أصدرت محكمة تابعة للحوثيين في صنعاء، اليوم الأحد، حكماً يقضي بسجن الفنانة وعارضة الأزياء اليمنية انتصار الحمادي وزميلاتها ، بتهمة "الإخلال بالأداب العامة". وقضى الحكم الصادر عن محكمة غرب امانة العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بإدانة يسرى أحمد يحيى الناشري، ومحلية عبد الوهاب حسن البعداني، ورقية أحمد داوود محسن السوادي، بجريمة الزنا المنسوبة إليهن في قرار الاتهام الفقرة الأولى. كما أدانت المحكمة يسرى الناشري، وانتصار الحمادي، بجريمة تعاطي المخدرات المسنوبة إليهن في قرار الاتهام الفقرة الثانية، وإدانة يسرى، وانتصار، ومحلية، بجريمة ممارسة الفجور والدعارة المنسوبة إليهن في قرار الاتهام الفقرة الثالثة، وبراءة رقية من التهمة في الفقرة الثالثة. وقضى الحكم بإدانة محلية البعداني بجريمة إدارة محل لممارسة الفجور والدعارة المنسوبة إليها في قرار الاتهام الفقرة الرابعة، وإدانة انتصار الحمادي بجريمة تحريض فتيات أخريات على ممارسة الدعارة المنسوبة إليها في قرار الاتهام الفقرة الخامسة. كما قضت المحكمة بمعاقبة يسرى الناشري، وانتصار الحمادي، بالحبس مدة خمس سنوات، ومحلية البعداني ثلاث سنوات تبدأ من تأريخ القبض عليهن، ومعاقبة رقية السوادي بالحبس سنة مع وقف التنفيذ ومصادرة المضبوطات المتعلقة بالقضية. ووصف مراقبون الحكم على الفنانة انتصار الحمادي، وزميلاتها انه سياسي بامتياز وجاء بتهمة الإخلال بالآداب العامة مشيرين إلى أن المحاكمة كانت صورية وبعيدة عن وسائل الإعلام. وكانت الحمادي قد اختطفت مع ثلاث من رفيقاتها، في فبراير الماضي من أحد شوارع العاصمة صنعاء، قبل أن يتضح لاحقاً وجودها في أحد معتقلات الجماعة الحوثية. وأثارت حادثة إختطاف الحمادي موجة من السخط الشعبي والتضامن الواسع لدى المنظمات الحقوقية والانسانية بعدما تحولت الى قضية رأي عام في اليمن. وتعمل الحمادي المولودة لأب يمني وأم إثيوبية، كعارضة أزياء منذ أربع سنوات، ومثّلت في مسلسلين تلفزيونيين يمنيين عام 2020م. وفي 29 يونيو الفائت، نقلت الفنانة وعارضة الازياء اليمنية، انتصار الحمادي، الى أحد مشافي العاصمة صنعاء، عقب محاولتها الإنتحار في سجون مليشيا الحوثي الانقلابية. وقالت مصادر مقربة من انتصار الحمادي، إنها حاولت شنق نفسها في حوش السجن المركزي بصنعاء الاثنين الماضي وأوضحت المصادر ان الحالة النفسية والصحية للفنانة انتصار الحمادي تدهورت بشكل خطير، ما دفعها لمحاولة الانتحار. من جهته قال الناشط لدى منظمة العفو الدولية، لؤي العزعزي، أن "الحمادي" حاولت الانتحار؛ بعدما حولتها إدارة السجن المركزي، لقسم الدعارة؛ وهو ما أثر على نفسيتها، ودفعها إلى محاولة الانتحار، قبل أن تم إنقاذها في اللحظات الأخيرة. وأكد العزعزي ، أن الفنانة وعارضة الأزياء الشابة تقبع حاليًا في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء، حيث تتلقى الرعاية الطبية. ودعا المنظمات الحقوقية والانسانية وكل الصحفيين والناشطين والحقوقيين إلى التضامن مع الحمادي لإنقاذ حياتها مؤكداً امتلاكه كافة الأدلة التي تثبت وقوع الحادثة. وقال، "من له أي استفسار، أو مشكك في الخبر، نحن مستعدون للإثبات، ولدينا