هكذا اعتقدوا أن دماءنا رخيصة، وأنهم سيسفكونها من دون حساب أو عقاب.. هكذا دلهم غرورهم وسولت لهم أنفسهم أنهم بأموالهم وسلاحهم الحديث والفتاك سيخرصون هذا الشعب الفقير والمنهك والضعيف، ويسوقون أبناءه بالعصا كالعبيد.. هكذا أغروا وسائل الإعلام والمنظمات الدولية ودول العالم الحقير وأخرسوهم جميعا بالدولار والذهب.. هكذا جمعوا حقدهم وحشدوا قبحهم، وأعلنوا للملأ ببجاحة وصفاقة أن مسألة استعباد اليمن لن تتجاوز الأسبوع أو الأسبوعين.. مر الأسبوع والشهر وهم يمنون أنفسهم، ويشدون الخناق على الشعب اليمني برا وبحرا وجوا، ويمنعون عنه الغذاء والدواء وأبسط مقومات الحياة، لكن لا نتيجة.. مرت الثلاثة الأشهر والأربعة ولا جديد، ففتحوا خزائنهم وجلبوا مرتزقة العالم وأحدث السلاح، وفتحوا مزيدا من الجبهات، وقصفوا الأسواق وصالات الأعراس والطرقات وقتلوا الأبرياء، وضاعفوا الحصار؛ في محاولة بائسة لإرهاب الناس وإضعاف إرادتهم.. ولكن لا جديد أيضا.. مر عام كامل من الجنون، ولا جديد أيضا، أحسوا بالحرج وذاقوا مرارة الهزيمة والإذلال أمام العالم، ففقدوا أعصابهم وضاعفوا قبحهم وجنونهم بمزيد من القتل والحصار والتدمير الكلي، بدلا عن مراجعة النفس والموقف وإعلان الندامة والتوبة.. مر العام ونصف العام وقد بلغوا مرحلة الإحباط واليأس بعد أن أعجزهم صمود الشعب الفقير والممزق، وبعد أن استخدموا كل وسائل الإجرام والإرهاب في حقه، من دون جدوى، فلجأوا إلى آخر ورقة وهي نقل البنك المركزي إلى عدن، ليعاقبوا هذا الشعب بمزيد من التجويع والإفقار، ولكن لا جديد.. ماذا بقي لكم أيها القتلة والمجرمون والإرهابيون من وسائل لتركيع الشعب اليمني؟!. ماذا بقي لكم، وقد أشعلتم الحروب بأموالكم وأسلحتكم في كل أرجاء اليمن؟. ماذا بقي لكم وقد مزقتم الشعب اليمني فلا الجنوب عاد كما كان، ولا الشمال ظل كما هو أيضا؟! ماذا بقي لكم وقد دمرتم المدارس والجامعات والصالات الرياضية والجسور والآثار، وكل مقدرات الوطن التي بنيت خلال عقود من الزمن؟ ماذا بقي لكم وقد أدخلتم الجراحات والأحزان إلى كل منزل يمني، فلا يوجد منزل إلا وفيه شهيد أو جريح أو أرملة أو يتيم؟!. ماذا بقي لكم والجوع يفتك بالشعب اليمني وكذا الأمراض، والموظفون بلا مرتبات؟! أي بشر أنتم، وأي دين تؤمنون به، وأنتم تمعنون في قتل أشقائكم، وتجويعهم وإبادتهم، وتهلكون الحرث والنسل؟.. وأي عالم حقير ومفلس هذا الذي نعيش فيه وهو يشاهد أبشع الجرائم والمجازر ترتكب في حق الأطفال والنساء والمدنيين، ولمدة عامين متكاملين، ولم تتحرك إنسانيته ومشاعره؟! إنه عالم زائف بامتياز، القوي فيه يأكل الضعيف، والغني يستعبد الفقير.. عالم حقير ورخيص حقا.