لا تثريب عليك اليوم إذ عمدت إلى سطر بيان نعينا على هذا النحو المفجع والباهظ.. تقرأ علناً أوجاع تخاذلنا.. تناسينا تخلفُنا عن إنجاز مواعيدنا التي ناءت، واختفت بلا عذر... بلا سبب بلا سؤال ..تنازلنا ..تفريطنا .. تهاوننا.. تلاشى خطونا جنوباً شمالاً، هباء، وبالاً.. حلاً وترحالاً ،ومشاريع جدال.. من أولاً من ثانياً.. من هذا ومن أين جاء ذاك.. كيف أتى، كيف انقضى، وفات.. كيف عاد مثنى وثلاث.. كيف عاد واستعاد وساد، نهاراتنا والليالي... وكيف أنه ما يزال يسومنا تمزقاً تآمراً. احتواء واستلاباً ليزيدك إسماعيل تكبيلاً وحصاراً.. فكنا وهو وكنت أنت وحدك فصل الخطاب. لا تثريب عليك أيها الوريث ولا عتاب.. إن خرجت هكذا ناقلاً عنا هذا المفاد، بعد أن فاق احتمالك الاصطبار.. على استمرائنا طول الانكفاء والخوار وبعد أن أعيا حُلمك، هروبنا.. مدارات هزائمنا.. تكيفنا مع ضعفنا صمتنا.. هشاشة مواجهتنا ما بتنا فيه من تشظٍ وعجز وضياع فكنت أبعدنا قولاً وفعلاً, ومثالاً وأقرب صدقاً منا إلينا.. حين قررت هتك الستار عن وجوهنا أجسادنا أقنعة الادعاء بأنا على قيد الحياة، وأن فينا نبض بقاء وأن أنفاسنا مسموعة، وأن أحمالنا ملأى بأشواق وأحلام، وأزهار وأسمار، وأن ما زال فينا بعض نقاء، وأنا نتوق لوعد نحتسي فيه كؤوس الانتصار، وأنا ما زلنا رجالاً. لا تثريب عليك إسماعيل ولا ملام.. أن استبقتنا ممتشقاً ذروة قلبك مُهرقاً آخر قطرته نزفاً على صفحات أيامنا اعمارنا، أوقاتنا معلناً الحداد، محاولاً تجديداً.. انبعاثاً.. انعتاقاً.. باحثاً فينا عن بقايا دخن.. عن أزوف اقتراب.. عن خُطا كنا قد مشيناها يحف بنا عنت القبيلة.. ومن حولنا أشباه مُدن ذاويات، صنعا لها إمارة، وغيرها لها تابعات.. استقواء.. غرور.. واغتصاب وإباحة أعراض، وهدر ماء وأرواح.. وتكميم أفواه، وتقطيع أوصال.. وقهر مستباح.. سرنا ولم تقو على وقفنا، ثنينا سجن سجان.. أو قضبان زنزانة أو صراخ إذا حُجبت عن ليلنا نجمة.. تنادت علينا قوافيك أنجما.. نقارب بين بوحها واكتمال كلماتنا.. تحدياتنا.. أيامنا القادمات من أقصى البلاد حلمنا عدن.. حلمنا الذي ظل يسبق تخلقه على الأرض، تخلقاً في صدورنا.. في جراحاتنا.. على ملامح وجوه إنساننا ..مُدننا، بيوتنا.. أرصفتنا وساعات لقاءاتنا شعراً.. نثراً.. محاضرات، مواقف كنا نأتيها مبحرين عبر قاعات الجامعة، ومقرات الاتحاد نحملها آزاميل نحفر بها حروف أسمائنا نداءاتنا.. شعاراتنا.. رموزنا.. شعرائنا.. أدبائنا.. كتابنا.. شهدائنا. هل هي أضغاث أحلام ؟ أم هي مجرد ذكريات قل لنا ماهي، ما هذه.. ما لونها كيف كانت وكيف تم وأدُها.. ذبحها.. سلخها.. تمزيقها من خلاف قلنا بعد أن قررت ضربنا ببعض لحمنا علنا بعد موتنا نستفيق، نستعيد ولو لحين وعينا فنسترجع ولو بعض صدق ارتباطك شفافية حضورك وغيابك، قدومك سؤالك بحثك لنا حين نشرد ونعتقل ونطارد أو حين نموت مستسلمين في غيابة الخنوع، والانقطاع، مغيبين عن ما حولنا. قلنا كيف وجدتنا وأنت تلقي آخر جملة تأبين ووداع فينا هل وجدت الوقت لتلتمس الأعذار عن تقصيرنا بحق أنفسنا وحق غيرنا؟ عن تواطئنا تجاه تباعد أسفارنا؟ هل واتتك عيناك بدمعة تذرفها إشفاقاً على قبولنا بتهدم أشواقنا بعثرها على عبثية علاقاتنا بها؟ آه أيها العزيز ما أشق ما رميتنا به، وما أشد وأبلغ ما حاولت تنبيهنا إليه.. وما أعمق وأبعد ما أنزلتنا فيها من منازل، وأعدتنا إليها من مواطن، كنت فيها أحد العناوين التي نأوي إليها في قاع اليهود، وباب اليمن ومعاشق وحقات وساحل أبين. ياعاشق اليسار فل وريحان وأكاليل غار ياعاشق اليسار ما أوسع بيانك احتجاج ياعاشق اليسار لمن يكون بعدك الانتظار ياعاشق اليسار كيف ولم يبق لنا خيار غير خيار الانتظار رابط المقال على الفيس بوك