لازالت الثورة الجنوبية مستمر ضد المحتل اليمني, ومازالت آلة القمع والتدمير والوحشية تفعل فعلها بدعم ومساندة اقليمية, وتحت أنظار العالم وكافة المنظمات والهيئات التي تدعي حقوق الانسان ومكافحة الارهاب والوحشية لاسيما بعد أن حاول قوى النظام المحتل السبئي الدكتاتوري سرقة الثورة الجنوبية, وجعلت من جنوباليمن حلبة للصراع وتقسيمها الى اقاليم لبسط نفوذها حسب مصالحه, وألحقت الخراب والدمار بالوطن والمواطن حتي الشجر والحجر, لم يسلم, حيث الآلاف من الشهداء ومثلها من المعتقلين والجرحى والمهجرين واللاجئين في الشتات فلم يفلح قطاع في الوطن إلا ودمر من الاقتصاد الى البنية التحتية من معامل ومدارس ومستشفيات ومؤسسات عسكرية وكان لقطاع التعليم النصيب الأكبر والذي يمس بنية المجتمع الجنوبي بل ويمس كل أسرة وكل فرد لأنه لا حياة لمجتمع دون علم, وبالعلم ترتقي الشعوب وتتنهض الأمم وتبنى الأوطان .. التعليم الطريق الوحيد المتاح أمام المجتمعات الذي يتوجب عليها سلوكه للوصول إلى الحقائق ومعرفتها, وكي يكون الفرد متعلماً فإنه سيبذل الكثير من الجهد, فالوصول إلى المعرفة الأكيدة ليس بالأمر السهل فهو يحتاج إلى الكثير من البحث والتعب، والعلم بحر واسع وعميق المدى مهما أبحر الإنسان وغاص في أعماقه فإنّه لن يستطيع أن يدرك منه شيئاً, أي أن الإنسان مهما كانت مكانته العلمية فإنّه لم يؤتَ من العلم إلا القليل .. ورغم كل ماقدمته الإمارات الشقيقة, ممثلة بهيئة الهلال الأحمر لتنفيذ برامجها التنموية, وجهودها الحثيثة, على مستوى القطاع التعليمي, في دعم القطاع عبر إبرام اتفاقية تمويل مشاريع تعليمية, إلا ان التعليم بالنسبة لابناء الجنوب في متناول اليد لكن لايخلى من بعض العقبات والصعوبات .. التعليم ضرورة من ضرورات الحياة والركيزة الأساسية لأي تطور ونماء اجتماعي واقتصادي, ويعد الجسر الوحيد ووسيلة العبور للمستقبل الزاهر المشرق, ومن هنا الجنوبيين كونهم يشكلون اقل نسبة, من بين المستوطن اليمني الذي يفوق تعدادهم اضعاف, لكن أكبر نسبة في الشتات, والجهل والتأهيل التربوي والعملية التعليمية, بغية رفع مستواهم الفكري والمهني العال والمتقدم, وحصولهم على طرائق التدريس الحديثة وكيفية تعاملهم مع الطلبة في حالات الأزمات, ودولة الجنوب المستقبل تحتاج إلى أجيال متعلمة وواعية ومثقفة, وأكاديمية لبناء مجتمع واعي حضاري وديمقراطي .. لذلك التعليم بوابة العبور للمستقبل الأفضل, ومن ثم للبدء ببناء الوطن والارتقاء به الى مصاف الدول المتحضرة وهذا ليس بمستحيل فألمانيا واليابان خرجتا من الحرب العالمية الثانية مدمرتين منهمكتين لكن بالعلم والعزيمة والإرادة القوية والإصرار أوصلوا بلدانهم الى درجات عليا من الرقي والتطور والحضارة, وأصبحت من الدول المتطورة اقتصاديا وسياسيا وحضاريا على صعيد العالم, لذاك العلم الجسر الوحيد للعبور الى مستقبل مشرق ومزدهر الى وطن يعم فيه السلام والأمان والازهار الاقتصادي والحضاري .. أثناء الحرب العالمية الثانية وخلال قصف طائرات هتلر علي مدن إنجلترا سأل وزراء مستشاروا رئيس الوزراء "ونستون تشرشل" بأن مدنهم تدمر فسأل تشرشل ما أوضاع القضاء والتعليم؟ فقيل له بأنها بخير فقال سوف ننتصر, فانتصروا بالعلم والقضاء العادل النزيه, لكن في حالتنا, وفي كافة أرجاء الجنوب, دون استثناء الوضع التعليمي هدم ودمر وبشكل شبه كامل .. لذلك يعتبر التعليم المحرّك الأساسي في تطوّر الأمة وبناء الحضارات الذي لا يتمّ إلا ببناء الفرد وتثقيفه، فالحياة مزيج من العلم والعمل, وأهميته لا تقتصر فقط على أفراد إنما تمتد لأكثر من ذلك لتشمل مجتمعات وشعوب بأثرها المجتمعات الناجحة والمزدهرة هي من أكثر المجتمعات قوةً وهيمنةً في هذا العالم, وحتى يكون المجتمع قوياً ومتطوراً لا بدّ له من أن يقوم على عدّة مقوّمات أبرزها العلم, فبدون العلم لما قامت المجتمعات البشرية وتطوّرت وازدهرت ووصلت إلى ما هي عليه في وقتنا الحالي .. اما في الجانب التربوي هناك عدة عوامل داخلية وخارجية وسلبية وإيجابية مؤثرة على تربية الأبناء, وأسرة الوحدة الاجتماعية تهدف إلى المحافظة على النوع الإنساني, والتي