مكاتب الإصلاح بالمحافظات تعزي رئيس الكتلة البرلمانية في وفاة والده    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أقرب صورة للرئيس الإيراني ''إبراهيم رئيسي'' بعد مقتله .. وثقتها الكاميرات أثناء انتشال جثمانه    كواليس اجتماع تشافي ولابورتا في مونتجويك    شباب اليمن يبدأ الاستعداد لبطولة غرب آسيا    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    الثالث خلال أشهر.. وفاة مختطف لدى مليشيا الحوثي الإرهابية    انفراد.. "يمنات" ينشر النتائج التي توصلت إليها لجنة برلمانية في تحقيقها بشأن المبيدات    ماذا يحدث في إيران بعد وفاة الرئيس ''إبراهيم رئيسي''؟    عودة خدمة الإنترنت والاتصالات في مناطق بوادي حضرموت بعد انقطاع دام ساعات    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    صيد حوثي بيد القوات الشرعية في تعز    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    تغاريد حرة.. هذا ما احاول ان أكون عليه.. الشكر لكم    أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ "شاهد"    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    تناقض حوثي مفضوح حول مصير قحطان    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحراك الجنوبي: الجمهورية اليمنية فشلت لأنها حولت فكرة الوحدة إلى كابوس مرعب
في رؤيته حول جذور القضية الجنوبية..
نشر في أخبار اليوم يوم 30 - 04 - 2013

قال الحراك الجنوبي إن الجمهورية اليمنية فشلت لأنها حولت فكرة الوحدة من اتحاد بين دولتين يهدف إلى تنمية البلدين وتحقيق الاستقرار وتحسين حياة الناس- كما نظر لها الكثيرون- إلى كابوسٍ مرعبٍ.
وأوضح في رؤيته لجذور القضية الجنوبية- التي قدمها أمس إلى فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني- أن الحلم المثالي للوحدة بين الدولتين تحول إلى مجرد ضم وإلحاق (عودة الفرع للأصل)، وهو ما دفع الجنوبيين للوقوف في وجه هذا المسعى الذي قادته مراكز القوى التقليدية في صنعاء ورجال دين، مشيراً إلى أنه بدلاً من أن يتم تعزيز الوحدة وجعلها جاذبة للجميع جرى إقصاء واستبعاد الجنوب شعباً ونظاماً وهويةً و ثقافةً وأبقوا عليه أرضاً مستباحة وهو ما دفع الشعب الجنوبي أن ينتفض ويرفض الاستكانة لهذا المصير الذي أرادته هذه القوى المتخلفة له وليخلع عنه وبصورة مستمرة لا لبس فيها يمننة قسرية لم يكن له أي رأي في اختيارها.
"أخبار اليوم" تعيد نشر رؤية الحراك الجنوبي لجذور القضية الجنوبية على حلقات.. فإلى النص:
رؤية الحراك الجنوبي لجذور القضية الجنوبية..
الملخص التنفيذي
فشلت الجمهورية اليمنية لأنها حولت فكرة الوحدة من اتحاد بين دولتين يهدف إلى تنمية البلدين وتحقيق الاستقرار وتحسين حياة الناس كما نظر لها الكثيرون إلى كابوسٍ مرعبٍ, فقد تحول هذا الحلم المثالي للوحدة بين الدولتين إلى مجرد ضم والحاق (عودة الفرع للأصل) دفع الجنوبيين للوقوف في وجه هذا المسعى الذي قادته مراكز القوى التقليدية في صنعاء ورجال دين" وبدلاً من أن يتم تعزيز الوحدة وجعلها جاذبة للجميع جرى أقصاء واستبعاد الجنوب شعبا ونظاما وهوية و ثقافة وأبقوا عليه أرضا مستباحة وهو ما دفع الشعب الجنوبي أن ينتفض ويرفض الاستكانة لهذا المصير الذي أرادته هذه القوى المتخلفة له وليخلع عنه وبصورة مستمرة لا لبس فيها يمننه قسرية لم يكن له أي راي في اختيارها.
