ما حدث بالأمس في الحصبة- جولة الحباري- يضع ألف علامة استفهام أمام وزارة الداخلية ومهمَّتها تجاه الانفلات الأمني الذي لم يسلم منه حتى جنود الداخلية نفسها.. أن يأتي قاتل مأجور ويضع عبوة ناسفة بجانب سيارة نجدة ويذهب إلى الشارع الثاني ليفجرها عن بُعد، فهذا قمة الاستهتار بالأمن وبالداخلية وبالجيش بأكمله، وأن يحدث هذا فهو دليل على عدم فاعلية الأجهزة الأمنية في هذا البلد المغلوب على أمره، الذي ابتُلي بأسوأ وزارة داخلية في تاريخه.. وهناك رواية تقول إن القاتل جاء إلى الجنود- مبتسماً- وأعطاهم "كرتون" وأخبرهم أنه "صبوح دافي".. وبمجرد أن فتحوه انفجر وخلَّف ثلاثة قتلى وبعض الجرحى.. كيف يجرؤ قاتل على فعل هذا إلَّا وهو مطمئن إلى أن وزارة الداخلية نائمة، وأن الجنود طيبون وسيصدقون كذبته القاتلة. ستُقيَّد الجريمة ضد مجهول، كما هي العادة، ولن يجبر مصابَ أسرِ الجنود وأطفالهم بيانٌ يصدر عن وزارة الداخلية يستنكر الحادثة، ويعد بملاحقة الجناة. مررتُ من مكان الحادث واعتقدتُ أن أجد المكان مُحرَّزاً بشريط أصفر، كي لا يدخل أحد إلى مربع الانفجار إلى أن يأتي البحث الجنائي والإسعاف والدفاع المدني والنجدة والأدلة الجنائية، لكني رأيت الناس يملأون مربع الحادث ويدوسون على كلِّ شبر فيه، ويعبثون بما يمكن اعتباره أدلَّة جنائية ربما تساعد في الكشف عن المجرم.. لكن يبدو أن وزارة الداخلية ليست معنيَّة بالكشف عن أيِّ مجرم، لأنها لم تفعل ذلك، رغم كلِّ الانفجارات والاغتيالات وسقوط الطائرات وضربات الكهرباء وجريمة الرئاسة والسبعين وكلية الشرطة.. رغم كلِّ هذه الكوارث لم تكشف وزارة الداخلية عن مجرم واحد لتثبت أنها تقوم بواجبها!! ولا أدري لماذا الحكومة صامتة تجاه تقصير وزير الداخلية في عمله!! ولماذا لا يبادر معالي الوزير ويقدِّم استقالته إن كان يريد أن يخدم هذا البلد بحق!! الرحمة للجنود الشهداء..