- الدكتورة آمال: دعوات المقهورين لن تظل طريقها .. فمتى تصحو الضمائر النائمة؟ - مواطنة: ما نعانيه هذه الأيام في عدن يتغاضى عنه المسؤولون كونهم مرتاحون ولا يحسون بما يعانيه المواطن - البلاد على كف عفريت، والمسؤولون بالهم مشغول بقضايا أهم من موت المواطن - عدد الوفيات في تزايد بسبب مشاكل الكهرباء المتفاقمة والوعود لن تعيد الحياة للذين رحلوا استطلاع/ دنيا الخامري خفوق مليئة بحالات من الصمت وحالات من الزفير والشهيق والمناجاة والدمع وصراخ مكتوم.. وتمتمات بكلمات غير مفهومة.. وأنين ووجع.. دعوات مرفوعة للسماء.. أثقلت كاهلهم ساعات الانتظار والاحتضار.. وساعات الضعف والوجع.. نهش الألم أجسادهم التي تتراقص عليها الأمراض وما سنتناوله مجرد بؤرة أضغاث أحلام ومجرد بقايا أمل مبثور جميعها تصف حال الناس في ظل حرارة الصيف الشديدة.. علنا نجد من يراعي ذلك ويفرج عليهم الحال. وعليه قمنا بجولة استطلاعية التقينا فيها بعدد من المواطنين في محافظة عدن وروا لنا معاناتهم بسبب الكهرباء فإلى ما تحصلنا عليه: الموت بانتظارنا مات وارتاح، بهذه الكلمات تصف الأخت فوزية محمد معاناة زوجها حينما قام بنقل أخوه إلى المستشفى لإجراء الإسعافات الأولية له بعد أن أغشي عليه في الشارع بسبب ذبحة صدرية تعرض لها. وتضيف: لم ترضى المستشفى استقبال الحالة بسبب امتلاء الأسرة وعدم توفر أسطوانات اكسجين لإسعاف مريضنا، بعدها ذهبنا به إلى مستوصف معروف وبعد الحاح وفقدان الأعصاب من زوجي وابني تم دخوله إلى قسم الطوارئ لعمل اللازم له ولم تمر نصف ساعة حتى جاء الطبيب ليقول لنا الحالة وصلت متأخرة وللأسف مريضكم توفى. استقبلنا الخبر الصادم ولم نقل سوى حسبنا الله ونعم الوكيل ثم قمنا بمتابعة إجراءات تصريح الدفن وشهادة الوفاة. وقالت: المواطنون يسعفون على نقالات وترفض بعض المستشفيات استقبالهم بسبب اكتظاظ المستشفى وازدحامها بالمرضى. جريمة ما يحصل معنا أما أم محمد التي تبلغ العقد الخمسين من عمرها فتقول: إن ما يحصل معنا جريمة بما للكلمة من معنى، فالأدوية التي نتناولها لم تعد تجدي نفعا، أصبحنا لا نزور أهالينا مثلما نزور المستشفيات ذهاب وعودة على مدار الشهر بسبب ارتفاع السكر والضغط وضيق التنفس وكل هذا بسبب الحر وانطفاء التيار الكهربائي. وتتابع: لمن نلجأ؟ البلاد أصبحت على كف عفريت، والمسؤولين بالهم مشغول على قضايا أهم من موت المواطن بسبب معاناته اليومية وحرمانه من أبسط حقوقه ألا وهي الكهرباء، أصبحنا لا نهم الجوع ولا المشاكل الأمنية ولا حال البلاد لأين سيذهب مثلما نهم مشكلة الكهرباء ومتى تنحل هذه الأزمة. معاناة مستمرة وعبرت الحجة لطيفة عن حالتها بصعوبة وبصوت خانق بسبب معاناتها من مرض القلب فقد أجرت عملية قسطرة بعد انتهاء الحرب الغاشمة العام الماضي إلا أنها الآن تعاني تبعات تلك الحرب. لم تتقبل حرارة الجو وانطفاءات الكهرباء المتكررة بالساعات الطويلة، وتقول: بالنسبة لي البيت أحسه نار تشتعل وأنا أكتوي بداخلها لذا لا أطيق