هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    حدادا على شهيد الريح : 5 أيام في طهران و7 في صنعاء !!    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    الرئيس رشاد العليمي: الوحدة لدى المليشيات الحوثية مجرد شعار يخفي نزعة التسلط والتفرد بالسلطة والثروة    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    الرئيس العليمي : قواتنا جاهزة لردع اي مغامرة عدائية حوثية    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    الونسو: اتالانتا يشكل تهديدا كبيرا    بن عديو: الوحدة تعرضت لسوء الإدارة ولا يعني ذلك القبول بالذهاب نحو المجهول    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إيقاد الشعلة في تعز احتفالا بالعيد الوطني 22 مايو المجيد والألعاب النارية تزين سماء المدينة    محمد قحطان.. والانحياز لليمن الكبير    في ذكرى إعلان فك الارتباط.. الانتقالي يؤكد التزامه باستعادة دولة الجنوب (بيان)    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    القبض على متهم بابتزاز زوجته بصور وفيديوهات فاضحه في عدن    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الورقة الاقتصادية.. ساحة حرب إقليمية جديدة في اليمن تسعى لتشطير النظام المالي وتجزئة العملة المحلية
نشر في أخبار اليوم يوم 05 - 10 - 2020

بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب التي يقودها التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، لم يسقط الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً، بل سقطت الدولة الشرعية، وتشطر ترابها الواحد إلى شطرين شمالي وجنوبي، ونسفت أخر أعمدة الحكومة الشرعية القابعة في تحت سوط أجندات التحالف العربي الساعية إلى تشريح الدولة اليمنية الواحد.

"الاقتصاد"، أخر أعمدة الدولة اليمنية الشرعية، التي تلاقى عن محورها تدميرها، أهداف جماعة الحوثي الانقلابية وأجندات التحالف العربي المتباينة، عبر تلك السياسية الموحدة المتخضه عن تقارب منظمومة التحالف العربي لإعادة الشرعية باليمن مع النظام الإيراني.

تقاربات وصلت إلى عنفوانها عند نقطة تشيطر النظام المالي واقتصاد الدولة اليمنية، وتجزئة نضامها المالي إلى نظامين وترسيخ تجزئة العملة المحلي، واندفعوا نحو شرعنة تقسيم الثروات والموارد حسب جغرافيا النفوذ والسيطرة وتحويل هذا الوضع المؤقت إلى وضع دائم.

تقاربات خلقت حرب شوعاء وأسفرت عن مايعرف ب "اقتصاد طوائف" الذي يهدف إلى تدمير العملة اليمنية، ومن ثم تجزئتها، بحيث تصبح كل مجموعة محافظات لديها عملتها الخاصة، في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين يتم تداول العملة القديمة، بينما المطبوعة حديثا في مناطق الحكومة الشرعية، فيما تغرق سقطرى والمهرة وحضرموت وبعض المناطق الشرقية والساحل الغربي لليمن بالدرهم الإماراتي والريال السعودي.

كل تلك العوامل أدت إلى تراجع قيمة الريال اليمني، إلى أدنى مستوى في تاريخه، وتسب في ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية، وانعكس سلباً على المواطن اليمني الذي يعاني من ويلات الحرب الخمس التي غابت في غياهيب الأجندات السعودية الإماراتية، الملتقية مع المصالح الإيرانية في اليمن.

الحرب الحوثية
مع سيطرة الحوثيين على البلاد، قامت الجماعة بالسطو على أموال البلاد ونهب البنك المركزي بكل ما فيه، حتى الاحتياطي النقدي للبنك المركزي المقدر بأربعة مليارات دولار.

ولا تزال ممارساتهم تلك قائمة، فهم يستولون على الإيرادات المختلفة في مناطق سيطرتهم، دون أن يسلموا حتى رواتب الموظفين هناك، الأمر الذي زاد معاناتهم يوما بعد آخر.

الممارسات التعسفية بحق الاقتصاد اليمن من قبل المليشيا الحوثي دخلت طوراً جديداً، أواخر العام الماضي مع اتخاذ سلطات الانقلابيين حزمة إجراءات تمنع تداول الطبعات الجديدة من العملة والمطبوعة من قبل الحكومة الشرعية، وهو القرار الذي وسع الهوة بإيجاد سعرين مختلفين للعملة المحلية، وذلك في أعقاب فشل سلسلة من الاجتماعات رعاها مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن "مارتن غريفيث"، في العاصمة الأردنية عمّان، خلال العام المنصرم، سعت إلى الوصول لاتفاق في الجانب الاقتصادي، وانتهت دون تقدم، لتبدأ مرحلة غير مسبوقة من الأزمة.