البعد التاريخي:
أقل من قرن من الزمان منذ ظهور أول فكرة لليمننة السياسية في منطقة جنوب الجزيرة العربية وذلك بإعلان قيام المملكة اليمنية المتوكلية في عام 1918م.وفي هذا العام تحولت اليمن لأول مرة من جغرافيا إلى هوية ، فاسم اليمن لم يكن قبل هذا التاريخ إلا دلالة على اتجاه جغرافي ولم يكن يمثل هوية أو دولة. ارتكزت هذه الهوية على التوسع وضم كافة المناطق التي تقع تحت مسمى اليمن أسموها الفروع وضمها إلى الأصل صنعاء.
وبعد انقلاب سبتمبر 1962م شعر الائتلاف القبلي بموجة التغيير القادمة فركب الموجة واخترقها وحرفها وهو ذاته الواقع الذي أعاد نفسه عند قيام مراكز القوى بركوب واختراق ثورة فبراير 2011م و محاولة احتوائها وحرفها عن مسارها كما احتويت انقلاب سبتمبر وحرفته عن تحقيق أهدافه.
ومع تنصيب صالح رئيسا تم تقسيم السلطة بين ثلاثة مراكز قوى عسكرية وقبلية ودينية. وكان ذلك التقاسم يعني تقاسم الثروة والسلطة، أن كل واحد من الثلاثة له حصته سواء في التعيينات لكبار المسئولين أو لصغارهم أو في التجنيد في الجيش أو في الموازنة العامة للدولة أو القطاعات الاقتصادية أو في غير ذلك ، وبدأ عصر مراكز القوى في تسخير كل مقدرات الوطن لمصالحهم وتم التعبئة للهوية اليمنية وبناء الدولة بهدف الحفاظ على تماسك البلد خدمة لزيادة ثرواتهم، والجنوب كان احد الأطماع الاستراتيجية لمراكز القوى التي تم التخطيط والتنفيذ لها بعناية ودهاء.
البعد القانوني :
إن الشعب في الجنوب المقيم على أرضه منذ آلاف السنيين إنما قد دخل الوحدة على أساس اتفاقية شراكة مع شعب الجمهورية العربية اليمنية وهو في هذه الحالة لم يبيع أرضه وثرواته ومؤسساته ولم يرهنها لأحد بل كان دافعه للوحدة هو الآخاء اليمني والعربي والإسلامي والقومي ولكن هذه الوحدة ضربت في الصميم بإعلان الحرب في 1994م من قبل سلطات صنعاء. 4
أن الوحدة التي قامت بين الدولتين في الشمال والجنوب لم تكن قائمة على أسس وقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية كما أن اتفاقية الوحدة المبرمة لم تكن بين دولتين ذات سيادة وأعضاء في العديد من الهيئات والمنظمات الدولية والعربية ولم تشرك أي من هذه الهيئات وتحديداً منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في التوقيع على هذه الاتفاقية ولو حتى كشهود ولم تنشر تلك الاتفاقية أو تودع لدى الهيئات الدولية ولا يعلم الشعب في الجنوب والشمال عن هذه الاتفاقية شيء سوى ما تسرب بانها من صفحة ونصف الصفحة وهي مساحة لا تكفي حتى لعقد تأجير محل.
البعد السياسي :
باعتماد سلطة الحرب والأساليب العسكرية والأمنية المختلفة لإحكام مراكز القوى في صنعاء سيطرتها على جغرافيا الجنوب والفيد والنهب المستمر على مقدراته وثرواته، مستخدمةً مختلف الأساليب والسبل لاستدعاء جراحات وخلافات الماضي بهدف تفكيك البنيه الاجتماعية والسياسية، فاتبعت سياسة التعاقدات الانتقائية لضمان التمثيل الشكلي للجنوب وإفراغه من محتواه كمؤسسات دولة قامت على النظام والقانون.
حرب صيف 1994م أحدثت تصدعات عميقة في جدار الوحدة، ومما زاد الأمر سوءاً الممارسات التي أعقبت الحرب و انفراد السلطة في صنعاء بحكم دولة ما بعد 94م، كما أنها لم تقم لحل المشاكل الناجمة عن حرب، بل إنها استعذبت نتائجها المأساوية ووظفتها لتكريس سياسة النهب و الإقصاء والاستبعاد و التسلط في حين يردد مواطنون من الجنوب أن السلطة إلى جانب تسريح عشرات الألاف من المدنيين و العسكريين عقب الحرب الأهلية في 1994م، قد أطلقت يد الفاسدين و النافذين لنهب أراضي الجنوب و بيع مؤسساته العامة إلى المقربين، إلا أن قرار تسريح آلاف العسكرين و المدنيين هم من أطلقوا شرارة (الحراك الجنوبي).
