هذه الأرض تنفي خَبَثَها لأن الله وصفها في تنزيله فقال "بلدة طيبة ..ورب غفور " فلا عجب والحال كذلك أن يتقاطر الخبث ليلحق بعضه ببعض.. "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا " لو قدر لهذه المحنة من الغزو والحصار وبقي الخبث فينا بكل صنوفه فهل كنا ننتظر أن تتحقق لنا هذه الانتصارات العسكرية المذهلة وأن تتنزل علينا الألطاف الإلهية وأن يتنزل علينا الصبر والعون فيخفف الله بها كل آلامنا ومعاناتنا.. ما كان لذلك أن يكون!! . وهذا الجيش الذي غاص في أعماق الأرض وأزهر وأثمر حقائق من العنفوان والبأس والصمود والزحف على قلاع الشر وكبّد الأعداء وذيولهم الويلات وأعجزهم عن أن ينالوا منه ومن أرضنا نيلا ..حتى لم يعد في جعبتهم إلا قصف المزارع والأبقار ومدارس المكفوفين والمصانع ومخازن الغلال وناقلات الوقود. هذا الجيش الذي اجترح المعجزات وأبدع وأرانا من عبقريته ما أذهل الأعداء، هل كان له أن يحقق شيئا من هذه المعجزات مع تلك القيادات الخبيثة التي ظل يراها طوال عقود وهي تبني الأسواق وتسور الأراضي والمزارع وتتاجر بها وتستخدمه لحراستها وتنهب الدولة وتتعامل مع الأعداء وتبني القصور بدل القلاع. وكما قال شاعرنا البردوني العظيم: تنسى الرؤوس العوالي نار نخوتها ** إذا امتطاها إلى أسياده الذنب **** إن البعض ليسأل أين كان هذا الجيش المبدع المعجز قبل هذه المنازلة العظمى..؟ هذا الجيش كان هنا وبناه البانون من هنا ولكن حفنة من قيادات مسترزقة وضيعة بتصرفاتٍ طفيلية وتكالبٍ على الدنيا جعلتنا ننظر إليه كأنه منها ونضفي عليه طابعها وشتان بينهما،فلما ارتحلت والتحقت بأسيادها نهض الجيش من كبوته وأعلن وجوده . الجيوش التي غزتنا وتقاتلنا بأعلى تقنياتها في برها وبحرها وجوها كل يوم تجدد مخزونها وعتادها وتعقد الصفقات المهولة من الأسلحة وكل يوم تستورد المرتزقة من بلاد الدنيا لتقاتل جيشنا بها ..وجيشنا ومعه من ينصره من شعبه ولجاننا الشعبية لم يستخدم إلا القليل من قواه وقد أعجزها أجمعين عن أن تحقق نصرا .. مخازن السلاح التي أعدها الجيش وقادته العظام لم تشْكُ نقصا بل إنهم يباهون أنهم لم يستخدموا إلا النزر اليسير منها ولديها الكثير الكثير النافع وأياديهم وعقولهم تصنع الكثير منها استعدادا لمعارك طويلة لم تخطر لآل سعود وعبيدهم على بال.. أيها الجيش العظيم .. يا أحفاد الفاتحين العظام ويا أحفاد التبابعة العظام.. يحق لك أن تفخر بنفسك ويحق لنا أن نفخر بك وقد طأطأت رؤوسهم أجمعين من أعراب وصليبيين وصهاينة ومسترزقين. وإن شعباً أنجبك لن يتركك حتى تعيد لليمن أرضها ومجدها وتعلّم الغزاة درسا أعددته لهم ولأمثالهم ومرتزقتهم عبر الزمن اسمه "درس الفناء".