مساعي تزامنت مع هجوم واسعة شنته ميليشيات الحوثي على محافظة مأرب الغنية بالنفط، للحصول على مصدر دخل رسمي تمول بها حربها العبثية على اليمنيين، بعد أن أصدرت الحكومة الشرعية قراراً بسحب العملة القديمة التي تستخدم في الجغرافيا المسيطرة عليها من قبل الانقلابيين الحوثيين، والتي كانت من الأسباب الرئيسية في انخفاض قيمة العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية.

مع فشل المليشيا الحوثية في الوصول إلى منابع النفط والغاز في مأرب أيقنت الجماعة بفشل هذا المخطط، فذهبت نحو تصعيد آخر على الجانب الاقتصادي؛ فأصدرت تعميماً للبنوك وشركات الصرافة، ومنعت التحويلات المالية الداخلية مع مناطق سيطرة الشرعية بالريال اليمني، حتى تحبط مساعي الحكومة لسحب الطبعة الجديدة من العملة، وإرغام الميليشيات على إلغاء قرارها بمنع تداول الطبعة الجديدة من هذه العملة.

في موازاة ذلك شن ميليشيا الحوثي حملة نهب ومصادرة لملايين الريالات من الطبعة الجديدة من مختلف أسواق ومراكز المديريات الواقعة على خطوط التماس مع مناطق سيطرة الشرعية، حيث صادرت ملايين الريالات من مديريات دمت شمال محافظة الضالع على حدود محافظة إب، كما نفذت حملة دهم ومصادرة للمحلات التجارية في مديرية جبن الواقعة على حدود محافظة الضالع مع محافظة البيضاء، وامتدت هذه الحملة إلى مديريتي الحشا على الحدود الغربية للضالع مع محافظتي إب وتعز، قبل أن تداهم المحلات التجارية والأسواق في مديرية ماوية شرق محافظة تعز، ما اضطر التجار ومالكي المحلات إلى إغلاقها احتجاجاً على تلك الممارسات ونهبها الأموال، التي يقوم مشرفو الميليشيات ببيعها لتجار مقابل عملة كبيرة، ويقوم هؤلاء بنقلها إلى مناطق سيطرة الشرعية على حد تأكيد مسؤول محلي في المديرية الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

*السطو على النظام المصرفي
إلى ذلك أقدمت جماعة الحوثي الانقلابية في بداية أكتوبر الحالي، على نحو مفاجئ على إغلاق المقر الرئيسي لمصرف «الكريمي» في صنعاء وعدد كبير من فروعه في مناطق سيطرتها، في خطوة أثارت موجة سخط واسعة في أوساط أرباب الأعمال والسوق المصرفية.

وعلى الرغم من عودة الفروع المغلقة للعمل، فإن مراقبين اقتصاديين لم يستبعدوا أن يكون الاعتداء الحوثي على المصرف الذي يمتلك أكبر شبكة لتحويل الأموال في اليمن مقدمة للاستيلاء على ودائعه وأصوله في خطوة قادمة.

وفي حين أقدمت الجماعة على اعتقال أحد مسؤولي المصرف - بحسب مصادر محلية - في صنعاء بالتزامن مع إغلاق فروعه في الحديدة والضالع، لم تتضح بعد الأسباب التي دفعت الجماعة للقيام بهذه الخطوة، غير أن مصادر مصرفية أفادت بأن الجماعة اتهمت للمصرف تهماً بمخالفة توجيهات البنك المركزي الخاضع للجماعة في صنعاء، وتنفيذ سياسات البنك المركزي الرسمي الخاضع للشرعية في العاصمة المؤقتة في عدن.

في غضون ذلك، علق الخبير الاقتصادي اليمني "مصطفى نصر" على الواقعة، وقال في منشور على «فيسبوك»، إن «ما حدث من اعتداء على بنك الكريمي في صنعاء تصرف همجي لا يعي مخاطر ذلك على القطاع الخاص والاقتصاد الوطني، ويضاف إلى الممارسات التعسفية والانتهاكات التي ترتكب في مناطق متفرقة تجاه القطاع الخاص الذي يحاول أن ينأى بنفسه عن الصراع».

