في هذه المرحلة التاريخية والمهمة ينبغي التركيز أولاً على مجمل المشكلات ماثلة للدولة اليمنية الحديثة التي لا يمكن معالجتها أو استئصال شأفتها دون وجود إدارة للوطن بمفهومها الواسع والشامل فالكل يجمع في هذا السياق ملخصه إنعدام الإدارة لكل اليمنيين من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال إذ أنه ومنذُ قيام الثورتين سبتمبر وأكتوبر وحتى اللحظة مازالت الإدارة للحكم في خدمة الحكم أما الإدارة لوطن وفي خدمة عامة الناس في الوطن فغائبة ويتعيّن على اليمنيين معالجة احتكار وضيق الإدارة بالحكم فقط لتكون إدارة لكل الوطن وجديرة بحمل آمال وطموحات ومشكلات المجتمع بكل فئاته واختلافاته. عندنا للأسف الشديد الإدارة يراد لها البقاء والاستمرارية على وتيرة النمط المألوف من الإدارة المتخلفة والتي مكن القول بإنتهاء صلاحياتها في الوقت الحاضر ولا يجوز احتكارها على هكذا نحو في بلد يدعي ولوجه حقبة الألفية الثالثة بينما إدارته في خدمة الحاكم الفرد أو السلطة السياسية المهيمنة على القرار بكل درجاته وجزئياته بل وتعدى ذلك إلى سلطات القضاء والتشريع أو لشئون الأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات الديمقراطية والانتخابات والمشروعات التنموية وغيرها. إدارة بهذا المعنى الممارس على الواقع لا يمكن في حال من الأحوال التعويل عليها في التطور والنهوض بأوضاعنا الإقتصادية والسياسية والديمقراطية والثقافية فطالما الموظف الصغير أو العامل أو المدير العام أو المحافظ أو الوزير أو حتى القاضي أو القائد العسكري أو الكاتب أو الفنان في خدمة إدارة تقود دفة حكم وليس بصالح إدارة لخدمة شعب ووطن يبقى على البلاد والعباد السلام والرحمة وعندما يصبح لكل شعب حكومة ومؤسسات وأحزاب سياسية ونظم وقوانين وإعلام واستثمار ومال عام وبرلمان وقضاء..إلخ بغير مشيئة أو إرادة أو وظيفة ذات نفع وجدوى لعامة الناس مثلما هو العائد على الحاكم فلا يسعنا سوى التبشير بسوء الأحوال وعظائم المصائب أو كما قال الشاعر عندما بلغ اليهود ودانت لهم السلطة والمال في مصر حينئذ “يهود هذا الزمان قد بلغوا غاية آمالهم وقد ملكوا العز فيهم والمال عندهم ومنهم المستشار والملك يا أهل مصر إني نصحت لكم ، تهودوا فقد تهود الفلك”. إدارة البلد بمعيار الولاء للنظام السياسي الجالس على رأس هرم السلطة أياً كان شكله أو نوعه مطلوب اليوم تجاوز هذه الإدارة العتيقة بأفقها الضيق إلى إدارة حديثة وفاعلة ومختلفة كل شيء معاييرها بولاءاتها السياسية والحزبية بآفاقها وشموليتها لكافة المجتمع والمساحة الجغرافية، كما أن التمترس خلف الممارسة الفجة للإدارة بما تعني من أدوات ووسائل لمصلحة الحكم لا مصلحة الوطن بكل تأكيد نتاجها يؤخر ولا يقدم خطوة واحدة للأمام في شتى مناحي الحياة فالديمقراطية والتعددية والانتخابات في غياب الإدارة بمفهومها العام والشامل وسائل فاقدة القدرة على إحداث التغيير المنشود والمال والإعلام والقوة والقضاء والتشريع في غياب الإدارة بمعناها الأوسع لكل الوطن يصعب المراهنة على حيادية واستقلالية هذه المؤسسات مجتمعة وفي ظل معادلة مختلة التوازن وكفتها راجحة في كل الأحوال لصالح إدارة الحكم أو نافذ لكيلا نجد أنفسنا نخوض ملهاة لا متناهية من المحاولات العبثية لإقامة ديمقراطية وتعددية وتشريعات وتنمية وقضاء ومؤسسات وجمعيات وصحافة فيما الإدارة عوجاء. وفي هذا السياق يقول شاعر اليمن عبدالله البردوني :- لهم السلاح ومالنا حتى مناقير وريش نهوي بأول طلقة تختار أو أخرى تطيش أو ننحني بعصا كما تَنهدُ أعواد الحشيش يمضي الذي نرجو ويأتي غير ما فينا يجيش من قيل عنه مارد شرس غدا عهناً نفيش عاش الذي قلنا يموت ومات من قلنا يعيش رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=456256127746801&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater