الجيش الوطني يعلن إسقاط مسيّرة تابعة للمليشيات الإرهابية بمحافظة الجوف    وزير الأوقاف يحذر ميليشيا الحوثي الارهابية من تسييس الحج والسطو على أموال الحجاج    منع إقامة عرس جماعي في عمران لمخالفته تعليمات حوثية    الجمهورية والوحدة    - عاجل بنك اليمن الدولي سيرفع قضايا ضد عدد من الاشخاص ويكشف عن أصوله وراس ماله الحقيقي ويمتلك 1.5 مليار دولار موجودات و46مليار رأس مال كأكبر بنك يمني    الحوثيون يقيلوا موظفي المنافذ ويجرونهم للسجون بعد رفضهم السماح بدخول المبيدات المحظورة    مصر تحصل على عدد من راجمات صواريخ WS-2 بمدي 400 كم    منجز عظيم خانه الكثير    اتالانتا بطلا الدوري الاوروبي لكرة القدم عقب تخطي ليفركوزن    سبب انزعاجا للانتقالي ...الكشف عن سر ظهور الرئيس علي ناصر محمد في ذكرى الوحدة    الهلال يُشارك جمهوره فرحة التتويج بلقب الدوري في احتفالية استثنائية!    الكشف عن القيادي الحوثي المسؤول عن إغراق السوق اليمني بالمبيدات المحظورة    بمناسبة يوم الوحدة المغدور بها... كلمة لا بد منها    "نهب حوثي مُنظم": سلب وكالاتٍ تجاريةٍ من أصحابها اليمنيين بأسعارٍ بخسة!    ساعة صفر تقترب: رسالة قوية من الرياض للحوثيين    أول تعليق حوثي على إعلان أمريكا امتلاك الحوثيين أسلحة تصل إلى البحر الأبيض المتوسط    السفارة اليمنية في الأردن تحتفل بعيد الوحدة    محاولا اغتصابها...مشرف حوثي يعتدي على امرأة ويشعل غضب تعز    قيادي انتقالي: تجربة الوحدة بين الجنوب واليمن نكبة حقيقية لشعب الجنوب    شاب سعودي طلب من عامل يمني تقليد محمد عبده وكاظم.. وحينما سمع صوته وأداءه كانت الصدمة! (فيديو)    سموم الحوثيين تقتل براءة الطفولة: 200 طفل ضحايا تشوه خلقي    تغاريد حرة .. الفساد لا يمزح    بيب يُعزّز مكانته كأحد أعظم مدربيّ العالم بِحصوله على جائزة أفضل مدربٍ في الدوري الإنجليزي!    وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل تقر تعديلات على لائحة إنشاء وتنظيم مكاتب التشغيل الخاصة    إجتماعات عسكرية لدول الخليج والولايات المتحدة في العاصمة السعودية الرياض مميز    رئيس انتقالي لحج يتفقد مستوى النظافة في مدينة الحوطة ويوجه بتنفيذ حملة نظافة طارئة    للوحدويين.. صنعاء صارت كهنوتية    الهجري يتلقى التعازي في وفاة والده من محافظي محافظات    الحكومة اليمنية ترحب بقرار إسبانيا والنرويج وايرلندا الإعتراف بدولة فلسطين مميز    اليابان تسجل عجزاً تجارياً بلغ 3 مليارات دولار    سيلفا: الصدارة هدفنا الدائم في الدوري الانكليزي    مفاوضات إيجابية بين بايرن ميونخ وخليفة توخيل    رونالدو على رأس قائمة منتخب البرتغال في بطولة أمم أوروبا    نافذون حوثيون يسطون على مقبرة في بعدان شرق محافظة إب    إعدام رجل وامرأة في مارب.. والكشف عن التهمة الموجهة ضدهما (الأسماء)    اعلان القائمة الموسعة لمنتخب الشباب بدون عادل عباس    أغادير تستضيف الملتقى الأفريقي المغربي الأول للطب الرياضي    ورحل نجم آخر من أسرة شيخنا العمراني    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبي
انا والحياة سيرة ذاتية
نشر في الجمهورية يوم 09 - 02 - 2010

(إلى الأجيال المعاصرة والأجيال القادمة أهدي هذه السيرة الذاتية التي تعتبر ليست وقائع لحياة كاتبها فحسب، ولكن فيها وقائع من حياة شعبنا اليمني وصدى لبعض ما كان يجري من حولنا في أقطارنا العربية الشقيقة.
فإلى هؤلاء أقدِّم سيرتي الذاتية لعلهم يجدون فيها ما يفيدهم في حياتهم القادمة التي لاشك أنها ستكون أحسن من حياتنا الماضية)
لم أذق في طفولتي حنان الأبوة،ولا العطف الذي يغدقه الأب عادة على أبنائه، مع أنني الذكر الوحيد في الأسرة قبل اثنتين من الإناث، وأنا لا ألوم أبي على ذلك فلعل الظروف المادية الصعبة التي كان يعانيها أبي حينذاك ، وسفره المتواصل إلى الصومال لإيجاد لقمة العيش لنا، هي التي أبعدته عنها فقد كان بغيب عنا ثلاث سنوات ولربما لا يعود إلينا إلا بالفتات من الرزق، فكل ما يجمعه هناك كان يرسله لنا أولاً بأول وحسبه أن يوفر لنا هذه اللقمة البسيطة التي لاتكاد تشبعنا، أما دلع الآباء لأولاهم فهذا في نظره في ظل مجتمع فقير فهو ترف لا لزوم له, إضافة إلى لأن دراسته غير المكتملة التي تلقاها في رباط الغيل التي كانت لاتهتم إلا بالقشور من العلوم التقليدية ربما تكون ساعدت في قصور فهمه للتربية المثلى التي يجب عليه أن يتحلى بها في تربية أولاده، لقد كان رحمه الله متوسط القامة مع نحافة ظلت ملازمة له طول حياته حاد الطبع صلباً في التمسك بآرائه مما جعل من حوله يلقبونه ب “سالم مصلب” بضم الميم، لا يهادن أحداً في أمر يعتقد بصحته ولو كلفه ذلك ما كلفه، ولهذا فقد ظل طول حياته متبرماً وناقماً على الكثير ممن حوله، كثير الشكوى من فلان الذي خدعه والآخر الذي أكل ماله على غير وجه حق، هذه الحدة في معاملته لمن حوله أورثته بعض العقد النفسية فانزوى عن الناس ونفر منهم، وحين وعيت على نفسي كان حينها قد انقطع عن السفر إلى الصومال ولزم بيته وحل محله عمي “فرج” فكنت نادراً ما أراه خارج البيت،فقد كان يقضي معظم وقته في قصره يكتب ويكتب، لا أدري حينها ماذا يكتب لكني بعد وفاته وجدت من بين مخلفاته إلى جانب بعض الكتب السلفية أربع مفكرات مليئة بالكتابة، كانت إحدى هذه المفكرات عبارة عن مشروع كتاب ألفه ، يحتوي على عدة فصول، منها فصل يحتوي على عدد كبير من الأمثال الحضرمية وآخر يحتوي على بعض من الآيات القرآنية، وفصل آخر بع بعض الأحاديث النبوية حمل أول صفحة من هذا الكتاب إسمه.