وأضاف نصر الذي يرأس مركز الإعلام الاقتصادي «هذا السلوك خطير للغاية؛ وعلى القطاع الخاص إعلان الاستنفار وحالة التضامن الكاملة».

وشملت عملية إغلاق فروع المصرف - بحسب المصادر - جميع الفروع في محافظة إب، والمناطق المتاخمة للمناطق المحررة التي ضيقت عليها الجماعة بمنع تداول الطبعة الجديدة من العملة الصادرة عن البنك المركزي في عدن.

وأشارت مصادر اقتصادية، إلى أن المليشيا الحوثية كانت تقوم بابتزاز البنك طيلة الأشهر الماضية بالحصول على نسبة 30% من الحوالات النقدية القادمة من المحافظات الخاضعة للشرعية، وعند رفض البنك لتلك الإجراءات تمت مداهمته وإغلاق عدد من فروعه.
النهب المنظم على تحويلات المغتربين.

وفي السياق نددت الحكومة الشرعية بحملات النهب والسطو والابتزاز التي تمارسها مليشيا الحوثي على البنوك وشركات الصرافة العاملة في مناطق سيطرتها، ونهبها أكثر من 30% من قيمة الحوالات الشخصية الصادرة من الخارج أو المناطق المحررة للمواطنين في مناطق سيطرتها.

وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في سلسلة تغريدات على تويتر، إن تلك الإجراءات الحوثية "تؤكد أنها مجرد عصابة إجرامية لا تتقن سوى النهب والقتل والإرهاب".

وأضاف: "النهب المنظم الذي تمارسه مليشيا الحوثي لتحويلات ملايين المغتربين والمواطنين بالمناطق المحررة، في ظل توقف المرتبات وتردي الوضع الاقتصادي والمعيشي وتعطل القطاع الخاص وانعدام فرص العمل وتفاقم المعاناة الإنسانية، عمل إجرامي وعقاب جماعي تفرضه المليشيا على اليمنيين".

وأشار الوزير اليمني إلى أن مليشيا الحوثي المدعومة من إيران لم تكتف بنهب الخزينة والاحتياطي النقدي والإيرادات العامة ومرتبات موظفي الدولة لمدة 5 سنوات وفرض الرسوم والجبايات غير القانونية.

وتابع: بل وصل بها الأمر إلى التضييق على البنوك وشركات الصرافة لقطع آخر شريان للاقتصاد ولحياة المواطنين في مناطق سيطرتها.

واعتبر الإرياني أن ما وصفها ب" السياسات الإجرامية" تؤكد عدم اكتراث مليشيا الحوثي بالأوضاع الإنسانية والمعيشية الكارثية للمواطنين في مناطق سيطرتها.

وتابع: كما تؤكد هذه "السياسات الإجرامية" انتهاج مليشيا الحوثي سياسة الإفقار والتجويع بهدف تركيعهم ودفعهم للتوجه إلى جبهات القتال للبحث عن قوت يومهم، والتضييق على مصادر رزقهم وسبل عيشهم، لصالح تمويل مجهودها الحربي.

في خضم هذه التطورات يرى مراقبون أن الإجراءات الحوثية بمنع التداول بالعملة الجديدة الصادرة عن البنك المركزي في عدن تسببت بالاتي:

*أدت إلى تداعيات كارثية على المواطن اليمني، منها رفع عمولة التحويلات الداخلية وفقدان السيولة، فضلاً من النقود القديمة أصبحت تالفة وغير صالحة للتعامل.

*انهار الريال اليمني أمام العملات الصعبة وتجاوز سعر صرف الدولار في عدن حاجز ال750 والريال السعودي حاجز ال200، بينما انخفض السعر في صنعاء إلى 600 ريال للدولار الواحد ونحو 160 للريال السعودي.

* تضرر المواطن اليمني جراء تلك الممارسات من خلال تحمل تكاليف متزايدة نتجت عن حرب العملة، سواء في ارتفاع الأسعار أو في زيادة رسوم التحويلات المالية.