البعد الاقتصادي :
(أقسم الرئيس علي عبدالله صالح، بتحويل عدن إلى قرية) قد تكون من الأقاويل التي يرددها الناس وقد لا يكون القسم حقيقياً, لكنه بالتأكيد ما جرى على أرض الواقع, فبموجب اتفاق الوحدة أصبحت مدينة صنعاء عاصمة الكيان الجديد. وبسقوط صفة العاصمة السياسية عن عدن، وعدم مصداقية تحويلها إلى عاصمة اقتصادية وتجارية عانت مدينة عدن من تدهورٍ لكل مقومات الحياة فيها وبشكل خاص في الجانب التجاري والاقتصادي.
وقد أسهمت هذه السياسة في الجنوب في تعطيل مصالح التجار وانتشار الفساد بصورة غير موجودة في مناطق أخرى في اليمن.
وامرت الدولة مكاتب شركات النفط العاملة في اليمن والتي كانت قد اتخذت من مدينة عدن مقراً لها بالانتقال إلى صنعاء وإغلاق كافة مكاتبها في عدن، كما عملت الدولة بفرض تعريفات مختلفة للخدمات الأساسية ارخص في الشمال عن الجنوب فعلى سبيل المثال فأن مكالمة هاتفية داخل مدينة صنعاء ارخص ب40% منها في عدن وب50% عنها في المكلا, كما أن سعر الكيلو وات/ساعة من الكهرباء في الشمال للبيوت السكنية أو للأغراض التجارية والصناعية أرخص عنها في الجنوب بفروقات تتجاوز ال30%.
البعد الثقافي والاجتماعي:
يشير الواقع إلى أن هناك ثقافة مدنية تأسست لعقود في الجنوب أحدثت تحولاً في سلوكيات الجنوبيين، فبات ترسيخ مبدأي النظام والقانون في الاحتكام إليه هما المؤشران الرئيسيان للدولة في الجنوب.
إن هذه النهضة الثقافية الاجتماعية في الجنوب والتي للأسف تم القضاء عليها بعد قيام الوحدة مباشرة في العام 1990م بفعل السياسات الخاطئة والممنهجة لسلطات صنعاء وبشكل سافر بعد حرب صيف 1994م، فبدلاً من تسخير قدرات البلد وثرواته في تطوير التعليم، باعتباره احد اهم ركائز بناء الإنسان وأداة التنمية وهدفها والثروة الحقيقية لأي مجتمع، حدث تراجعاً كبيراً لما تم إنجازه في مرحلة ما قبل الوحدة، حيث عملت عقلية المنتصر بعد حرب صيف 1994م، على صياغة سياسة تعليمية تنسجم ومصالح الفئة الأقل والمسيطرة على مقدرات الجنوب ومستقبل أبنائه، بالإضافة إلى تدمير منظومة القوانين الاجتماعية، التي أسست لقيم إنسانية حضارية وعلاقات متكافئة بين جميع أفراد المجتمع في الجنوب.
لقد تحقق للمرأة الجنوبية المساواة وتكافؤ الفرص في مواقع صنع واتخاذ القرار من سبعينات القرن الماضي فهي أول قاضية وأول نائب وزير وأول عميد كلية اقتصاد وأول مذيعة تلفزيون وأول مذيعة إذاعة وأول مالكة ورئيس تحرير لصحيفة على مستوى الجزيرة العربية.
إحياء النعرات والثارات القبلية واستخدام الدين من قبل السلطات الشمالية كانت اللعبة الخطرة في السياسة اليمنية الداخلية . حيث بدأت السلطة في الشمال بالإعداد لحرب 1994 بالترويج لفكرة "إن الجنوبيين ما هم إلا شيوعيون كفرة" وان قتلهم ونهبهم وانتهاك أعراضهم حلال وجاءت فتوى الشيخ عبدالوهاب الديلمي- عضو مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح- سيئة الصيت لتحفر جرحاً غائراً في قلوب الجنوبيين.
إن الحصيلة السوداوية لما اُسمي بالوحدة كانت كافية لإسقاط مشروع يمننة الجنوب و تراجع المدافعين عنها وخروجها من وعي الجنوبيين والى الأبد.
المدخل:
القضية الجنوبية هي قضية شعب ودولة وهوية، تعبر عن حقوق تاريخية، قانونية، اقتصادية، ثقافية، و اجتماعية لشعب الجنوب. لقد أعلنت الوحدة اليمنية في 22 مايو1990م بين كيانين مستقلين ذوي سياده منفصله إذ تحقق للجنوب استقلاله في 30 نوفمبر1967م كدولة ذات سياده وبشخصية اعتبارية في منظومة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وكذا جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية ذات الصلة وينطبق نفس ما ورد أعلاه على الجمهورية العربية اليمنية التي تحققت ثورتها في 26 سبتمبر 1962م.
إن حل القضية الجنوبية يحظى اليوم باهتمام دولي بالغ لما له من تأثير في استعادة الأمن والاستقرار والتوازن السياسي في اليمن والإقليم بشكل عام ولما يشكله عدم الحل من خطر داهم ليس على الإقليم فحسب ولكن على الاستقرار العالمي .
إن الوحدة اليمنية التي هرب نحوها النظامين الشموليين في الشمال والجنوب كمخرج لهما أصبحت في واقع الأمر مأزقاً دفع بشعب الجنوب نحو الهاوية جراء السياسات والمكائد للسلطات في صنعاء التي دفع الجنوب ثمنها باهضاً من مقدراته وثرواته وحقوق الإنسان التي شهدت تدهوراً في الجنوب لم يسبق له مثيلاً في تاريخه.
فنحن أمام بناء سياسي مدمر ابرز سماته حالة ألا دولة من مايو 1990 حيث جرى إلغاء الشرعية السياسية للدولتين شمالاً وجنوباً تحت غطاء إعلان الوحدة, بينما فشل الإعلان الوحدوي ولم تقم شرعية سياسية بديلة فبدأت الأزمة التي انتهت بحرب أبريل 1994م التي قضت على كل محاولات الإبقاء على مشروع الوحدة وتدرجت هذه الأزمة القائمة في تشكل حلقاتها عبر فترات زمنية مختلفة منذ ما بعد حرب صيف 1994م وظهور قضية الجنوب وطرفاها الجنوب والشمال، شمال أراد فرض الوحدة بالقوة وجنوب رافض لواقع فرضته القوة والحرب .
شهدت حرب 1994م تسخير وتعبئة دينية وقبلية تحت شعار المحافظة على مشروع الوحدة اليمنية بينما الحقيقة لم تكن سوى بهدف نهب مراكز النفوذ لثروات الجنوب حتى وقتنا الحاضر. والصدام المسلح الذي حدث في عام 2011م بين علي عبدالله صالح وال لحمر لم يكن بسبب موالاتهم للثورة بل لرفض آل الأحمر توجه علي صالح في توريثه الحكم لابنه والانحراف عن الاتفاق الذي ابرم عند تنصيبه رئيسا أن تكون المرجعية لمراكز القوى ... كانت حربا للحفاظ على السلطة وتثبيت مرجعية مراكز القوى الثلاث على حساب مرجعية أسرة على صالح.
إن أخر مشاهد القضية الجنوبية في تعبيراتها السياسية والشعبية تتبلور في المشاهد المليونية الضخمة، وهي تعبير صارخ على أن القضية الجنوبية تتجاوز الرؤى المعزولة والنظرات السياسية الضيقة والزعامات السياسية والوجاهية إلى تشكيل موقف الشعب في الجنوب وليس هناك اكثر من هذا الدليل يستطيع أن يؤكد ويثبت القضية الجنوبية بكونها حقيقة حاضرة وماثلة أمام العيان ليس بحاجة لذاكرة ماضوية أو خيال مستقبلي إلا في سبيل العبرة من وفي سبيل وضع الحلول التي لم تعد تقبل المراوغة والتحايل فالمسألة أكبر من تفاصيل مصلحه صغيرة وهي اليوم كبيرة بمستوى الشعب الذي يخرج إلى الشارع بالمليونيات.
أولا :البعد التاريخي:
نشأة الهوية اليمنية
ظهر اسم اليمن أولاً باسم يمنات كمنطقة في إطار كيان يشمل معظم جنوب الجزيرة العربية وليست كدوله. ولم يظهر اسم اليمن كمسمى دوله ،إلا في عهد المملكة اليمنية المتوكلية في عام 1918م التي اعلنها الإمام يحي حميد الدين ،وعلى أراضي الدول القديمة سبأ ومعين وجزء من أراضي أوسان وقتبان وكذا أراضي ما كان يعرف بالدولة الإدريسية التي اصبح معظمها ضمن الأراضي السعودية بعد اتفاقية الطائف عام 1934م. ولم تكن عدن والمحميات الغربية من هذه الأراضي .
وفي هذا العام تحولت اليمن لأول مرة من جغرافيا إلى هوية ، فاسم اليمن لم يكن قبل هذا التاريخ إلا دلالة على اتجاه جغرافي ولم يكن يمثل هوية او دولة.
احتواء الهوية الجديدة :الاستغلال السياسي والديني والاقتصادي للهوية اليمنية لمراكز القوى للبسط على ثروات اليمن والجنوب.
قرن من الزمان أو يقل عن ذلك منذ ظهور أول فكرة لليمننة السياسية في منطقة جنوب الجزيرة العربية وذلك بإعلان قيام المملكة اليمنية المتوكلية في عام 1918م. في محاولة للخروج بمشروع الدولة الوطنية بعد إدراك الإمام يحي بن حميد الدين عمق المتغيرات التي طرأت على الساحة الدولية بعد الحرب العالمية الأولى، خصوصاً بعد أفول الإمبراطورية العثمانية و تقاسم ارثها بين أطراف محلية وأخرى دولية.
في ضوء هذا المعطى الجديد كبرت أحلام الإمام وحلفائه من القبائل وزادت أطماعه في ضم المزيد من الأراضي لزيادة مداخيله من الخراج من مناطق يحلم بضمها إلى مملكته فكان أن اعتبر ان ما هو جنوب الطائف ومكة إلى مضيق يمين الكعبة يدخل ضمن حدود مملكته الطبيعية، ولذلك دخل حروبه المعروفة ضد الأدارسة في إقليم عسير ونجران وضد سلطنات الجنوب ابتداء من بداية القرن الماضي لينتهي به الأمر إلى توقيع اتفاقية الطائف بعد خسارة حربه ووصول القوات السعودية إلى بيت الفقيه قرب الحديدة في 1934م واتفاقية اعتراف مع سلطنات الجنوب وبريطانيا في الجنوب ، لينسحب بموجبها من بعض الأطراف التي احتلتها قواته في حدود المناطق الجنوبية ويقر فيها بالحدود القائمة بين الطرفين.
الهوية اليمنية الجديدة شكلتها وغذتها مراكز القوى الثلاثة الرئيسية في صنعاء
وهي ارتكزت - هذه الهوية - على التوسع وضم كافة المناطق التي تقع تحت مسمى (اليمن) أسموها الفروع وضمها إلى الأصل صنعاء. هذا التماسك بين القوى الثلاث تعرض مع المتغيرات المحلية والإقليمية للضعف ، شهدت فيها المراحل اللاحقة الضعف المستمر لأحدى تلك المراكز في مقابل زيادة نفوذ القبائل الأخرى و سلطة صنعاء.
ومع اندلاع ثورة سبتمبر 1962م شعر الائتلاف القبلي بموجة التغيير القادمة فركب الموجة واخترقها ومثلت فيها حاشد القوة الرئيسية المدافعة عن الثورة حتى اعتقد الكثير من أبناء حاشد أن الثورة لم تقم إلا بسبب ما لحق بمشايخ حاشد من قبل الإمام احمد، و كان الكثير من القبائل التي حاربت مع الملكيين تنظر إلى الثورة على أنها ثورة حاشد، وهو ذاته الواقع الذي أعاد نفسه عند قيام نفس القوى بركوب واختراق ثورة فبراير 2011م واحتوائها كما احتوت انقلاب سبتمبر.
