرم الله قد سحقت خُيَلائِه وعنجهيته، وأن (اليمن) ببركة من الله قد أجهزت على غطرسته وغروره، وأن (اليمن) كانت وستظل بإذن الله عصية على سفالته وسفاهته، وأن (اليمن) ستكون سببا بأمر الله في تقويض مملكته وانتزاعه هو وأسرته من عروشهم، وأن كل ذلك وأعظم منه ليس على الله بعسير. ولعل الفاجعة الأخرى المخزية والتي تزيد من بواعث السُخْرِية والتَهَكُّم بالحفاة العراة الذين تطاولوا في الأرض، أن يتصور قارون هذا الزمان محمد بن سلمان أنه قادر علي استغباء كل من في الأرض من البسطاء والمتعطشين لما في خزائنه من أموال تنضب يوماً بعد يوم، بأنه ومملكته الرملية سيتزعمون تحالفا يدعي أنه (إسلامي) لمكافحة ما يصفه بأنه (الإرهاب)، وهو يدرك تمام الإدراك قبل غيره ممن يأتمر بإشارة من أصابع يدهم من الصهاينة والأمريكان، أنه هو ومملكته الرملية وبأمر مباشر منهم، وبتخطيط وتدبير مسبق الرعاة الرسميون الفعليون لكل تنظيم إرهابي يدعي زوراً وبهتاناً صلته بالإسلام قاعدة كان أم داعشاً أم ما يمكن أن يكون مازال في طور التكوين من تلك الجماعات (المسخ) التي لا هدف من إنشائها سوي تشويه تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف بأيدي البعض منا نحن المسلمين للأسف الشديد، وهم في حقيقة الأمر إنما (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ). الله أكبر، والعزة لله وحده، والشموخ والكبرياء ل(اليمن) العظيم، والنصر المبين والتمكين بمشيئة الله لأبطال (اليمن) الميامين أينما كانوا في كل جبهات صد العدوان والذود عن حياض الوطن، والمجد والخلود لشهداء (اليمن) الأبرار، والشفاء والمعافاة للجرحى، والحرية للأسرى في ميادين البطولة والفداء، والخزي والعار للطغاة الجبابرة والخونة العملاء المرتزقة، ولا نامت أعين الجبناء.