هناك أمور تستدعي الغضب كضرورة وحاجة للحياة الكريمة.. الغضب بركان مكنوز في النفس البشرية, ليس الغضب سلبياً بالمطلق أبداً، فالإنسانية تحتاجه لحماية نفسها وقيمها الرفيعة. الإنسان السوي يغضب، والغضب السوي يثمر خيراً وشرفاً وحقاً ,الحرية لا تعيش بدون غضب، والكرامة لاتحيا بدون غضب، والحق لا يبقى بدون غضب، والشرف الرفيع لا يحمى بدون غضب، والحياة لا تكون بدون غضب.. كل هذه المفردات الأساسية للحياة تختزل في قيمة واحدة اسمها الوطن، والوطن يستباح عندما يستباح بعيداً عن الغضب .. فلابد من الغضب ليقي كل هذا، وبدونه أنت ميت . الغضب هو السور المنيع الذي يحمي الفرد والمجتمع الحق والعرض والشرف، وعندما يهدر حق أو تهان كرامة أو يسطو اللصوص على مال فلا تحزن، لأن كل شيء سيعود وسيعاقب اللصوص، لكن عليك أن تحزن إذا تسرب من نفسك الغضب وصارت الأشياء عندك كلها سواء . إذا سلب منك الغضب فقد سلب كل شيء.. الشعوب التي تحررت وأنهت الظلم والاستعلاء، هي تلك المشبعة بالغضب الوطني .. الفرد ممتلىء غضباً والشارع بركان غضب، فلايجرؤ أحد على الاقتراب منه, ثورات الشعوب ماهي إلا حالة من الغضب , والحرية ليست سوى حالة رفض عميقة لكل ظواهر الاستعباد والتعالي والتحقير والتهميش ,والذين يخافون على مصالحهم من ثورات الشعوب ويحاولون إجهاضها لا يستهدفون شيئاً سوى استهداف الغضب في نفوس الناس، لأن الغضب إذا ذبل غاب الرفض وإذا غاب الرفض غابت الحرية وإذا غابت الحرية غاب الإنسان .. هو استهداف للغضب إذاً، والمعركة هي معركة الابقاء على حالة الغضب والرفض من عدمه .. يستهدفون الوعي والوحدة لأنهما ركيزتان لحالة الغضب الشعبي الذي لاينتعش إلا في حالة توحد الغاضبين ووضوح الخصم لصب الغضب حوله وإحراقه.. أنا هنا لا أدعو للغضب السلبي الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذه حالات مختلفة، أنا أدعو للغضب الذي دعا له كعلامة للإيمان والإنسان السوي الذي يتمعر وجهه للمنكر، فيزيله بقلبه ولسانه ويده، والقلب لايتحرك إلا بوجود حالة الغضب . أنا أدعو للحفاظ على حالة الغضب لأنني أدعو بهذا للحفاظ على الحلم وعلى الشعب الحليم، فبدون غضب لايكون هناك حلم وإنما خوف وذل .. الغضب هو قوة الحلم وأساسه، ولهذا قالوا «اتقوا غضبة الحليم » .. للحلم غضبة جارفة وبه تعيش الشعوب وتهاب ويتلاشى اللصوص والطغاة ... لا تدعو غضبكم يخفت فتضيعون وطنكم وكرامتكم . الشعوب تداس عندما تتخلى عن غضبها ...لاتفرطوا بغضبكم فهو تفريط بالشرف والحرية والأوطان ... وثورات الشعوب وأحلامها لا تنتكس بظهور الثورات المضادة بل بتلاشي الغضب من النفوس وموت حالة الرفض. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر