كان يا ما كان في قديم الزمان وغابر الأيام حدثنا المحدث وروي لنا الراوي وقص علينا القاص عن قرية أمنه مطمئنة يعيش فيها ناس بسطاء وأكثر سكانها أيتام أباءهم قتلوا في سنوات الدفاع عن قريتهم من هجمات المغول. أهلها يعملون في الزراعة والرعي والاحتطاب وفيها حوانيت عديدة ولم يكن فيها حلاق فكان أهل القرية يذهبون إلى القرى المجاورة لحلق رؤوسهم فخطر على بال أحد أبناء القرية أن يجلب حلاق ويفتح صالون للحلاقة ذهب إلى القرى المجاورة يبحث عن حلاق يستقدمه. وبينما هو يبحث . علم رجل نصاب حاقد على القرية وأهلها فخطرت له فكرة أن يكون حلاقاً . فالتقى بذلك الرجل وقال له :- ما طلبك ؟ فحكى له عن طلبه فقال أنا حلاق وضاق بي العيش هنا ومستعد أذهب معك . ففرح القروي واتفق مع الرجل الحاقد على أن يفتتح له محل وان يكونان شريكان. اتفق الرجلان ورجع القروي إلى قريته وابتناء محل ووفر فيه كل مستلزمات الحلاقة . وقدم الرجل الحاقد إلى القرية وفرح الناس في مقدمه يوفر عنهم عناء السفر ويختصر لهم تكاليف السفر والحلاقة . فعج محله بالزبائن . وبما أنه ليس بحلاق فقرر يبدا يتعلم برؤوس اليتامى فقال لأهل القرية أني ارى أن رؤوس اليتامى أحق من أبداء فيها فشعورهم قد طالت وسوف أحلق لهم بالمجان . فبداء يتعلم بهم ويبرقع رؤوسهم وكان الناس ينتقدونه لعدم أجادته العمل فكان عذره أن شعورهم طويلة ومليئة بالقمل وان الاطفال لا يقفون ويتحركون فيعذرونه وهكذا أخذ يتعلم الحلاقة برؤوس اليتامى ويتعرف على الناس حتى تعرف عليهم جميعهم وعرف درجاتهم الاجتماعية وربط علاقات كبيرة مع الجميع وشكر الناس حسن صنيعه بعدم اخذه المال من اليتامى مقابل عمله وتظاهر بالطيبة ومشاركة الناس بالرأي والعمل الخيري . وهكذا مضت سنين والحلاق يعد خططه ويحبكها في كيف التخلص من رجال القرية الكبار وأبطالها وكيف يفسد اسواقها . فأحضر زجاجة بها سم يضع على الجرح وبعد فترة يموت المجروح دون أن يعلم الناس سبب موته . فكان إذا اتاه رجل من عظماء وابطال وأعيان القرية يجرحه برأس او الرقبة جرح بسيط ويضع عليه من ذلك السم الذي يوقف الدماء من الجرح وبعد فترة يموت ذلك . وهكذا بداء يتخلص من رجال القرية والقرية لا تعلم خلفية عمله واسباب موت أكابرها . ذهل الجميع من موت أكابرهم . وذهب فتى إلى المدينة وقص روايتهم في موت كبارهم لأحد الحكماء وعن الحلاق والدواء الذي معه واستشاروا طبيب بعد أن وصف الفتى نوع قارورة الدواء فعلمه الطبيب أنه سم بطيء الموت . عاد الفتى وأخذ يراقب ذلك الحلاق واستخدامه للدواء السام مع الأكابر وعدم استخدامه مع غيرهم فعرف السر . فصاح بأهل القرية وأخبرهم بالسر ودلل لهم وأرشدهم واوضح لهم من هو قاتل أكابرهم ومفسد تجارتهم وأخلاقهم . ولكن زبانية الحلاق وقفوا ضد ذلك الفتى وبرءوا الحلاق الطيب الخير في نظرهم وحاروب ذلك الفتى حتى اصبح مخبولاً . والقرية تصدق الزبانية وكذبت بل وقيدت وكبلت فتاها الغيور . حتى أضحت قرية يحكمها حلاق ويديرها زبانيته استبدل أمنها خوف وتجارتها كساد وخسارة ومات أكابرها قتلاً وغدر . كبر اليتامى وفكوا قيود الفتى الغيور وفهموا القصة وما زاولوا حتى اللحظة في صراع العقل والمنطق مع زبانية الحلاق . وصاح الديك وتثأبت الأفواه فذهب الجميع إلى الفراش على أمل أن ينتصر اليتامى في ليلة من ليالي شهر زاد والملك شهر يار . والله من وراء القصد ،،،