الجلوس فيه بسبب شدة الحمى فأضطر إلى الخروج والجلوس على عتبة الباب لاستنشق الهواء وانتظر حتى يحين موعد عودة التيار لأدخل وارتاح على فراشي. الشكوى لله وبالمصادفة التقينا الأخت عفراء التي كانت تحمل معها جهاز التنفس الخاص بها والتي وصفت لنا معاناتها بسبب الكهرباء التي تنقطع بالحي التي تسكن فيه بالساعات نتيجة التماس الكهربائي الذي يصيب كبينة الكهرباء التابعة لحيهم. سبقتها دموعها قبل أن تقول: لولا الحمى الزائد لن احتاج أن استخدم جهاز التنفس الذي أحمله معي أينما ذهبت بسبب الربو الذي أعاني منه، وإذا خلص علي قبل انتهاء الشهر فأني غير قادرة على شرائه لأن الراتب لا يكفي لشراء جهاز مرتين في الشهر وأولادي لا يشتغلون لأطلب منهم أن يشتروا لي، وتمسح دموعها وتقول الشكوى لغير الله مذلة ربنا على كل ظالم ومتسبب بمعاناتنا هذه. موت بطيء وفي نفس السياق تقول أم صالح من دار سعد: أعاني من الضغط ومع ارتفاع درجة الحرارة يرتفع إلى 200 وحتى الحبوب التي استخدمها لا تنفع ولا تقوم بإنزاله بسبب هم وقلق مشاكل الكهرباء. وتتابع: حتى الماء البارد لا نجده حتى نقوم برشه على رؤوسنا كي نهدأ قليلاً من الضغط الذي نشعر به بأنه سيفجر رأسنا بسبب إطالة ساعات انطفاء الكهرباء، لا تكفي ساعة واحدة شغالة و3 طافية حالنا يرحم ولا أحد يحس بنا. وبانفعال واضح تضيف: هل يعلم المسؤولون في إدارة الكهرباء أن الناس تموت من ارتفاع السكر والضغط والجلطات؟ هل يملكون قلب يحسون به؟ هل يتعذبون مثلما يتعذب المواطن أم أن مواطيرهم وشواحنهم شغالة 24 ساعة؟ وتواصل: الحاصل معنا باختصار انتقام جماعي، موت بطيء، عقاب نتحمله بدون وجه حق ولا نعرف الأسباب وإلا لماذا يحدث معنا كل هذا؟! عودة العصر الحجري وتقول الطبيبة آمال: على الرغم من التطورات العالمية والتقدمات التكنولوجية الحديثة إلا أننا في اليمن مازلنا نعيش في العصر الحجري بعودتنا إلى عهد الفوانيس والشموع والإضاءات القديمة التي كان يستخدمها أجدادنا من قبل كون الشواحن والمواطير الحديثة لم تتحمل كثيراً الإنطفاءات الطويلة للكهرباء. وتساءلت : (ألا يحق لنا أن نطالب بأساسيات الحياة الضرورية التي أصبحنا نتصارع معها ليلاً ونهاراً، أنظروا إلى أين وصل العالم صعدوا إلى الفضاء وإلى المريخ ونحن لا زلنا في مصفوفة الدول النائمة ولا نعلم متى نصحى؟ تصف حال البلاد إلى أين وصل!. وأكملت حديثها: يجب على المسؤولين أن يوقظوا ضمائرهم بأن يلتفتوا إلى هذا الشعب المغلوب على أمره بعين الرحمة والشفقة والمسؤولية، يكفيه أنه يعاني من مرارة الحرب الماضية ومرارة الجوع والفقر في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور الاقتصاد وصابر، كما إننا لا نريد أن تصيبكم دعوات الأوكسجين ودعوات كل مواطن يمني بسبب الانطفاء المتواصل والمتكرر للتيار الكهربائي. ماذا عن هؤلاء؟ * أصحاب الحرائق الذين يتعذبون كل يوم وأنينهم يسبقهم ماذا عنهم؟ * أصحاب الربو الذين لا يتلقون الأجهزة المتوفرة لأسطوانات الاكسجين بسبب نقصها أو عدم توفرها، ماذا عنهم؟ * النساء الخارجات من عمليات قيصرية بسبب الولادة واللاتي يحتجن إلى أجواء باردة تخفف عنهم آلامهم، ماذا عنهم؟ * أصحاب الجراح بكل أنواعها ودرجاتها، ماذا عنهم؟ * أصحاب الحساسية والحرارة والصنافير في ظل الجو الحار والقاتل، ماذا عنهم؟ * بقية الناس الذين يعانون من القلب والسكر والضغط والفشل الكلوي، ماذا عنهم؟
على الطريق * فتحية أحمد: ما نعانيه هذه الأيام في عدن يراه المسؤولون ويتغاضون عنه كونهم مرتاحون في بيوتهم ولا يحسون بما يعانيه المواطن في ظل الحر الشديد. * الأخت ألطاف: حتى المصباح السحري لو أخرجته من جحره وأستجاب سيقول: شبيك لبيك لا تطلب مني الكهرباء لأنها لن تكون بين يديك. * أم بلقيس: هل هناك من نناديه ونطلب منه الرحمة بنا وبهذا الشعب غير الله، صابرون على ما ابتلينا به ولكن إلى متى؟ هل يشعر أولئك المتنعمون والراقدون على كراسي السلطة أن هناك مرضى لديهم سكر وضغط وقلب في آن واحد وتتفتح لهم جراح بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر وما يعانوه من حر شديد وضيق، الله المستعان. * مواطنة: المعذرة لن أتحدث حول هذا الموضوع لأنه لا يوجد موضوع من أصله فقد تعودنا على التهميش في كل شيء حتى في حقنا البسيط. ما عندنا حل!! أحد أعضاء لجنة طوارئ الكهرباء رد على تساؤل عدد المواطنين المتضررين من التماسات الكهربائية والذين قاموا بإبلاغ الطوارئ أكثر من مرة عن انقطاع الكهرباء في شارعهم في حي كريتر لأكثر من 12 ساعة متواصلة دون نزول أحد للقيام بإصلاح التماس. فكان رده: "لا نستطيع عمل شيء لكم بسبب الخطوط العشوائية للمواطنين وما عليكم سوى التجمع والقيام بمظاهرة في المنطقة الخاصة بالكهرباء وموقعها في مديرية المعلا وإبلاغ مسؤول التوزيع أو المختص عن معاناتكم عله يقوم بعمل حل". وللحكاية بقية في ختام جولتنا الاستطلاعية ومن هول ما شهدناه من معاناة للمواطنين البسطاء الذين لا يملك معظمهم ثمن شراء مراوح شحن أو ماطور أو طاقة شمسية لتكون بديل مؤقت يرحمهم ويسعفهم أثناء انقطاع التيار الكهربائي على الرغم من أن تلك الوسائل أصبحت لا تجدي نفعاً لعدم شحنها بشكل كامل بسبب أن ساعات عودة التيار قليلة مقارنة بعدد ساعات انطفاءه. فعدد الوفيات في تزايد بسبب مشاكل الكهرباء المتفاقمة والوعود التي يسمعوها كل يوم من قبل المسؤولين لن تعيد الحياة للذين رحلوا بسبب الذبحات الصدرية وارتفاع ضغط الدم وغيبوبات السكر والمتسبب بذلك انقطاعات الكهرباء بالساعات وعدم تحمل حرارة الصيف الشديدة. وللتذكير فقط فإننا ما زالنا في شهر مايو وهناك أشهر قادمة تكون درجات الحرارة فيها مرتفعة ناهيك عن أننا على أعتاب قدوم شهر رمضان المبارك خلال الأيام القادمة. فمشكلة الكهرباء تظل معضلة حقيقية وهاجس كل مواطن في محافظة عدن بسبب ما تعانيه من ارتفاع درجات الحرارة.. فالكهرباء متوقف عليها كل شيء فهي الحياة وهي الموت بالنسبة للمناطق الساحلية الأشد في درجات الرطوبة والحرارة.