ورغم التقاسم بين مراكز القوى الثلاث والذي تم الحفاظ عليه طيلة فترة حكم القاضي عبد الرحمن الأرياني مع تغيير في أسماء شاغلي المواقع، فقد كان واضحاً أن هناك هيمنة ومنافسة بين اطراف القبيلة. وفي هذا المنعطف التاريخي بالذات برز شيخ حاشد كصانع للرؤساء. وفي عهد صالح تم تقسيم السلطة بين المراكز الثلاثة. وكان ذلك التقاسم يعني تقاسم الثروة والسلطة، أن كل واحد من الثلاثة له حصته سواء في التعيينات لكبار المسئولين أو لصغارهم أو في التجنيد في الجيش أو في الموازنة العامة للدولة أو في غير ذلك ، وبدأ عصر القبيلة في تسخير كل مقدرات الوطن لمصالحها وتم التعبئة للهوية اليمنية وبناء الدولة بهدف الحفاظ على تماسك البلد خدمة لمصالحها وتوسيعها.
قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية
استفادت اليمن بعد ثورة سبتمبر من حالة المد القومي التي عمت المنطقة العربية والدعوة إلى توحد الأمة لكي تعيد إحياء مشروع الأئمة في الحاق "اتحاد الجنوب العربي" بما يسمى اليمن ولعبت العناصر اليمنية المهاجرة إلى الجنوب دورا رئيسيا في الترويج للفكر القومي وان الوحدة اليمنية هي الخطوة الأولى لتحقيق هذا الحلم العربي العظيم. وفي اطار هذا التوجه القومي تم تسمية دولة الجنوب بعد الاستقلال جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية رغم أن هذه التسمية لم تكن من الخيارات الأولى المطروحة حينها.
قامت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بتحويل اسم الدولة المستقلة عن الاحتلال البريطاني وهي اتحاد الجنوب العربي في تاريخ 30 نوفمبر 1967 واعترفت 80 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الجديدة بتاريخ 5 ديسمبر 1967م وكان مقعد الأمم المتحدة يحمل اسم اتحاد الجنوب العربي كهوية تاريخية نهائية لها ولمواطنيها ولم يطلق اسم اليمن بأي اشتقاق تاريخي على الجنوب سوى منذ30 نوفمبر 1967.
لقد تم الترويج وبكثافة لمسمى يمنية الجنوب عبر الآلة الإعلامية السياسية في النظام السياسي والقبلي الشمالي بكثافة كمحاولة لطمس استقلالية الهوية الجنوبية حتى قام النظام بتمويل دراسات جامعية وكتب تروج لهذه التزييف للتاريخ .
إن محاولة التزييف المكثفة والمتكررة من قبل النظام في صنعاء كانت احد الأسباب التي دفعت الجنوبيين إلى التمسك بشكل متعصب بهويتهم وانتمائهم وبدأت تتجلى اطر هذا التمسك في الكتابات الصحفية التي أرسلت العديد من كتابها الجنوبيون إلى غياهب المحاكمات والسجون وكانت الدولة تتمسك دوماً باتهام أولئك الكتاب بتهمة "تهديد الدولة ومحاولة قلب نظام الحكم" وهي اتهامات يعرفها العالم الحر جيداً بانها التهمة المستخدمة من الأنظمة الدكتاتورية لقمع آراء معارضيها.
كما أن الحراك الجنوبي السلمي رفض منذ بدايته في 7/7/2007م الهوية اليمنية ولم يعترف بها كهوية وطنية وهي انعكاس لحالة الرفض المطلق في الشارع الجنوبي لمبدأ الضم والإلحاق التي اتبعها النظام بل تندر الجنوبيون ورفضوا بشده شعار "عوده الفرع(الجنوب) إلى الأصل (الشمال)" التي اطلقها ساسة الشمال.
كما أن هذا الرفض الشعبي في الجنوب للهوية اليمنية كان أيضاً بسبب غياب مفهوم المواطنة المتساوية في الجمهورية اليمنية غياباً تاماً حل محله مفهوم التبعية والرعوية للأنظمة القبلية الحاكمة في الدولة.
