بعث الزعيم علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الأسبق رئيس المؤتمر الشعبي العام، الخميس برقية تهنئة لمعالي السيد أنطونيو غوتيريش بمناسبة تسلمه مهام منصبه كأمين عام للأمم المتحدة، عبر خلالها عن آمال الشعب اليمني الكبير في أن يكون للمنظمة الدولية دور إيجابي لوقف العدوان الغاشم والمتواصل على بلادنا منذ مطلع العام 2015م، فضلاً عن حصار خانق وفي ظل صمت دولي مزرٍ. نص البرقية: معالي السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة الأكرم يطيب لي أن أبعث إلى معاليكم بأسمى آيات التهاني القلبية بمناسبة تسلّمكم مهام منصب الأمين العام للأمم المتحدة، بعد اختياركم لهذا المنصب الأممي الرفيع الذي تتبوأونه عن جدارة، انطلاقاً مما تتمتعون به من خبرة وتجربة لاشك أنهما ستساعدانكم على تحقيق الأهداف والغايات التي تمثلها أكبر منظمة أممية تتحمّل على عاتقها مسئولية حفظ السِّلم والأمن الدوليين، وتجنيب البشرية ويلات الحروب والصراعات، وتحقيق التنمية المستدامة، والدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة وأن العالم اليوم أشد ما يكون حاجة إلى رؤى تؤسس لسلام وطيد وأمن واستقرار دائمين. إن اختياركم لهذا المنصب الرفيع في هذه المرحلة التاريخية المفصلية من تاريخ البشرية التي تتسم بالتعقيد يجعل دوركم محط آمال آلاف الملايين من البشر، في إصلاح مسار المنظمة وفي حماية وتحصين ميثاق الأممالمتحدة والقوانين الإنسانية الدولية وميثاق حقوق الإنسان وغيرها من المواثيق الدولية من الاختراقات والانحراف بها. وإنني أجدها فرصة سانحة للتعبير عن سعادتي باللقاء معكم في صنعاء يوم الثامن عشر من شهر مايو 2008 أثناء زيارتكم للجمهورية اليمنية، حيث كان لقاءً حميمياً شكّل بداية لصداقة دائمة بيننا، أرجو أن تتعمّق أكثر. الصديق العزيز: لعلكم تتابعون مجريات الأمور وسير الأحداث المؤلمة والمأساوية التي تشهدها الجمهورية اليمنية وخاصة بعد تعرّضها لأبشع عدوان همجي عرفته البشرية يشنه بكل وحشية نظام آل سعود والمتحالفون معه منذ 26 مارس 2015 إلى جانب فرض حصار شامل وجائر على 27 مليون يمني -براً وبحراً وجواً- منعوا خلاله وصول الإمدادات الغذائية والدوائية والمشتقات النفطية وكل الاحتياجات الضرورية لحياة البشر، بما فيها المساعدات الإنسانية الدولية، في مخالفة صريحة وواضحة لميثاق الأممالمتحدة وكل القوانين الدولية والإنسانية، ولميثاق ومبادئ حقوق الإنسان. إن الغارات الجوية التي يشنها العدوان يومياً بالصواريخ والقنابل المحرّم استخدامها دولياً، قد تسبّبت بقتل آلاف الأطفال والنساء والشيوخ والشباب والعجزة والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، ودمّر المنازل والتجمّعات السكانية الآهلة بالسكَّان، والأسواق الشعبية، وارتكب مجازر إبادة جماعية والتي كان من أهمها تلك المجزرة البشعة التي ارتكبها أثناء قصف قاعة العزاء في العاصمة صنعاء يوم الثامن من أكتوبر 2016 وراح ضحيتها أكثر من 140 شهيداً وأكثر من 600 جريح، بالإضافة إلى تدمير كل البنى التحتية من الطرق والجسور والمصانع والمزارع والمدارس والجامعات والمستشفيات.. وغيرها، وكل ذلك حدث ويحدث على مرأى ومسمع من الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي وكل دول العالم، الذين لم يحرّكوا ساكناً أو يتخذوا موقفاً أو يصدروا أي قرار يوقف العدوان وينهي الحصار اللذين مضى عليهما ما يقارب العامين، بالإضافة إلى ذلك فقد تعرضت الأراضي اليمنية لغزو واحتلال من قِبل قوات أجنبية بما فيها قوات من المرتزقة وشذاذ الآفاق من كولومبيا وأستراليا وفرنسا وبريطانيا والسلفادور والمكسيك والجنجويد الذين تم استئجارهم بالمال الخليجي لتدنيس أرض اليمن وقتل اليمنيين بدم بارد، الأمر الذي جعل الشعب اليمني يظن بأن منظمة الأممالمتحدة تبارك هذا العدوان وأدواته، إن لم تكن ضالعة فيه. الصديق العزيز السيد أنطونيو غوتيريش: إن دماء الأطفال والنساء والشيوخ والشباب وكل ضحايا العدوان والحصار على اليمن تناشد ضمائركم الحيّة وتناشد كل القوى الخيّرة في العالم والمحبة للسلام، أن يكون لكم ولمنظمة الأممالمتحدة موقف حازم وصارم لوقف العدوان وإنهاء الحصار والتخفيف من المعاناة التي يتجرّعها اليمنيون تحت مبررات واهية وذرائع غير مقبولة، صحيح أن خلافات حادة اندلعت بين اليمنيين، كان يمكن حلها بالحوار، ولكن النظام السعودي أفشل الحوار ومنح نفسه حق التدخّل في الشئون اليمنية من خلال استغلال قرار مجلس الأمن الدولي تحت رقم 2216 الصادر بشأن الأزمة اليمنية، وأجاز لنفسه ولمن تحالف معه شن حرب وعدوان غير مسبوق على دولة مستقلة وذات سيادة بمؤسساتها الدستورية، المعنية بحل مشاكل اليمنيين، مع أن ذلك القرار الدولي لم يجز شن حرب على شعب كامل وتدمير وطن بكل مقدراته، ولم يجز أن تقوم دولة عضو في الأممالمتحدة بالعدوان والحرب على دولة مستقلة هي الأخرى عضو في الأممالمتحدة، بل إنها من أوائل الدول المؤسسة لمنظمة الأممالمتحدة، وأن يتجاوز النظام السعودي كل القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية والثنائية، بشن الحرب والقتل والتدمير ولمدة عامين متواصلين. لقد كان اليمنيون وبالذات الأطراف المتنازعة، يُجرون حواراً فيما بينهم برعاية ودعم من الأممالمتحدة، بهدف مناقشة كل قضايا الخلاف، والتوصّل إلى حلول تكفل الخروج الآمن من أزمتهم بسلام، وبما يحفظ لليمن وحدتها وأمنها واستقرارها، ويكفل لكل الأطراف حق المشاركة الوطنية في تحمّل مسئولية قيادة البلد والوصول به إلى شاطئ الأمان، غير أن نظام آل سعود الأرعن أفشل الحوار وقام بالعدوان بدون أي مبرّر أو مسوّغ قانوني أو أخلاقي. إن معاناة الشعب اليمني تجاوزت كل الحدود وتزداد كل يوم مأساوية، وخاصة في الجوانب الإنسانية التي تتفاقم يوماً إثر يوم، وأصبح الشعب اليمني مهدّداً بارتفاع حاد في معدلات المجاعة التي شملت أكثر من منطقة بسبب نقص الغذاء والدواء والرعاية اللازمة للأطفال والفقراء والمرضى، إلى جانب زيادة معدلات الوفيات بسبب عجز المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية التي تعرضت للقصف والتدمير بواسطة الغارات الجوية لدول التحالف، بما فيها مستشفيات منظمة أطباء بلا حدود، والتي عجزت -نتيجة للعدوان- عن أداء مهامها في الرعاية والتطبيب، وبسبب إغلاق المطارات والأجواء وتدمير الموانئ ومنع رحلات الطيران المدني من الوصول إلى مطار صنعاء أو السفر منه، الأمر الذي فاقم مشكلة المرضى ذوي الأوضاع الصحية الخطيرة الذين يحتاجون للسفر إلى الخارج للعلاج وإنقاذ حياتهم من الموت. إننا نخاطبكم باسم الضمير الإنساني، ومن منطلق ما يفرضه عليكم واجبكم الأممي والأخلاقي والإنساني بأن تتحمّلوا مسئوليتكم كأمين عام للأمم المتحدة معقود عليه الأمل أن يعمل على أن تُصدر الأممالمتحدة القرارات الحازمة التي من شأنها إيقاف إبادة الشعب اليمني، وأن لا تقف منظمتكم الموقّرة موقف المتفرّج أمام إصرار وإمعان النظام السعودي في قتل الشعب اليمني وتدمير مقدرات وطنه. السيد الأمين العام: نحن نثق بالإنسان وقدرته على مواجهة العقبات، ويتقاسم اليمنيون معكم الرغبة الحقيقية في إصلاح مناهج أداء هذه المنظمة التي عليها أن تحقّق التوازن الخلّاق بين الاعتراف بالقوة والاعتبار للقيم الإنسانية واحترام حق الشعوب في السيادة، والسعي إلى العدالة والسيادة، ونتمنى أن يكون كفاحكم محطة في تاريخ هذه المنظمة التي يحتاجها العالم فعالة وعادلة، وتجسّد الالتزام بالمواثيق الدولية. نتمنى لكم التوفيق والنجاح، مؤكدين أننا في المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصاره سنكون خير عون في العمل من أجل الأمن والاستقرار في اليمن، وكذا أمن واستقرار المنطقة والعالم. وتفضلوا بقبول أسمى اعتباري واحترامي... الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية الأسبق رئيس المؤتمر الشعبي العام صنعاء: 6 يناير 2017 الموافق: 8 ربيع الثاني 1438