بدلا من عبارات مقذوف وجرح أحد المقيمين والنيازك وإسقاط صاروخ قبل وصوله إلى الأراضي السعودية، بدأنا نجد خلال الأشهر القليلة الماضية تحولا في الخطاب الإعلامي للمملكة وتحالفها ومرتزقتها وتصريحات عسكرييها اعترافات فجائية بسقوط الصواريخ الباليستية والآلاف من قذائف المورتر على مناطقها الجنوبية ومقتل مئات المدنيين السعوديين، ليتطور الأمر بعد مجزرة القاعة الكبرى إلى عويل على المقدسات الإسلامية بدأ خافتا بمقال صحفي الأسرة المالكة عبدالرحمن الراشد في اليوم الثاني من استهداف القاعدة العسكرية في الطائف عنوانه "صاروخ اسكود على مكةالمكرمة"، يؤكد فيه أن الصاروخ لم يتم اعتراضه كما جرت العادة وإنما أصاب هدفا غير مهم على بعد سبعين كيلو من مكة، معتبراً ذلك تهديداً للحرم الشريف، وإثر استهداف مطار عبدالعزيز في جدة تحول عويل الراشد المنفرد إلى مناحة جماعية للمملكة وتحالفها ومرتزقتها -ساسة وعسكريين ورجال دين ومؤسسات إعلامية- في حملة تضليل واسعة تستعدي العالم الإسلامي على اليمن وتستنفره للدفاع عن مقدساته. لكن كما فشلت لغة التعالي بحشد الشركاء إلى نصر وهمي وغنائم جاهزة فشل عويل المملكة بتغيير واقعها كمعتدٍ والتخفيف من شناعة جرائمها، ولم تحشد لها مناحة المقدسات جيوش العالم الإسلامي لتدافع عنها لأن الذي أقنع المملكة بالتحول من التعالي إلى العويل لم يقنعها بعد بالتخلي عن الكذب الفج ولم تفهم بعد أن المهم ليس طبيعة خطابها وإنما مصداقيته. لم يثمر هذا التحول شيئا يخدم المملكة في معركتها الخاسرة لكنه يكشف بوضوح أن المملكة أصبحت أقل بكثير من أن تتعالى في خطابها وأكثر إدراكا لحتمية الفشل وخسارة معركة العته التي تخوضها في اليمن، وأنها اليوم لم تعد تبحث عن الشريك المعنوي في حربها وإنما عن النصير الذي يعينها على تجنب الكارثة الحقيقية، لن يأتي أحد غير مرتزقتها ولن تحصد من عويلها غير بيانات من حلفائها الموجودين وبعض المؤسسات الدينية التي تنفق عليها والتي لم يعد هناك من يحترم بياناتها ولا فتاواها ولا يؤمِّن على دعاء وعاظها ومشايخها. لا جدوى من التحول من خطاب إلى خطاب فما دامت متشبثة بالكذب لا تحصد غير الاحتقار والسخرية ولن تحصل على حشود المقاتلين وستكون محظوظة جدا لو سمعت نصيحة الأستاذ إبراهيم سنجاب وحصلت على العاقل الذي يملك الشجاعة الكافية لاتخاذ قرار وقف الحرب وتحمل تبعات جنونها في أسرع وقت ممكن.