ثلاث محافظات يمنية على موعد مع الظلام الدامس.. وتهديد بقطع الكهرباء عنها    أبوظبي اكستريم تعلن عن طرح تذاكر النسخة الرابعة التي ستقام في باريس 18 مايو الجاري    مأساة في تهامة.. السيول تجرف عشرات المساكن غربي اليمن    عندما يغدر الملوك    النائب العليمي: مليشيا الحوثي تستغل القضية الفلسطينية لصالح اجندة ايرانية في البحر الأحمر    بعد إقامة العزاء.. ميت يفاجئ الجميع ويعود إلى الحياة قبيل وضعه في القبر    جزار يرتكب جريمة مروعة بحق مواطن في عدن صباح اليوم    قارورة البيرة اولاً    أساليب أرهابية منافية لكل الشرائع    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    حرب غزة تنتقل إلى بريطانيا: مخاوف من مواجهات بين إسلاميين ويهود داخل الجامعات    مهام العليمي وبن مبارك في عدن تعطيل الخدمات وإلتقاط الصور    المحطات التاريخية الكبرى تصنعها الإرادة الوطنية الحرة    العدالة تنتصر: قاتل حنين البكري أمام بوابة الإعدام..تعرف على مراحل التنفيذ    متصلة ابنها كان يغش في الاختبارات والآن يرفض الوظيفة بالشهادة .. ماذا يفعل؟ ..شاهد شيخ يجيب    أتالانتا يكتب التاريخ ويحجز مكانه في نهائي الدوري الأوروبي!    الدوري الاوروبي ... نهائي مرتقب بين ليفركوزن وأتالانتا    ضوء غامض يشعل سماء عدن: حيرة وتكهنات وسط السكان    لا وقت للانتظار: كاتب صحفي يكشف متطلبات النصر على الحوثيين    الحوثي يدعو لتعويض طلاب المدارس ب "درجات إضافية"... خطوة تثير جدلا واسعا    في اليوم 216 لحرب الإبادة على غزة.. 34904 شهيدا وأكثر من 78514 جريحا والمفاوضات تتوقف    قوة عسكرية جديدة تثير الرعب لدى الحوثيين وتدخل معركة التحرير    مراكز مليشيا الحوثي.. معسكرات لإفساد الفطرة    ولد عام 1949    الفجر الجديد والنصر وشعب حضرموت والشروق لحسم ال3 الصاعدين ؟    فرصة ضائعة وإشارة سيئة.. خيبة أمل مريرة لضعف استجابة المانحين لليمن    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    أمين عام حزب الشعب يثمن موقف الصين الداعم للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    منذ أكثر من 70 عاما وأمريكا تقوم باغتيال علماء الذرة المصريين    الخارجية الأميركية: خيارات الرد على الحوثيين تتضمن عقوبات    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    وفاة الشيخ ''آل نهيان'' وإعلان لديوان الرئاسة الإماراتي    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    5 دول أوروبية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    تصاعد الخلافات بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر والأخير يرفض التراجع عن هذا الاشتراط !    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة حياته الثقافية والسياسية
مذكرات أحمد محمد نعمان
نشر في الجمهورية يوم 12 - 02 - 2010

سافرت إلى الحج بنيّة العودة إلى مصر والتقيت عبدالناصر
الإمام أعدم الكثيرين بعد فشل الانقلاب عليه بينهم أخواه سيف الإسلام والعباس
عزل الإمام أحمد وتولية سيف الإسلام عبدالله
هل كانت أول زيارة بعد السجن؟
دعيت مرة حينما عفا عني وألقيت كلمة هناك، أما هذه المرة فقد ذهبت أريد الخروج من حجة لأن حجة سجن، ثم أحببنا أن ننتقل من هذه البلاد النائية “حجة” ونذهب إلى تعز المنطقة المنفتحة، وصلنا إلى تعز وإذا بثورة تقوم ضد الإمام أحمد، من يقوم بها؟ قالوا لنا سيف الإسلام عبدالله، لماذا؟ لأن الإمام أحمد أصبح يقرب الأحرار الذين كانوا من قتلة الإمام يحيى، ولأننا مرتبطون بالأمير البدر لأنه من ألح على أبيه بالإفراج عنا، وأن الإمام أحمد يريد الأحرار ليتخذ منهم قوة لولده،وليكونوا عناصر في مواجهة أعمامه سيوف الإسلام أخوة الإمام، نحن أيضاً أطلقنا ولاية العهد من حجة وبقينا نتحدث عن وجوب ذلك العهد للبدر، أثارها أولاد الإمام يحيى، أي إخوة الإمام أحمد، قائلين إنها دسيسة وضعها الأحرار لتفريقهم.
