الوطن هو أولادنا وأطفالنا هو أبائنا وأمهاتنا وإخواننا هو أجدادنا وأحفادنا هو أصدقائنا وخلاننا هو أقربائنا هو جيراننا هو ذريتنا وسلالتنا .. الوطن هو رحمتنا هو شفقتنا هو تعاونا وتعاضدنا هو مغفرتنا وتسامحنا هو صدقنا وإخلاصنا هو إحساننا ومعروفنا.. هو الحب والمحبة التي تحتويها صدورنا وتكتنفها قلوبنا وتطرب بها أفئدتنا . الوطن .. هو لقمة طعام نتناولها بهناء كل صباح وشربة ماء دافئة نرتشفها بلهفة على حين فترة .. الوطن هو عناية الفلاح ببذرة القمح المقدسة بل هو أيضا قطرات العرق التي تتساقط من جبينه .. هو أيضا شجرات النخيل وظلالها المستقيم وثمرها الطيب المبجل . الوطن .. هو كلمة طيبة تتلاقها كل صباح من جارك الحنون وابتسامة يهديك أيها ابن حيك الغريب .. هو سلام أيضا تتلاقها من نافذة سيارة فخمة لعالم دين أو رجل مال أو مدير أعمال هو إعانة ومساعدة تتلاقها على ضفة الطريق أو خدمة مجانية يقدمها اغرب الغرباء في ظهيرة يوم مشمس قد انطوت حتى الحجارة على نفسها من حرارة تلك الرمضاء . الوطن .. هو دينار تضعه بعطف في أيادي المحتاجين المرميين بالشوارع والمكدسين على أبواب الجوامع والمنطويين على أنفسهم في المنازل والأكواخ .. الوطن هو أن تمسح برفق ورحمة على رأس يتيم ودعوات ترفعها للقدير للمرضى .. وخدمة تقدمها بابتسامه من على كرسيك الناعم لمضطر .. وهو حقنة أيضا تحقنها في جسم مريض أو مريضة وهو جرح تضمده لجريح قد أهلكه الألم .. وهو أنبوب تسعى لإصلاحها ونافذة تطلوها بلون زاهي ومبنى تشيده بعناء تقاسي في سبيله درجة الحرارة المفرطة تكابد تشنج المالك وعناية المقاول وتبلطج المهندس والمشرف المختص . الوطن .. هو خروجك كل صباح متجها إلى عملك بإخلاص ماسكا بأدواتك شاهرا منشارك أو قابضا بمطرقتك أو حاملا لأقلامك وأوراقك أو ناصبا لشباكك وراميا لصنارتك أو مستلا سلاحك تحرس الأبواب و الحدود والأنفس والأرواح . الوطن ليس ... الوطن .. ليس تلك الخطب والمقالات والكلمات الرنانة والأناشيد المرعبة والإلحان الموزونة والأصوات الجذابة انه ليس نهيق الرؤساء والملوك ونحيب الوزراء والأمراء ولا هو قهقه الصحف ونباح القنوات انه ليس أعمدة تسطر يمين الجرائد كل صباح ولا هو مقطوعات غنائية تبثها الإذاعات مع أشرقه كل يوم جديد . الوطن .. ليس مناصب ولا رايات ترفرف ولا شعارات ورموز تطبع على الأوراق وتنقش على الأختام ولا حتى نشيد وطني يردد كل صباح تردده أفواه التلاميذ وأفواه العساكر . الوطن .. ليس جنود مدربون والآلات غريبة مخزونة وذخيرة هائلة مكدسة ومخازن سرية وأجهزة عسكرية وأنظمة استخبارتية وعملاء سريون وسفراء موزعون ومقاعد في المنظمات الدولية وسفارات متناثرة ووزارات متخصصة ونواب منتخبون ووزراء معينون وعساكر يحرسون وليس رتب عسكرية ومنازل قيادية . وأخيرا الوطن .. ليس دماء تزهق وتضحيات تسطر وجنائز تزف وجثامين تقدم للصلاة تكسوها الإعلام والرايات تودعها الرصاصات وتبكيها الأمهات ويحملها الشبان ويهتف حولها الإباء ويثني لها الشعار ويسطر لها الكتاب المقالات والروايات ويرثيها السياسة وتمجدها الأحزاب وتتغنى بها القنوات والإذاعات .. باختصار : الوطن هو الإنسانية