أدلتنا". وتابع: "فقط ساعدونا في إنقاذ هذه الروح، التي لن تكف الجهات الظلامية من النيل من شرفها، وعفتها؛ حتى يُميتوها حية"، حسب تعبيره وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش'' قد افادت في تقرير نهاية يوليو الماضي إن سلطات الحوثيين تحاكم بشكل جائر ممثلة وعارضة أزياء يمنية محتجزة تعسفا منذ 20 فبراير/شباط 2021 على خلفية قضية تشوبها مخالفات وانتهاكات. وقال محاميها ل هيومن رايتس ووتش إنه في يونيو/حزيران، أحضرت السلطات عارضة الأزياء، انتصار الحمادي (20 عاما)، مرتين أمام محكمة غرب الأمانة في صنعاء بتهمتَي ارتكاب فعل مخل بالآداب وحيازة المخدرات. مضيفا أن السلطات منعته من الاطّلاع على وثائق المحكمة منذ توكيله في قضيتها في مارس/آذار، وعلّقت مثوله أمام المحكمة منذ أواخر مايو/أيار، على ما يبدو انتقاما لتعليقاته العلنية بشأن القضية. وقالت مصادر ل هيومن رايتس ووتش إن سلطات الحوثيين أجبرت الحمادي على توقيع وثيقة وهي معصوبة العينين أثناء الاستجواب، وعرضت إطلاق سراحها إذا ساعدتهم في إيقاع أعدائهم "بالجنس والمخدرات". هددت سلطات الحوثيين أيضا بإخضاعها "لاختبار العذرية". من جهته قال مايكل بَيْج، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "ما ارتكبته سلطات الحوثيين بحق انتصار الحمادي من محاكمة جائرة، واعتقال تعسفي، وانتهاكات أثناء الاحتجاز هو تذكير صارخ بالانتهاكات التي تتعرض لها النساء على أيدي السلطات في جميع أنحاء اليمن. على سلطات الحوثيين ضمان حقوقها في محاكمة عادلة، بما يشمل معرفة التهم والأدلة ضدها لتتمكن من الطعن فيها، وأن تسقط فورا التهم المصاغة بشكل فضفاض وغامض إلى درجة التعسف". وبين مايو/أيار ويونيو/حزيران، قابلت هيومن رايتس ووتش قريبين للحمادي في اليمن؛ ومحاميها خالد الكمال؛ وشاهدين زاراها في السجن؛ وثلاث مجموعات حقوقية توثق قضيتها. طلبت هيومن رايتس ووتش تعليقات من وزارتي الداخلية والخارجية اللتين تسيطر عليهما الحوثيون ومكتب النائب العام، لكنها لم تتلق أي رد. وقال محامي الحمادي إنه في 20 فبراير/شباط، أوقفت قوات الحوثيين السيارة التي كانت تستقلها مع ثلاثة أشخاص آخرين في صنعاء واعتقلتهم جميعا. عصبت قوات الحوثيين عينَيْ الحمادي وصديقتها واقتادتهما إلى مبنى التحقيقات الجنائية، حيث احتجزت الحمادي عشرة أيام دون اتصال بالعالم الخارجي. قال أقاربها إنهم بحثوا عنها خلال تلك الفترة، لكن لم تكشف سلطات الحوثيين عن مكان وجودها. وحسب ما افاد التقرير في مارس/آذار، نقلتها السلطات إلى السجن المركزي في صنعاء. قال محاميها إن السلطات اعتقلتها لأنها كانت تستقل سيارة مع رجل متهم بالاتجار بالمخدرات: "صودر هاتفها، وعوملت صورها كعارضة كتصرّف فاحش، وبالتالي اعتُبرت تمارس الدعارة [في نظر سلطات الحوثيين]". وطبقا للتقرير قال إن حراس السجن أساؤوا إليها لفظيا، ووصفوها ب "العاهرة" و"الأَمَة" بسبب بشرتها الداكنة وأصلها الإثيوبي. ورفض كل من مكتب المدعي العام وسلطات المحكمة إعطاء محاميها نسخة من قائمة التهم الموجهة إليها. أحيلت قضيتها في يونيو/حزيران إلى المحكمة، حيث مثلت أمامها في 6 يونيو/حزيران و9 يونيو/حزيران. وقال المحامي ل هيومن