كان الإرياني ممن ثبت هذه الدعوة وكتب صيغة البيعة ووزعت على الناس، وخرجنا منتشرين للدعوة لولاية العهد للبدر، فأوجدنا شقاقا بين الإمام وإخوته ولسنا قاصدين ذلك،ولكن الإمام كان حذرا حتى أنه مرة كتب إلي قائلاً في معرض الحديث:
إني على ما ترين من كبرى
أعرف من أين تؤكل الكتف
ولذلك أغلقوا هذا الباب، وهكذا أصبح أولاد الإمام ضدنا نحن الأحرار،وكنا نحن نلوذ بالبدر ومرتبطين بالإمام، وحينما ذهبت إلى تعز كان إخوة الإمام متعجلين القضاء على الإمام أحمد، حتى لا يدعوا له مجالاًُ، وبينما أنا في المنزل وإذا بي أدعى إلى مركز الجيش،ذهبت وإذا بي أجد هناك عبدالرحمن الإرياني ومجموعة من الإخوان، سألت الإرياني: ما الخبر؟ قال: أحلام اليقظة، الإمام أحمد محاصر في بيته ،كنت غير مرتاح للوضع، ربما كانت خديعة متفق عليها بين الإمام وإخوته يريدون أن يمتحنونا،وأنا الآن قادم من حجة ولا أريد أن أرجع إلى حجة مرة أخرى،أجتمع الناس، فقلت لهم:”وما هو المطلوب؟” قالوا:”خلع الإمام أحمد” سألت:” لماذا؟” أجابوا:”لتولية سيف الإسلام عبدالله” وسيف الإسلام عبدالله هذا كان بين الحضور وإخوته وأولاد إخوته أيضاً كانوا متحمسين يريدون القضاء على الإمام أحمد بحجة أنه كان مريضاً ويعيش على المورفين وغير ذلك، فقلت لهم الأولى أن نطلب من الإمام أحمد تنحية رئيس الوزراء الأمير الحسن وتأليف الوزارة برئاسة سيف الإسلام عبدالله، ودعوا الإمام كما هو.
قال سيف الإسلام عبدالله:” وولاية العهد للبدر!” فقلت له:”إذا كان بإمكانك السيطرة على الوزارة في حال كونك رئيساً للوزراء فأنت المتصرف بالأمور،ودع الإمام ليكون إماماً دستورياً،أحد الحاضرين أجاب:” من فضلك لا تتكلم، فليخلع الإمام أحمد”وجاء عسكري يهمس لي،وكان هناك بعض الضباط كالثلايا،فقلت لهم:”كما تريدون”.
فأرسلوا وفوداً، ليعلموا الإمام بالتنازل عن العرش والرصاص يطلق على القصر، كتب الإمام صيغة التنازل لأخيه بصورة ماكرة ولكنه لم يكن متنازلاً، وكانت الصيغة بتولي الأخ سيف الإسلام عبدالله الأعمال بالنيابة عن الإمام، وأن في هذه العملية دسائس أجنبية، عندما كنت مرتاباً ومذعوراً تم الأمر،إذا، ما ذا سيحدث للبدر؟ وما ذا سيحدث في حجة،معقل الإمام حيث نائبه هناك؟أوحيت لبعض الإخوان الذين كانوا هناك أن يقترحوا خروجي من تعز بالطائرة لإقناع البدر ونائب حجة،لأن علاقتي بهما كانت معروفة بسبب الإقامة بينهما، وافق سيف الإسلام عبدالله،تمت الفكرة بسرعة لأنني رأيت الجو ضائعاً، ما هي هذه الحكومة التي تتشكل والإمام داخل البيت،ومقر الجيش في الجبال، والعملية لم تكن ناضجة ولم ارتح لها في نفسي،وإذا بي أصل بعد نصف ساعة إلى الحديدة عند البدر.
كانت قد انقطعت عنه الأخبار لكن كان عنده بعض المقدمات تعلمه بوجود محاولات ضد أبيه الإمام، وكتب تحذيراً إلى ابيه ولكن الأب لم يصدق ولم يرتب في إخوته، وصلت ثم دخلت إلى البدر، فلما رآني قال لي :”هل قتل الإمام”؟ قلت له:”كلا،لكنه محاصر”قال لي: ”إذا، سأعلن الإمامة الآن “فأجبته بأنه ليس من المستحسن أن تعلن الإمامة، بل الأفضل بنا أن ننتقل إلى حجة كما انتقل أبوك حينما قتل أبوه ومن هناك نرتب الأمور،وكان كذلك،انتقلنا إلى حجة بعد أن وكل الأمر إلى بعض الأشخاص في الحديدة، وصلنا إلى حجة نحن والبدر، ومن هناك فكرنا بالاتصال بالبلاد العربية،فقلت له:”علينا أن نبادر بالاتصال بالمملكة العربية السعودية ومصر وكان بينهما وئام، ويجب أن يتدخلا لحسم الخلاف:”وهو كذلك”وهكذا سافرت وفي نيتي إن صلحت الأمور رجعنا وإلا كنا في الخارج.