وجعل له في آخر صفحة منه فهرساً للمواضيع التي وردت في الكتاب، أما المفكرات الثلاث الأخرى فقد كانت مليئة بالخواطر واليوميات التي كان يدونها في حله وترحاله، من ذلك مثلاً أنه دون عند وصوله أول مرة إلى الصومال تاريخ وصوله ثم كتب تحت ذلك التاريخ “أن الأرض كانت خضراء والثمار متوفرة والمواشي رخيصة”ثم كتب تعليقاً يقول:” إنه في سفراته القادمة إلى الصومال سوق يعمل على أن تكون في مثل هذا الوقت ليستمتع بالجو الجميل وليستثمر سخاء الطبيعة لصالحه”لكنه يعود ويكتب بعد ثلاث سنوات خيبة أمله حيث أنه حرص على أن يكون قدومه إلى الصومال في نفس التاريخ ولكنه وجدها عكس ما كانت عليه فقد “جفت الأرض وقلت الثمار والمواشي” ولعل ذلك يعود لعدم هطول الأمطار في ذلك الموسم...وقد رأيت على إحدى تلك المفكرات “خربشات” بالقلم الرصاص وبعض أحرف الهجاء التي كنت أخطها أيام طفولتي كما أطلعت على الكثير من شكواه من بعض التجار الذين كان يتعامل معهم في عدن والصومال، الشيء الذي جعله بعد ذلك يضيق بالسفر، ثم بالحياة بأكملها، فانزوى في بيته بالغيل في أول عهده ثم أخذ يطلب العزلة خارج البيت، فقد صار يذهب إلى خارج المدينة، ويقضي ساعات طويلة هائماً في الخلاء، ولا يعود إلى البيت إلا قبيل الغروب، ولما تكرر خروجه وغيابه خاف عليه الأهل فقرروا حبسه في البيت، وياليتهم اغلقوا الأبواب دونه ولكن مافعلوه كان حبساً غير إنساني، فقد قضت العادة في الغيل لكل من هو في حالة أبي أن يضعوه في مخزن من مخازن البيت المظلمة ثم يضعوا ساقيه في فتحتين لجذع شجرة ضخم لا يقوى على حمله إلا عدة رجال أشداء ثم يغلقوا هاتين الفتحتين من أعلى بخشبة غليظة تلصق بذلك الجذع بمسامير قوية،فيظل المسجون هكذا إلى ماشاء الله، لا يستطيع الوقوف ولا حتى التحرك إلى اليمين أو الشمال وهذا ما تم فعلاً لأبي، ثم أوكلوا عمتي بالعناية به ليل نهار تأتي بأكله وتأخذ مخلفاته من تحته.
ثم أخذ الأهل يسعون إلى المشائخ والسادة وبعض المشعوذين وإحضارهم لمعالجته، فكان الشخص منهم ما إن يحضر ويرى أبي حتى يكتب له بعض التمائم، فمنهم من يأمر بوضع هذه التمائم في مكان ما في البيت ومنهم من يربطها على ذراعه، وآخر يأمر بحرقها ويسقيها له مع الماء،ولما طال مرضه تحولنا أنا وأمي وأخواتي إلى بيت جدي وكنت أزوره كل يوم، وأذكر يوماً كنت عنده عندما احضروا أحد المشعوذين الذي قرر أن يكوي رأسه بالنار، يومها حزنت عليه، وبكيت بكاء حاراً وكلماته المتألمة والمتضرعة ترن في أذني عندما لسعته الحديدة المحماة في النار في مؤخرة رأسه وهو يردد “ يانار كوني برداً وسلاماً على سالم” متمثلاً بالآية التي وردت في القرآن الكريم عندما خاطب الله عزوجل النار أن تكون برداً وسلاماً على رسوله ابراهيم، وذلك عندما وضعه قومه المشركون في النار، لكن بعد مرور فترة زمنية وهو على حالته تلك خف حزني عليه,وصار أمره لدي شيئاً مألوفاً، وانغمرت في حياتي الجديدة ببيت جدي إلا أن ما حدث لأبي ترك في نفسي شرخاً بقي أثره حتى توفاه الله، وارتاح من الدنيا ومن أهلها ولجأ إلى رب غفور رحيم.
