صار من الصعوبة التعايش مع سيل من الأزمات والتراكمات المتلاحقة ، وازدياد حالة السخط والإحباط والتشاؤم المصحوب بمرارة المشاهد وحدة الأوضاع المأساوية وصعوبة ذلك يتجلى في وجودك في مكان لا تجد معنى لحياتك وكرامة آدميتك . فصار الوطن في دائرة مظلمة – خيوطها على حافة الانهيار والسقوط المريع. وبالنظر مليا وعيانا.. تجد أن أكثر الزوايا سوادا هو تحويل المجتمع برمته إلى انحراف كامل للقيم والمثل وإبقاؤه في دائرة الانبطاح والسقوط السريع . ويظل الشرفاء في وطني الحزين .. هم أكثر الناس توجعا وآلما .. وعناء . ويحاربونه وتطلق في وجوههم سهام كل الأفاكين وغاسلي الأطباق وماسحي الأحذية والانعال وتتعدد وجوههم وتتلون حسب الحاجة وطبيعة المرحلة ، فيتحولون من نقيض إلى آخر – وتتبدل مفاهيمهم وأفكارهم وفجأة تجدهم في مقدمة الصفوف ومدافعين عن قيم نتنة وسلوك مشين وبلد يقاد نحو هلاك ملعون. فلا غرابه إذن في وجود هؤلاء .. ولعزاء لمن رضى على نفسه أن يكون قوادا للهو والانقياد نحو مراثون داعر سياسيا .. تتعرى وجوده وتكشف أقنعة وسط مجتمع قابل للسقوط والانهيار بعد أن صار الملعب أكثر اتساعا.. للتغول والانصياع وصرنا نحيا مرحلة الانحطاط القيمي المجتمعي الشامل .. لإغراقنا في نفق أكثر ظلاما. فالشرفاء – الوطنيين وحدهم في بلدنا.. يغتالون ويحاربون ولا مكان لهم في ظل الانهيار المحموم . بعد أن صار كل شيء قابل للبيع والمهانة وكأننا بلا وطن أو هوية أو تاريخ . بعد أن غرس في وجدان امة حب الانبطاح لجيل أخر انعدم في اعماقة حب الوطن وروح الانتماء وجدوى البحث العلمي والأدبي لتاريخ شعب يدجن ويكون بلا انتماء ولا اثر لماهية عادات وموروث تاريخي خلد منذ ألاف السنين . ففي ظل هكذا عوامل ذاتيه وموضوعية .. حتما تغيير مجتمعات ويسودها الانفلات الشامل وتصبح قابله للابتلاع كل شيء . فمتى نطيق كشف أغوار هذه المآسي وتعريه كل الخطط والبرامج وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل السقوط والانهيار السريع. قلناها مرارا .. وسنظل نقرع الأجراس وندق ناقوس الخطر .. يا ساده الوطن في مأزق خطير .. علينا إنقاذه قبل نصحوا غدا فنعيش في ارض لا قيمة لإنسان فيها . فتموت آمال أجيال .. و تحيا ديناصورات وأفيال للبيع بالمجان .. فيكون العنوان :- ((هنا كان وطن .. بالأمس كان لنا انتماء )) ..