وكانت التصريحات العلنية للسياسيين الشماليين أبلغ برهان في تأكيد النية المبيتة في إلغاء الجنوب هوية وشعباً عندما قال الرئيس السابق علي عبدالله صالح في يوم 27 أبريل 1994م من ميدان السبعين في صنعاء لدى إعلانه الحرب على الجنوب "حانت لحظه الانتقام" و"هذه الوحدة تعمدت بالدم" وفي مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله قال:" نحن رفضنا الوحدة ولكن الرئيس وعدنا بأنه سيقضي على الجنوبيين ويبتلع الجنوب خلال ثلاث سنوات" ... أما الدكتور عبدالكريم الأرياني فقال مباشرة بعد الحرب:" لقد ابتلعنا الجنوب ولم يبق إلا هضمه"، وقال الشيخ ناجي الشائف:" لم يعد هناك شيء اسمه الجنوب فقد أخذناه بالسيف"، أما محمد اليدومي، أمين عام حزب الإصلاح، فقد قال في حوار متلفز بينه وبين أمين عام الحزب الاشتراكي علي صالح عباد مقبل في العام 1997:" إن من حقهم (الشماليين) أن يزجوا بالملايين إلى الجنوب لتغيير الخارطة الديمغرافية".
تسعة عشر عاماً من حرب 1994م عاشت اليمن أجواء التمجيد الرسمي اليومي للحرب ونتائجها .. و شعار "الوحدة فريضة دينية" واحد من الأمثلة التي يمكن التدليل بها على الانحراف .. فهذا الشعار لم يكن له وجود قبل حرب 1994م جرى صكه لتسويغ الهروب من المعالجة السياسية السليمة ... إن ابرز دلائل تسييس الدين لأغراض تخدم مصالح هذه القوى ما جاء في المسلسل التلفزيوني "همي همك" الذي قال فيه الممثل فهد القرني إن أركان الإسلام ستة والركن السادس هو الوحدة وهذا يعيدنا إلى التاريخ الذي جرى فيه تحريف الدين الإسلامي عند ادعاء الأسود العنسي بالنبوة في الشمال.
وكما هو معروف أجهزت الحرب على شراكة الجنوب في اتفاقية مشروع الوحدة وفرضت عليه واقعاً جديداً يسميه المنتصر “وحدة معمدة بالدم", بينما تسميه قوى الحراك الجنوبي جهاراً نهاراً بأنها احتلال..
لقد طالت الحرب كل شيء في الجنوب وما ألفه و اعتاد و تعلق به من تاريخ ورمزيات و من حضور حقيقي للدولة و النظام و القانون .. تفسير ذلك أن النظام الذي أعلن الحرب نظام عصبيات مغتصبة للدولة .. مثلما فعل الإمام الهادي مع قبائل "يام" عندما قطع نخيلها وردم آبارها، و مثلما فعل الإمام أحمد عندما استباح مدينة صنعاء عام 1948م .
أما استباحة منازل قادة و مسئولي دولة الجنوب فتندرج في إطار الإمعان في الإهانة و ممارسة الإذلال.
فرضت نخبة الحكم في صنعاء نموذجها على الوحدة و عممت نظام الجمهورية العربية اليمنية كله .. وبدلاً عن وحدة 22مايو الطوعية السلمية أقامت وحدة 7يوليو "المعمدة بالدم" معتقدة أن نظام الجمهورية العربية اليمنية هو النموذج الذي انتصر على صعيد عالمي في الحرب الباردة و يجب أن ينتصر على صعيد محلي.
قام مركز دراسات مؤسسة الأهرام المصرية بإجراء بحث ميداني عن حرب صيف 1994 كان ابرز نتائجه:" أن الوحدة لم تبنَ على أساس واقعي متين يقوم على التدرج و الانتقال الطبيعي السليم...إن التسرع في إعلان الوحدة دون إعداد كافٍ ودون وضع خطة عملية تدريجية سوف يكون هو السبب في فشلها لتضاف بدورها إلى مشاريع الوحدة العربية السابقة التي سقطت في زوايا التاريخ"..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.