وأذكر حادثة غريبة حدثت أثناء مرض أبي قد لا يصدقها أحد، ولكنها حقيقة وقعت ووعتها ذاكرتي وعرف بها الكثير من الأهل والجيران ، هذه الحادثة بدأت عندما جيء لأبي بسيد قيل إنه ماهر في اخراج الجن من المرضى الذين يسكنهم الجان، وذلك بناء على توصية من أحد المشائخ الذي زار أبي فقد قال لهم ذلك الشيخ ان جنياً دخل فيه ولن يخرجه إلا مالك جان له نفوذ كبيرة عليهم , وهكذا جيء بذلك السيد الذي قيل إنه يملك إنه يملك عدداً من الجان يسخرهم في خدمته , وكان عمي فرج هو الذي سعى لإحضاره بواسطة جارنا الذي كان له بعض النفوذ ذلك الحين , وقد نزل ذلك السيد عند ذلك الجار الذي كان في بيته غرفة خاصة بالآغراب على عكس منزلنا الصغير في العاشر صباحاً خرج ذلك السيد من غرفته بمنزل ذلك الجار وبعد ان دخل على ابي في سجنه , اخذه عمي واجتاز غرفة المعيشة ٍ(الضيقة) ثم ارتقى به السلم حتى اجلسه في غرفته الخاصة , وهي غرفة قميئة لايرتفع سقفها عن رأس الإنسان إلا قليلاً , ثم تواتر بعض الأقارب ومن بينهم جارنا الذي انزل السيد في بيته وجارنا الذي من جهة الشرق وسرعان ما اخترت لي مكاناً ملاصقاً لذلك السيد لأرى ماذا سيفعل لأبي , كنت استمع في شوق ونهيب إلى الحديث الذي كان يدور بينه وبين عمي والذي لم تلتقط اذناي منه إلا الشيء القليل , اما البقية فقد كانت كلمات كالغاز لم افهم معناها لقد صار الحديث عن الحلوى يتردد عدة مرات وهذا الشيء الذي فهمته من ذلك الحديث , حينها صرت في حيرة من امري واخذت اتساءل مع نفسي ترى ما علاقة مرض ابي بالحلوى؟ وما مدى ارتباط الجني الذي دخل ابي بتلك الحلوى التي يتحدثون عنها؟ هذه الأسئلة كانت تضج في ذهني ثم بعد ذلك وضحت لي الحقيقة عندما اعلمني عمي الذي كان مغرما بالحلوى وبكل شيء له صله بالسمن والدسم ان السيد وافق على ان ياتي لنا برطلين حلوى من الحلوى الفاخرة من المكلا التي تسمى (حلو السيد) نسبة لصانعها المعروف في المكلا , بعد هذا الشرح الذي سمعته من عمي تبددت بعض حيرتي وقلت في نفسي لربما ان السيد ذاهب إلى المكلا غدا وعند عودته إلينا سيأتي لنا بالحلوى لكن حيرتي ازدادت عندما امرني عمي ان انزل حالاً واخبر الأهل بأن يعملوا لنا قهوة لنشربها مع الحلوى التي ستصل في الحال هذا الامر زاد من حيرتي وعدت اتساءل كيف باستطاعة ذلك السيد الذهاب إلى المكلا والعودة بالحلوى في الحال في زمن كان يتطلب للمسافر إلى المكلا ان يقضي يوماً كاملاً ذهاباً واياباً؟ هذه الاسئلة كانت تضج في ذهني وأنا انزل السلم لأبلغ الأهل بطلب عمي ابلغت الأهل بذلك وعدت سريعاً اجد تفسيراً منهم لذلك اللغز الذي حيرني , دخلت وجلست حيث كنت بجانب ذلك السيد الذي كان قد اخرج قلماً وورقة من محفظة كبيرة كانت بجانبه ثم بدأ يكتب فيها بعض الكلمات فأخذت ادقق النظر في الورقة التي كانت تحت بصري وكنت حينها في السنة الثانية ابتدائي وبامكاني القراءة فبدأت اقرأ أول كلمتين فإذا هي كالتالي:
