منذ أن كان واحداً من جنود اليمن حتى أصبح زعيماً اليوم، ظل الرئيس صالح صاحب شخصية محورية فذة في كل محفلٍ يكون فيه بشهادة معارضيه وأعدائه ومن في قلوبهم مرضٌ تجاه شخصه. المتأمل لمسيرة الرئيس الصالح يدرك أنه لا يزال ذاك الجندي الشجاع والسياسي المخضرم والمحاور البارع والقائد السموح والفارس في النزال والمقدام في الملمات، ذاك هو الزعيم اليوم ورئيس الجمهورية الأسبق والجندي منذ نشأته. طوال فترة حكمه للجمهورية اليمنية ظل الصالح محتضناً لكل أبناء وطنه، ومدافعاً عن شعبه وذائداً عن حمى بلاده، لم يفرط البتة في من اختاروه، ليكون والياً عليهم وولي أمرهم، ولم يتخاذل يوماً في خدمة شعبه. قدم ما استطاع أن يقدمه، وبذل أروع لحظات عمره وزهرة أيامه، وضحى بريعان شبابه ومنح الشعب والوطن روحه حين حاول رخاص القوم وحفنة التخريب إزهاقها يوم عزموا على الخلاص منه وتصفيته بتلك الجريمة الشنعاء والفعل القبيح الغادر بتفجير جامع دار الرئاسة، بعد أن أفشل بدهائه وجلده وحنكته والحكمة التي وهبها الله له كل مخططات التآمر والشر، وأطفأ شرارة الفتنة التي أشعلوها وأخمد نيرانها التي كانوا قد أضرموها بحقدهم الأهوج وكفرهم بالوطن، وبغضهم لمن جعل منهم "جواكر" فأبوا إلاّ أن يكونوا جوارب تقي أسيادهم وقوى الشر الداعمين لهم أي أَذى قد يصيب بُطُون أقدامهم. واليوم يطلُّ علينا فرد من تلك الجوارب التي أصابها العفن لكثرة لَبْس أسيادها لها، وامتطائهم إياها، واعتمادهم عليها في حماية أقدامهم مما قد يصيبها - مطالباً النزال مع قيلٍ من أقيال يمننا. من دون إدراك وبلا وعي يدعو الفأرُ أسداً للنزال، وتنادي القطة نمراً للقتال - وحين يحدق الملوك في وجوه الخونة، وتلمح الصقور السحالي المختبئة، تكون نهاية الصغار ويموتون مهتابين من أولئك الكبار، وذلك حال قزمٍ فار وهاربٍ مكار الفرح المتشبث فرحا بصفة الجنرال والبائع ضميره للمعتدي الغدار. ولأن الواجب يفرض أن نذكر الصغار بأن الدم يجري تحت كل الأظفار، وأن العمالقة الكبار لا يلتفتون لثرثرة الصغار، فإن علينا أن نُذكِّر الجنرال بأن الزعماء لا يواجهون الوضعاء، وأن مواجهة القادة الأبطال ستكون سياسيةً ومبادراتٍ وحوار. وليعلم من كان جاهلاً بأن من سلم السلطة حقناً للدماء وصوناً للمكتسبات والأرواح وحفاظاً على كل المنجزات وهو في أوج قوته والسلطان في قومه والقائد لجنده والرئيس على شعبه، وبيده الشرعية والثروة والقوة والمال، أنه سيكون كذلك اليوم وهو الزعيم في وطنه والصالح بين أبناء شعبه، وأن حربه سياسة، وجنده رؤى وسلاحه مبادرات، وأمواله وكل رأس ماله وأرصدته هو وفاء كل الأوفياء معه وحب الغالبية له.. وستجدون القوة الصاروخية التي يمتلكها في قاعدة شعبية عريضة لن تكون لأحدهم اليوم في اليمن دونه، وإن بحثتم عن سلاحه الفتاك الذي تجهلونه فسأنبئكم بأنه في مبادئه التي آمن بها وتربى عليها وظل حتى اللحظة متمسكاً بها. ما ذكرته آنفاً قطرة من مطرة، وغيضٌ من فيض من سيرة سيد السادات والمقدام في وقت المهمات، من شموخه يعانق السماء وهامته شامخة كالجبال - الهرم العملاق الذي تبوء محاولات الأقزام وكل الكائنات الهلامية دوماً بالفشل.