تسهم بشكل أساسي في تكوين شخصية الطفل من خلال التفاعل والعلاقات بين الأفراد, لذلك فهي أولى العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية، ويؤثر حجم الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية ولاسيما في أساليب ممارستها حيث إن تناقص حجم الأسرة يعد عاملاً من عوامل زيادة الرعاية المبذولة للطفل .. تعد الأسرة أهم مؤسسة اجتماعية, والمحضن الأساس الذي يبدأ فيه تشكل الفرد وتكون اتجاهاته وسلوكه بشكل عام, حيث تؤثر في شخصية الكائن الانسانى، وذلك لأنها تستقبل الوليد الانسانى أولا, ثم تحافظ عليه خلال أهم فترة من فترات حياته وهى فترة الطفولة, وهى "الفترة الحرجة في بناء تكوين شخصية الإنسان كما يقرر علماء النفس، وذلك لأنها فترة بناء وتأسيس, تأتى المدرسة في المرتبة الثانية من حيث الأهمية في تنشئة الطفل, بالتعاون مع الأسرة من أجل توسيع مدارك الطفل وجعله يحب المعرفة والتعليم, مما أدى إلى بروز المدرسة كمؤسسة اجتماعية مهمة, لها أثرها الفعال في مختلف جوانب الطفل النفسية, الاجتماعية, والأخلاقية, والسلوكية, لذلك تؤثر العلاقات الأسرية في عملية التنشئة الاجتماعية حيث إن السعادة الزوجية تؤدي إلى تماسك الأسرة, مما يخلق جواً يساعد على نمو الطفل بطريقة متكاملة .. ومن الناحية الدينية, دور العبادة لها تأثير كبير في غرس النواة الأولى للتوجّهات الإيمانيّة والدينيّة في نفوس الأطفال والأحداث, يؤثر الدين بصورة كبيرة في عملية التنشئة الاجتماعية وذلك بسبب اختلاف الأديان والطباع التي تنبع من كل دين, لذلك يحرص الإسلام على تنشئة أفراده بالقدوة الصالحة, من رفاق وأصدقاء, في مدرسة, جامعة, نادي جيران وقاطني المكان نفسه وجماعات الاعتدال والفكر والعقيدة السليمة, التي توفّر الأرضية اللازمة للتربية الدينيّة والأخلاقيّة والإقبال باتجاه المعارف الإسلاميّة الصحيحة ومن البديهيّ أن يؤدّي إلى زيادة نسبة التأثّر والتأثير والابتعاد عن التنظيمات المتطرفة المختلفة, التي تتبنى أفكاراً شاذة خارجة عن التفكير السائد في المجتمع, وبعيدة كل البعد عن توجهاته, فضلا عن التحول النوعي للفكر, التي زادت خطورته من حيث حجم العمليات الإرهابية وأعداد الضحايا وفشل الأنظمة في القضاء على هذه التنظيمات الشيطانية, وإتساع نطاق أدى إلى تزايد أعداد الجماعات والإنتراوات والأفكار المتطرفة .. لذلك المؤسسات التعليمية, تتمثل في دور الحضانة والمدارس والجامعات ومراكز التأهيل المختلفة, والمدرسة كالعائلة, وعاملٌ مهمٌّ على صعيد تربية الأطفال والأحداث, على الصعيد الجسدي والروحي, وتتكوَّن البيئة المدرسيّة من عناصر مختلفةٍ, من المعلّم, إلى المدير والناظر والمسؤول التربويّ والموظّفين والأصدقاء, والزملاء في الصفّ, وغيرهم بحيث يمكن أن يساهموا في تشكيل شخصي الطِّفل, وفي رسم معالم منظومته الفكرية والسلوكية, وربّما اتّخذ الطالب أيضاً أحد هذه العناصر قدوة وأسوة له في الحياة, ويُعدّ دور المعلّم في بناء البعد الأخلاقيّ أو هدمه عند الطلاب مهمّاً جدّاً, بسبب نفوذه المعنوي, يُقدِّم القدوة والنموذج للتلاميذ من خلال سلوكيّاته, فهم يتأثّرون بشدّة بكافّة الحركات والسكنات والإشارات, وحتى الألفاظ التي يستخدمها المعلّم أثناء قيامه بوظيفته التعليميّة .. وحتي الوضع السياسي والاقتصادي للمجتمع له دور حيث إنه كلما كان المجتمع أكثر هدوءاً واستقراراً ولديه الكفاية الاقتصادية أسهم ذلك بشكل إيجابي في التنشئة الاجتماعية, وكلما اكتنفته الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي, فالعكس صحيح .. ولعل أخطر ما يهدد التنشئة الاجتماعية حاليا, الغزو الفكري والثقافي الذي يتعرض له الأطفال من خلال وسائل الإعلام المختلفة ولاسيما التلفاز حيث يقوم بتشويه العديد من القيم التي اكتسبها الأطفال فضلاً عن تعليمهم العديد من القيم الأخرى الدخيلة على الثقافة بانتهاء عصر الحكايات القديمة .. لكل مجتمع ثقافته الخاصة المميزة له والتي تكون لها صلة وثيقة بشخصيات مكتسبة من يحتضنه من الأفراد, لذلك ثقافة المجتمع تؤثر بشكل أساسي في التنشئة وفي صنع الشخصية القومية ..