رايتس ووتش إن السلطات أوقفت سعيها إلى إجراء "اختبار العذرية" القسري بعد أن أصدرت "منظمة العفو الدولية" بيانا يدين هذا المسعى في 7 مايو/أيار. وقال المحامي إن مسلحا مواليا للحوثيين هدده في 27 أبريل/نيسان بينما كان جالسا في مقهى في صنعاء: "جاءني رجل بملابس مدنية وسألني إن كنت محامي انتصار الحمادي فقلت نعم، ثم قال لي إنني وأسرتي سندفع الثمن إذا لم أترك قضية الحمادي". وحسب التقرير افاد المحامي إنه تلقى في 26 مايو/أيار إخطارا من سلطات بلدية صنعاء بإيقافه عن العمل في محكمة البلدية الغربية (صنعاء)، من دون تفسير، ما منعه فعليا من مواصلة العمل في قضية الحمادي. أفاد موقع إخباري بأن سلطات الحوثيين حظرت نشر معلومات عن قضية الحمادي بعد إيقاف المحامي. في 24 مايو/أيار، سُمح لمجموعة من 13 شخصا، بينهم نشطاء حقوقيون والمحامي، بزيارة الحمادي في السجن لمدة 40 دقيقة تقريبا. نشرت المجموعة بيانا مشتركا حول زيارتها في اليوم التالي. وقابلت هيومن رايتس ووتش عضوين من المجموعة قالا إن الحمادي أخبرتهما أنه لا يوجد دليل ضدها وأن السلطات أجبرتها على توقيع وثيقة وهي معصوبة العينين. أخبرتهما أيضا أنه خلال الاستجوابات الأولى، أخبرها ضباط حوثيون أنه يمكن إطلاق سراحها إذا وافقت على العمل معهم في نصب فخ لأعدائهم من خلال إغوائهم بالجنس والمخدرات والكحول، لكنها رفضت. وقال المحامي إن ثمة خمس نساء أخريات محتجزات إلى جانب الحمادي في نفس السجن بناء على "جرائم" مماثلة تتعلق ب "بفعل عمل فاضح"، لكن النساء رفضن الإعلان عن قضاياهن خوفا من الوصم الاجتماعي والإضرار بسمعة أسرهن. وسبق لجماعة الحوثي أن أصدرت تعميمات متكررة ومتشددة بشأن ضرورة التزام الفتيات باللباس الاسلامي المحتشم، والابتعاد عن لبس العبايات الضيقة والمزركشة وربطات الخصر. كما أصدرت تعليمات متشددة بشأن منع الاختلاط في الجامعات وفرضت قيودا صارمة بحق المطاعم والكافيهات، ضمن حزمة أخرى من الاجراءات التي قوبلت باستياء واسع في الأوساط اليمنية التي قارنتها بما تفعله التنظيمات المتشددة كالقاعدة وداعش في أفغانستان والعراق وسوريا. ويقول صندوق الأممالمتحدة للسكان في تقرير نشر في العام 2020 الى أن"معدل العنف ضد النساء في اليمن مرتفع للغاية، مقدرا وجود 2,6 مليون فتاة وسيدة يتعرضن للعنف. وأفادت تقارير حقوقية عام 2020 أن النساء يواجهن قمعا متزايدا من قبل جماعة الحوثيين المسلحة، مع روايات عن تعرض معتقلات سابقات للإخفاء القسري، والاحتجاز، والتعذيب أثناء الاحتجاز على يد سلطات الحوثيين. واوضحت: "بالإضافة إلى معاناتهن من الإهانات والشقاء بسبب ظروف السجن التعسفية، تواجه النساء المحتجزات في اليمن وصمة اجتماعية قد ترافقهن مدى الحياة. الحمادي واحدة من عدد غير معروف من اليمنيات المحتجزات تعسفا اللواتي يجب حمايتهن فورا ومنحهن العدالة". واكدت هيومن رايتس في تقريرها انه: "خلال عامي 2019 و2020، واصلت سلطات الأمر الواقع إدارة شبكة من السجون الرسمية بالإضافة إلى مراكز الاحتجاز السرية وغير الرسمية. تضم هذه الشبكة سلسلة من المنشآت السرية ضمن المباني السكنية السابقة في صنعاء ومحيطها، حيث تم احتجاز النساء والفتيات وتعرضهن للانتهاكات".