ثلاثون عاماً وأكثر .. والإخوان المسلمون في اليمن يرفلون في نعيم الرئيس السابق حامي مملكاتهم وجمهورياتهم الخاصة المعزولة عن الشعب إلا من شلة المؤلفة قلوبهم .. وبالمقابل تمتّع هو بحمايةٍ دينيةٍ وقبليّةٍ منهم . واستمرّ الحال على هذا النحو في تغطية كل طرف على عورات الآخر حتى برز الجيل الثاني في منظومة الحكم وظهر جليّاً في أحمد علي عبدالله صالح وحميد عبدالله الأحمر ويحيى محمد عبدالله صالح وصادق الأحمر وغيرهم من أباطرة المال والعتاد من قطبيّ الحكم .. وحينها بدأت المماحكات والخلافات تترى .. لكنّ الإخوان المسلمون وكعادتهم في الإستغلال سارعوا لاحتواء حميد الأحمر وأعدوه بشكل جيّد لمجابهة الطرف الآخر بينما الإخوان راوغوا علي صالح ومن وراءه بطريقتهم التي لا تُخطئها الطاولات والمصالح القائمة على مبدأ «شيلني وأشيلك» ولعلّي في هذه العجالة أن أقول كلمة حقّ لا تخفى إلا على من عميت قلوبهم وعقولهم .. أن من يقولون أن منظومة الإخوان المسلمين مازالت كما هي واحدةً في كل الأقطار العربية فهو مخطئ بلا شك .. فالإمام حسن البنا رحمه الله حين حدد هدف الجماعة مبكراً لم يلتقط ويعمل ويفنى ويكدّ ويكدح ويحتمل ويصل لما أراده مؤسس الجماعة غير إخوان مصر وهم يبتهجون بالأمس بالإنتصار الحقيقي لصبرهم عشرات السنين على القمع والإقصاء والتهميش والتنكيل .. بينما لو مررنا سريعاً على ظاهرة الإخوان المسلمين باليمن لوجدنا العكس تماماً مما هو حاصل بمصر الحبيبة على قلوبنا جميعاً . فالجماعة المحظورة بمصر وهي تصل للقصر لم تكن محض صدفة إطلاقاً .. بل هو عمل وصبر ومثابرة .. بينما إخوان اليمن تماهى عملهم في منظومة الحكم الفاسد وكانوا وما يزالوا شركاء الفساد ندرك أن مشكلة الإخوان باليمن لن تصل بهم لسدة الحكم بالرضى والقبول من المواطن البسيط الذي رأى ويرى مسيرتهم المنافية كثيراً لأخلاقيات المواطَنة الصالحة التي تجعل من المواطن الكادح أن يكون درعاً حصيناً لهم طالما والمساوئ تتكشّف يوماً بعد يوم . الإخوان المسلمون - نسخة اليمن - شاركوا النظام السابق في كل شيء .. ِ .. ولم نسمع لمرة واحدة أن علي عبدالله صالح قمع أيّ قيادي في الإخوان المسلمين وألقى به في غياهب السجن أونكّل بهم وأقصاهم .. حتى نغالط أنفسنا يوماً أنهم جديرون بخاتمة النضال والإستحقاق .. بل منحهم مالم يمنحه أي زعيم لحركةٍ محظورة دولياً .. وكانوا حينها ومازالوا يعتقدون أنهم الأذكى حين سيطروا على مفاصل الحكم وزرعوا خلاياهم النائمة والمستيقظة في كل الدهاليز .. لكن ما أراه الآن أن الرئيس السابق كان هو الأذكى وهو يستدرجهم من حيث لا يفقهون حتى وإن أظهروا حنكتهم ودهاءهم في بعض المراحل .. إلا أنّ المُحصلّة الأهم والأبقى للتأريخ تقول أن علي صالح شكّل من سنوات حكمه محاكمةً علنيّة للإخوان المسلمين وأظهرهم على حقيقتهم كنسخة يمنيّة لا علاقة لها بنبل مقاصد الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله . ومهما اختلفنا مع أطروحات الإخوان المسلمين .. يظلّ احتكامهم لصندوق الديمقراطية حدثاً عظيماً .. وإسقاطاً لكل الفتاوى المُزيّفة التي ترى في الإنتخابات فعلاً حراماً وخروجاً عن الشيطان « وليّ الأمر» .. مبروك لمصر الحبيبة التزامها الأخلاقيّ بسلميّة الحدث .. وليكن « شفيق » ومن معه المعارضة التي تقوّم ما يُفسده الزمن .. وسحقاً لكل الممولين لخراب مصر .. لقد باءوا بفشلٍ عظيم .. تحيا مصر .. رغم كل المخاوف .. والتهاني لرئيسها الجديد محمد مرسي. [email protected]