*أدت إلى انخفاض المعروض من الريال في المناطق التي تسيطر علية جماعة الحوثي، مقارنة بزيادة المعروض من العملة المحلية في مناطق الحكومة الشرعية، خاصة مع زيادة تدفق الأوراق النقدية الجديدة بالريال إلى المناطق الحكومية، وبالتالي نتج عن ذلك توسع فارق سعر الصرف.

*انخفاض عرض النقود من الطبعة القديمة أكثر مع إطالة مدة حظر النقود الجديدة، وهذا سيؤدي إلى توسع فارق الصرف وبالتالي زيادة رسوم التحويلات وفي المحصلة سيؤدي إلى كساد اقتصادي وتضخم مفرط وتوقف للأنشطة الإنتاجية.

*ظهور انعكاسات كارثية، في القيود التي تحد من وصول اليمنيين إلى المال (الرواتب و التحويلات)، و في زيادة تكاليف الاستيراد و تعطل الأعمال التجارية، وسيكون للانخفاض المتسارع في قيمة الريال والتضخم الناتج عنه، تأثير مباشر وسلبي على جميع اليمنيين، كلما طالت مدة حظر النقود الجديدة.

*التلاعب والمتاجرة بحياة المواطنين وتعميق الكارثة الإنسانية من خلال إرباك السوق وحرمان من يملكون هذه الفئات من الحصول على الغذاء والدواء

*معالجات حكومية "متأخرة"
بالتوازي مع تلك المساعي الحوثية التي تهدف إلى تدمير أهم أعمدة الشرعية اليمنية (الاقتصاد) والهجوم العسكري على محافظة مأرب شرقي اليمن، لفرض واقع انفصالي في مناطق سيطرتها، والتفرد بقرار مالي مستقل يعزز من فرضية الانقسام المصرفي في اليمن.

دخل الصراع بين الحكومة الشرعية وهذه الميليشيات مرحلة حاسمة، من شأنها أن تضع حداً للعبث الحاصل في سعر الريال مقابل العملات الأخرى.

واتخاذت الحكومة الشرعية حزمة تدابير عبر البنك المركزي في عدن من أجل الحد من تأثير الحرب المعلنة من قبل الجماعة الحوثية ضد العملة ومحاولة مضاعفة أزمة السيولة النقدية في مناطق سيطرتها.

حيث أصدر البنك المركزي اليمني بالعاصمة المؤقتة عدن أواخر شهر سبتمبر الماضي، تعميماً، تضمن جملة من القرارات لمواجهة المضاربة بسعر العملة المحلية، حيث حدد الحوالات الداخلية بالريال اليمني فقط، كما أغلق جميع شبكات التحويلات المالية الإلكترونية بعد اكتشاف قيام عدد من الشركات بممارسة أعمال خارج اختصاصها، مثل فتح حسابات واعتمادات مستندية للتجار، وممارسة عملية المضاربة في أسعار العملة، ما تسبب في تراجع قيمة الريال أمام الدولار بشكل غير مسبوق، على أن يتم إنشاء شبكة إلكترونية موحدة للحوالات تكون مرتبطة بالبنك المركزي.

ولكن أهم الخطوات التي اتخذها البنك هي حصر استيراد المشتقات النفطية عبر البنك المركزي في عدن، على أن يُلزم الموردون بدفع جميع الرسوم الجمركية والضريبية إلى البنك، وهي خطوة ستجبر تجار الميليشيات الحوثية على توريد العائدات إلى الشرعية بدلاً من الحساب البنكي في فرع البنك المركزي في الحديدة، الذي تعرض للسطو من قبل الحوثيين، كما أنها ستجبر المستوردين في مناطق الميليشيات على دفع تلك الرسوم بالطبعة القديمة من العملة؛ ما يمكّن البنك من سحبها من السوق وإرغام تلك الميليشيات على إلغاء قرارها بمنع تداول الطبعة الجديدة من العملة، وفق ما أكده مسؤول رفيع في البنك المركزي.

وحسب مصادر مسؤول في المركزي اليمني بعدن، فإن خطوات أخرى ستُتخذ، ومن شأنها سحب الطبعة القديمة وفرض الطبعة الجديدة، حيث سيتم بيع مادة الغاز المنزلي المنتج من مأرب بالطبعة القديمة، ليتم بعد ذلك سحبها من التداول، وهو الأمر الذي سيتسبب في أزمة سيولة حادة، ولن يكون أمام ميليشيات الحوثي غير القبول بالطبعة الجديدة للعملة أو الموافقة على مقترحات مكتب المبعوث الأممي مارتن غريفيث بشأن تحييد البنك المركزي من الصراع والالتزام باتفاق استوكهولم بشأن توريد عائدات ميناء الحديدة إلى حساب خاص برواتب الموظفين المدنيين، وإعادة المليارات التي نهبتها ميليشيات الحوثي من ذلك الحساب.

فشل مؤسسي
في ذات الاتجاه يرى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي "مصطفى نصر" إن استمرار الانقسام في السياسة النقدية في اليمن يمثل مشكلة كبيرة بين بنكين مركزيين، بما "ينعكس بشكل مباشر" على حياة المواطنين اليمنيين الذين يدفعون فارق العملة من مداخيلهم.

ويضيف "صحيح أن البنك المركزي في صنعاء غير معترف به دولياً أمام المؤسسات الدولية المالية وغير قادر على طباعة عملة وغيرها، ولكن أيضاً بحكم سيطرة الحوثيين على مناطق واسعة بقوة السلاح"، فإنهم "قادرون على ممارسة سلطة على أرض الواقع وبالتالي التاثير على هذه السياسة" بما يلقي بظلاله "بصورة مباشرة على سعر الريال وعلى الوضع المالي والاقتصادي عموما".

كما يعتقد مصطفى نصر أن "الحكومة الشرعية ساهمت في هذا التدهور من خلال طباعة كميات كبيرة، وبالتالي خلقت التضخم في سعر العملة المحلية والمضاربة فيها".

ويرى نصر أن "سبب فارق التحويل هو القرار الذي تم اتخاذه من قبل جماعة الحوثي بعدم التعامل بالفئات النقدية الجديدة"، ويقول إن "هذا القرار نتجت عنه فوارق ما بين العملتين وخلف حالة انقسام واضحة بين عملة قديمة وعملة جديدة بقيمتين مختلفتين وأصبحنا وكأننا أمام عملتين مستقلتين عن بعضهما وبقيمتين مختلفتين وهنا تكمن الاشكالية الكبيرة".

ويختم رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي حديثه محملا الطرفين مسؤولية تدهور قيمة العملة ويقول" هناك جوانب قصور كبيرة واختلالات في إدارة السياسة النقدية والمالية، ونشهد حاليا حالة فشل في أداء المؤسسات الرسمية الحكومية وهي تتحمل جزء من المسؤولية وأيضاً طرف الحوثي ساهم في تدهور الريال منذ عام 2015".

*لوبيات فساد
اتصالاً بذلك كشفت مصادر حكومية في وقت سابق عن وجود لوبيات فساد في الحكومة الشرعية متواطئة مع بعض قيادات المليشيا الحوثية والصرافيين والتجار فيما يخص التلاعب بعمولات التحويل التي ترتبط بسعر صرف الريال، من خلال ايجاد سعرين لصرف الدولار والنقد الأجنبي، حيث أن سعرها في مناطق الشرعية مرتفع أمام الريال، في حين ثمة انخفاض في سعارها في مناطق سيطرة الحوثيين.

ووفقا للمصادر فأن الحكومة الشرعية تعجز عن فرض أو خلق حالة من التوازن في التحويلات النقدية من وإلى مناطق الشرعية والعكس بحيث تلزم جميع الصرفيين بأن تكون الحولات الصادرة من شركاتهم إلى مناطق سيطرة الحوثيين متساوية مع حجم الحوالات الواردة إلى مناطق الشرعية، وبهذا الخطوة ستلزم الصرافين على خفض عمولات التحويل لان فوارق التحويل الحاصلة الآن هي ما يسبب هذا التلاعب والخلل الجاري في رفع عمولات التحويل.

وأوضحت المصادر أن الحكومة الشرعية ممثلة بالبنك المركزي وميناء عدن وشركة صافر في مأرب والجمارك والبنك في محافظة المهرة، تعتبر أهم الجهات التي تساهم في ضرب سعر العملة الوطنية في مناطق الحكومة الشرعية.

