لا توجد محافظة حصدت من الألقاب التشريفية والمديح - وخاصة من قبل الإصلاح - منذ بداية الثورة، أكثر من محافظة تعز.. ولكنها دفعت ثمن ذلك غاليا، وحصدت مقابل كل ذلك من العناء الكثير الكثير . كنت عندما أسمعهم يمدحون تعز، لا أشعر بالفخر بقدر ما أشعر أن ثمة مصائب تحدق بهذه المدينة المتعبة . عبثوا فيها وعسكروها ، وشمتوا وعزروا داخلها باسم الثورة، وعندما تذكّرها الحظ بمحافظ شريف، خرجوا - أدعياء الثورة وموزعو الألقاب- متأبطين مشاريعهم الاستحواذية القذرة . كان الإصلاحيون أيام الثورة يصورون لك تعز بخيالية، ولربما كان صاحب تعز يمشي هنا في صنعاء في ساحة الجامعة وهو يشعر أنه يمتلك صفات زائدة عن الآخرين، لكثرة ما كان الإعلام يسكب الثورية بلا حساب على الإنسان التعزي، وصاحب تعز لا يقصر.. يسمع ويرجم بنفسه أول واحد. كانت الأمور تشتعل في تعز بسبب ذلك النفخ الإعلامي، ويتسبب في ارتفاع منسوب الشهداء والجرحى والاضطرابات، باسم الثورة .صحيح أن كل تلك التضحيات شرف للمدينة، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ مدينة خسرت زهور شبابها، وتحولت إلى ساحة لصراع المليشيات الثورية، وتصفية الحسابات الوطنية، والاستحواذ "السلمي" على كل شيء، بفضل الإصلاح طبعا .. الإصلاح الذي كان يهول وينفخ ويمدح ويسبح بحمد ثوار تعز . لقد خرجت تعز من الثورة نااااشف، ولكن يبدو أن الله لا يرضى بالظلم.. تداركها بهذا المحافظ ليحاول أن يرجع شيئا مما فقدته من أمنها ومدنيتها، ويكون عزاء لها عما خسرته من أبنائها . غير أن نافخي أبواق الأمس كشفوا عن رؤوسهم المتعفنة، موضحين بما لا يحتاج ذكاء أبدا، أن كل ما كانوا ينمقونه عن تعز وثوريتها ليس إلا جزءا من خطة كانوا يأملونها في الاستحواذ عليها.