إلى عمروش بن همروش ولما شعر السيد بانني بدأت اتدخل فيما لا يعنيني ابتعد عني وليبعدني عنه اكثر امرني ان انزل وآتي له ببعض جمرات من النار , قمت وأنا كالمذهول وصرت انزل درجات السلم خببا وعدت بطلبه سريعاً وجلست بجانبه وانفاسي تتلاحق وذهني يتساءل من هو عمروش بن همروش؟ هل هو العفريت الذي دخل رأس أبي؟ لكنني فوجئت بالسيد فجأة يرفع رأسه عن الورق ليقول لعمي: هل تريدون الجني ان يلقي بالحلوى امامكم ام تريدونه ان يضعها لكم في وعاء؟ صاح عمي بسرعة قائلاً: نريده ان يضعها في صحن نظيف ثم صاح بي قائلاً انزل بسرعة وهات صحناً نظيفاً وناوله عمك الجني.. اقصد عمك السيد قمت وبعد برهة وجيزة كنت امام السيد والصحن بيدي يقطر ماء بعد غسله , وقد تيقن لي ان الجني هو الذي سيأتي بالحلوى تناول السيد مني الصحن وطلب عمي قيمة رطلين حلوى بسعر ذلك الزمن واضاف قائلاً: ان الجن الذين استخدمهم في شراء ما اطلبه جن شرفاء لايحبون الحرام ويدفعون قيمة ما يشترونه مع ان بامكانهم اخذ ما يريدون دون قود أمن عمي على كلامه قائلاً انعم واكرم بهم من جن صالحين , ثم اخرج من حزامه بعض النقود الفضية سلمها للسيد فأخذها منه ووضعها في الصحن ثم سلمه لي وقال: ضعها خارج الغرفة بجانب الباب.
انصعت لأمره فوضعت الصحن ويدي ترتجف من الخوف بعد ان علمت بأن الجني عمروش هو الذي سيحضر الحلوى من المكلا ,وعدت وأنا اتذكر حكايات العفاريت التي كان يحكيها لنا مدرسنا عندما كنا بالسنة الأولى بالمدرسة فاستهوتني اللعبة وصرت اعيش جو تلك الحكايات بما فيها من غرائب وعجائب عدت إلى مكاني بجانب السيد الذي وضع تلك الورقة التي خط بها رسالته إلى صاحبه العفريت على ذلك الجمر المشتعل وبعد أن صارت رماداً امرني ان اقوم لأرى إذا كانت النقود بالصحن ام لا عدت لأبلغه بأن لا اثر للنقود في الصحن وعدت إلى مكاني وانا ارتجف من الخوف وقد اشتبك السيد مع عمي في حديث عن الحلوى وكيف ان كثيراً من اصحابي يطلبون منه بان يأمر الجن باحضار حلوى لهم وهم في اماكن بعيدة عن المكلا وذلك ليرى انه مرمي خارج بيته, ولكن دون ان يحدث له أي أذى بعد عدة دقائق امضاها السيد في حديث عن عفاريته طلب مني احضار الصحن من الخارج قمت وأنا ارتجف وخطوت الخطوات الأولى وأنا اسمي الله ثم خطفت الصحن المليء بالحلوى ورائحة الهل والسمن البلدي الذي يفوح من الحلوى تتطاير إلى انفي وضعت الحلوى أمام عمي الذي قام بنفسه لإحضار القهوة بعد ان رأى الخوف في عيني , ثم عاد بالقهوة وجلس , وبعد ان اقتطع جزء منها لأبي وللأهل تحلقنا جميعاً حول الحلوى التي كانت طازجة ودافئة وكأنها خرجت لتوها من القدر , وبعد ان اخذ السيد قطعة منها وأكلها انزوى بعيداً عنا ليكتب عدداً من التمائم المتنوعة ثم سلمها لعمي وامره ان توضع في اماكن متفرقة من الدار وخارج الدار , ثم استلم اجرته وخرج وضاعت أموال عمي هباءً كما ضاعت الأموال السابقة التي صرفها عمي على السادة المشعوذين , ولربما اننا استفدنا من ذلك السيد بالذات باننا ذقنا الحلوى التي احضرها لنا الرفيق عمروش بن همروش ذلك الجني الذي كانت سرعته تفوق سرعة طائرة (الكنكورد) اضعافاً مضاعفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.