وأشارت إلى أن التجار في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يقومون بعملية استيراد البضائع من الخارج، يلجئون إلى دفع مبالغ الضرائب والجمارك الخاصة بتخليص بضائعهم في ميناء عدن مثلاً، بالعملة الصعبة، في حين أن الحكومة قادرة على فرض أن يتم توريد هذه المبالغ بالريال اليمني وهو ما سيجبر التجار في مناطق الحوثيين على تحويل هذه المبلغ بالريال اليمني، وقد يجبر الحوثيين أيضاً على التعامل بالعملة الجديدة لأن التجار والصرافين سيفرضون على الحوثي الأمر كي لا يتحملون فوارق عمولات التحويل بالريال اليمني نتيجة “الطبعة الجديدة والطبعة القديمة” كما هو حاصل في مناطق الشرعية التي تتدفق منها الحولات النقدية إلى مناطق الحوثيين.

وأوضحت أن هذا الأمر يتم أيضاً في منفذ شحن الجمركي الواقع على الحدود اليمنية العمانية، ومنفذ الوديعة مع السعودية، حيث يتم دفع كل المبالغ الخاصة بالضرائب والجمارك بالعملة الصعبة “الدولار” عبر تحويلها إلى تلك المناطق عبر صرافين ويتجنبوا تحويلها بالريال اليمني مستفيدين من فارق سعر الصرف وكذا إنخفاض عمولة التحويل بالدولار.

ولفتت إلى أن التجار في مناطق سيطرة الشرعية، يستفيدون من هذه العملية أيضاً نتيجة فارق سعر صرف الدولار في المناطق المحررة، ما يخلق مضاربة كبيرة بالعملة الوطنية وارتفاع سعر صرف الدولار في مناطق الحكومة الشرعية واستقرار نسبي في مناطق الحوثيين الذي يتسبب مباشرة في رفع سعر عمولات التحويل.. إلاّ أن الحكومة والبنك المركزي لم يتدخلا حتى اليوم تجاه هذا الأمر، بل أن ثمة تواطؤ مع التجار والصرافيين في مناطق الحوثيين، من خلال ترك الحبل الغارب وجعل الأمر يتحكم به مجموعة من كبار الصرافين في المناطق المحررة وغير المحررة..

وفي مأرب كشفت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن شركة الغاز ومجموعة من المسؤولين الحكوميين والصرافين في مناطق الشرعية، تواطؤ مع مليشيا الحوثي على مدى سنوات من خلال التلاعب بالتحويلات النقدية الخاصة بشركة الغاز، "قيمة الغاز المنزلي"، المصدر من مأرب إلى مناطق الحوثيين، الذي تقدر قيمته في اليوم، ب "300" مليون ريال يمني في اليوم الواحد ويتم خصم عمولة التحويل من مناطق الحوثيين إلى مأرب بمبلغ يصل إلى "75" مليون ريال، لصالح صرافيين من الطرفين، في حين أن هذه المبالغ يفترض ألاّ تخضع لأي عمولات تحويل، كونها أموال قطاع حكومي، يفترض أن يتم تحويلها دون أي عمولة. إلاّ أن تشارك فاسدين وصرافيين من الحوثيين والشرعية، فرض العمولة حتى وقت قريب..

في غضون هذه المعالجات الحكومية المتأخرة، والفساد المتفشي في الحكومة الشرعية، تشكك مصادر اقتصادية من نجعه حزمة المعالجات التصحيحية الأخيرة التي أتخذها الحكومة الشرعية لوقف التدهور الاقتصادي في البلاد، في ضل الحرب الخفية التي تقودها الإمارات السعودية لضرب الاقتصاد اليمني.

*أجندات مشبوه
تتجاهل الحكومة الشرعية والتحالف العربي معاناة اليمنيين الذين يكابدون حياة معيشية قاسية في ظل غياب معظم الخدمات العامة وأزمات متفاقمة في الوقود والكهرباء والمياه مع تفشي فيروس كورونا، في الوقت الذي تم إطلاق أيادي مليشيات غير شرعية مثل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، لتقويض ما تبقى من عمل مؤسسات الدولة العامة.

يقول خبراء اقتصاد أن التحالف العربي لم يكتفي بتجاهل أوضاع اليمنيين الصعبة بل اتجه نحو ترسيخ تجزئة العملة المحلية إذ أصبح الريال اليمني في العاصمة المؤقتة عدن بسعر صرف، وفي العاصمة صنعاء بسعر آخر وكل طرف له أوراقه النقدية سواء القديمة أو الجديدة، واندفعوا نحو شرعنة تقسيم الثروات والموارد حسب مناطق السيطرة وتحويل هذا الوضع المؤقت إلى وضع دائم.

ويعتقد الخبراء، أنه بعد ما يزيد على خمس سنوات حرب بدأ يتشكل في اليمن ما يشبه "اقتصاد الطوائف"، إذ "تسعى اتفاقيات، وخصوصاً "اتفاق الرياض" الذي يصفه بالمشوه، لشرعنتها بناءً على المعطيات السياسية والاقتصادية المستحدثة على أرض الواقع، واشتداد الصراع بين مختلف الأطراف اليمنية مع التركيز على الورقة الاقتصادية كساحة رئيسية لحرب جديدة مركبة على أكثر من مستوى.

ويرى، أن التحالف العربي (السعودية والإمارات) عمل على تقويض أي وجود للدولة اليمنية بعد أن أضعفت الحكومة الشرعية، وعدم تمكينها من إدارة المناطق التي من المفترض أنها خاضعة لسيطرتها وحرمت من إنتاج وتصدير النفط والغاز أهم مورد سيادي يمني والذي يساهم بما نسبته 70% من الموازنة العامة للدولة في اليمن، بينما استهدف بالقصف كل ما يمت للدولة والاقتصاد بصلة في مناطق سيطرة الحوثيين.

ويشير الخبراء، إلى أن الواقع الذي سعى التحالف لفرضه منذ بداية الحرب في اليمن، يتمثل في تدمير العملة ومن ثم تجزئتها، بحيث أصبحت كل مجموعة محافظات لديها عملتها الخاصة، في مناطق سيطرة الحوثيين حيث يتم تداول العملة القديمة، بينما المطبوعة حديثا في مناطق الحكومة، فيما تغرق سقطرى والمهرة وحضرموت وبعض المناطق الشرقية والساحل الغربي لليمن بالدرهم الإماراتي والريال السعودي.

ويؤكد أن إصرار الفريق المفاوض التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً في المباحثات الدائرة في الرياض على موقفه في تثبيت الأمر الواقع الذي فرضه بإعلانه "الإدارة الذاتية" على عدن ومحافظات جنوب اليمن، والتحكم بمختلف المؤسسات الحكومية الإيرادية ومنها ميناء عدن وبلحاف وتقاسم الأموال من العملة الورقية الجديدة.

ويلف إلى ما فرضه مؤخراً محافظ حضرموت اللواء "فرج البحيسني"، بالتحكم بموارد النفط من الحقول المنتجة في هذه المحافظة الشرقية، إضافة إلى خروج إيرادات سيادية عن السيطرة الحكومية مثل إيرادات ميناء المخا في تعز (جنوب غرب)، وإدارة الحوثيين لنحو 8 محافظات في شمال اليمن منها مؤسسات الدولة في صنعاء والتحكم بموارد رئيسية من جمارك وضرائب وميناء الحديدة وإيرادات الوقود المستوردة عبر هذا الميناء.

تقسيم الإيرادات والعملة
واستهجن الخبراء الاقتصاديون، تغاضي السلطات السعودية المتواجدة في عدن جنوب اليمن عن تصرفات المجلس الانتقالي ونهبه لموارد حكومية سيادية كالضرائب والجمارك والأموال التابعة للبنك والمخصصة لصرف رواتب الموظفين المدنيين.

وكشف عن حصار خانق يتعرض له البنك المركزي خلال الفترة الأخيرة، من قبل بعض التشكيلات العسكرية التابعة للمجلس المدعوم إماراتياً وأمام أنظار القوات السعودية المحيطة بالبنك والذين يشير صمتهم إلى تواطؤ واضح مع هذه التصرفات التي يتم استخدامها كورقة ضغط لمساومة الحكومة الشرعية في المفاوضات الدائرة في الرياض.

فيما كشف، عن خلافات واسعة بين طرفي الحوار في الرياض حول الوزارات السيادية وبعض المناصب في السلطات المحلية، وهو ما ترفضه الحكومة رفضا قاطعا، موضحة أن كل طرف يسعى إلى انتزاع أكبر مكاسب ممكنة والسيطرة على مصادر الإيرادات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.