في تقرير التنمية الإنسانية في الوطن العربي الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي لعام 2016 تحدث عن البطالة " البطالة بين الشباب في الوطن العربي هي الأعلى في العالم، 29% في 2013 مقابل 13% عالميا" "في العام 2015 قبل انطلاق عاصفة الحزم كان اليمن في المرتبة 154 عالميا في مؤشر التنمية البشرية مسجلة أعلى مستويات الفقر والبطالة وأدنى معدلات التغذية والتعليم في المنطقة"...وقد أكد تقرير صادر عن مكتب البنك الدولي بصنعاء تضاعف معدل البطالة في صفوف الشباب باليمن إلى 60% وهي نسبة عالية جدا، وسوف تؤثر في استقرار المجتمع وتنبئ بحالة من الفوضى والقلاقل داخل المجتمع. المثير للاهتمام أيضا أن الحكومة اليمنية لم تولي أي عناية خاصة بتلك المسألة الحساسة وقد أوقفت إصدار خانات وظيفية سنوية منذ ما يقارب الخمس سنوات الأخيرة، وأصبح موضوع مشاركة القطاع الخاص في إيجاد فرص وظيفية للشباب تكاد تكون معدومة، رغم أهميته في رفد التنمية إلا أنه أصبح معضلة حقيقية بعد غياب الدولة وانعدام الرقابة الحكومية عليه وأصبح في نهاية المطاف مصدر استغلال لطاقات الشباب واستنزاف جهودهم فلم يعد ملتزما بقانون العمل وتأمين العمالة، وأصبح نموذج حي للاستغلال ونهب المجتمع بدل المشاركة الايجابية في التنمية والإصلاح.
عند الوقوف على جزئية "البطالة بين الشباب" كعامل جذري يؤدي إلى تشكل هويات مناهضة للهوية الوطنية، ويقود نحو تفسخ البنى الاجتماعية وتشكل جماعات جديدة تنمو على تخوم المجتمع وتخترقه باستغلال الحاجة والفقر فلا عجب إذن في نشوء ظاهرة الدعشنة، والملشنة في السابق، فشروط تشكلها موجودة، وإذا استمرت الحكومة في التعامل مع ذلك الملف بتلك الصفاقة فإن الحديث عن القضاء على الجماعات الإرهابية مجرد وهم، وأسلوب تسعى إليه السلطة لشرعنة وجودها. فمسألة تكثيف الجهود الرسمية في المناطق المحررة من الانقلاب مسألة غاية في الأهمية خصوصا في هذه اللحظة التي يعاني منها المواطن مساوئ آثار الحرب المستمرة وتبعاتها.
وعن تجذر ظاهرة الفساد والمحسوبية داخل الجهاز الحكومي ففي اليمن ظلت المؤسسات الرسمية بؤرة حقيقية لممارسة الفساد المالي والإداري بشتى صوره، ففي تقرير سابق لمنظمة الشفافية الدولية فإن اليمن يعد من ضمن الدول العشر الأكثر فسادا عالميا.
حيث يشكل الفساد ثقب خطير وسبب رئيسي لارتفاع معدلات البطالة، فإن مسألة القضاء عليه تتطلب جهودا حثيثة وحزم واستبداد ضد رموزه، وتطوير الجهاز الحكومي وإعفاء المسئولين البارزين في الجهاز الحكومي سابقا ومحاكمتهم والعمل على إيجاد رؤية ثورية تطويرية هادفة مستغلة طاقات جديدة ومتجددة.
إن الاستمرار في التعامل بخفة مع ملف البطالة بين الشباب وظواهر استغلالهم الرخيص في القطاعات الخاصة سيؤدي بالضرورة إلى نتائج عكسية لا يحمد عقباها.