تذللت الأمور وكان معي السيد أحمد الشامي،أخذته معي وذهبنا إلى حرض ومنها إلى جيزان،وهناك كانت طائرة تنتظرنا من قبل الملك سعود،لأنهم سمعوا بالأحداث في اليمن، واليمن تهم السعودية لدرجة كبيرة، كما أن لمصر علاقة بالبدر وبالأحرار أيضاً،أبرقنا إلى عبدالناصر، فأرسل حسين الشافعي مع وفد والتقينا بالرياض،وبينما كنا نتداول الأمر قلت للملك سعود قبل أن يصل الوفد المصري: الإمام أحمد محاصر في قصره ولسان حاله يقول:
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل
وإلا فأدركني ولما أمزق
فهو يستنجد بك في هذه اللحظة قال سعود: سأجهز عشرة آلاف جندي وأتدبر الأمر،ونحن في هذه الحالة أرتاح الملك سعود لمشاعري نحو الإمام، وكنت أنا مديناً للإمام ولا أريد أن تزداد الأمور سوءاً، فإذا ببرقية تصل تتحدث عن خروج الإمام أحمد من الحصار، وقيل لي إن الملك سعود يريد أن يكلمني بنفسه،اتصلوا بي وقالوا لي : الملك سعود يريد أن يكلمك،كلمني وقال لي:خرج أخي الإمام أحمد وانتصر على أعدائه وقد قتل فلان ومسح عبدالله وخرج راكباً على جواده وسيفه بيده.
فشل حركة سيف الإسلام عبدالله
كيف حدثت القصة؟
ظل الإمام في تلك الأثناء يراوغ ويبعث بأشخاص إلى أخيه عبدالله وإلى الحاميات العسكرية المحيطة بتعز، وسلطها بإطلاق المدافع على مراكز عبدالله من الجبال، فبدأت عملية الرد على الحركة، وبمجرد أن ابتدأت العملية أطلق الرصاص من قصره على المركز الذي فيه أخوه، وإذا بالأمور تتفاقم فثار الناس على الموجودين وأنتهت القصة , في تلك الاثناء كنت انا والسيد احمد الشامي في الرياض،فماهو المصير؟أنرجع إلى مصر ولكن كيف؟ فقد كانت المخططات تدور في رؤوسنا تأمل أن ينتهي الذين في تعز من الإمام أحمد مع سيف الإسلام عبدالله، والبدر مع الأحرار فتقوم حكومة حرة تتعاون مع البلاد العربية، مصر وسوريا والعراق، فمشينا في هذا الخط والتقينا بحسين الشافعي عندما قدم من مصر، وأخذنا نتخيل كيف سنرافق الأبطال، وكيف سنعانقهم ونندمج معهم،وكيف تكون القبلات للفاتحين الذين سيخرجون العالم العربي من الظلمات،لمنقذي فلسطين، لمحرري العالم العربي،ونحن بهذا الحديث،اقترحت أن نبادر بالسفر إلى تعز لأن الإمام أحمد سيخرج بنفس جريحة وسيقتل بلا حساب،فعلينا أن نتدارك الأمور وأن يذهب وفد من السعودية إلى جانب الوفد الموجود من مصر ونذهب إلى تعز ونظهر أننا نهنئ الإمام بالانتصار،ولكن علمنا بأن الإرياني في السجن وكان قد رجع بالصدفة من ساحة القتل،وإذا بي وبحسين الشافعي والأمير فهد بن عبدالعزيز آل سعود، ومحمد بن سعود ننزل في قصر الضيافة،وصعدت مع السيد أحمد الشامي،وقبل أن أصافح الإمام أحمد ذكرته بأبيات الزبيري:
العرش عرشك لا سواك ولن ترى
نداً إلى آفاق عرشك يرمق
وإذا افترى قوم به قلنا لهم
هذه السماء ثبوا إليها وارتقوا
أنت الذي خلقتك آمال الورى
ملكا وآمال الورى قد تخلق
إلى أن يقول له:
ربتك أمتك التي ترجو بما
صنعته مجدا في يديك يحقق
أفهل تراها بعد هذا ترتضي
شخصا سواك لعرشها يتسلق
أم هل ترى أما وقد كبر ابنها
وغدا يصب لها النعيم ويغدق
تأبي بنوة وتذهب تدعي
ولدا سواه تضيق منه وتزهق
هذا لعمركم المحال ولن ترى
شعبا على خلق المحال يعلق
فقال:”شكر الله سعيك،شكر الله سعيك،دعني أقدر سماحتكم،
قلت له:
طر حيث شئت بنا فإنا معشر
سنطير إثرك في العلا ونحلق
قال:”نعم طرت،كنت تريد تمتشع”،وكلمة “تمتشع”تعني تريد أن تنجو بنفسك.
في الحقيقة كان ذكي،وله ذوق أدبي ممتاز:ولهذا لم يثق بعبد الناصر،أبدا، ولم يقبل أن ينزل عند مروره بقناة السويس عائداً من روما سنة 1959م.. حينما خرج عبدالناصر إلى بور سعيد يريد منه أن ينزل إلى مصر للزيارة،فلم يقبل، وسلم عليه من مقعده،ولكن عندما دخل أمين الحسيني وغيره قام لهم.
بعد هذا “وصول الوفدين السعودي والمصري إلى تعز”رتبنا كيفية استقبال الضيوف حسين الشافعي والآخرون،فأمر أن يصعدوا إليه،وصعدوا فتهللت أساريره لمقدمهم،وأخذ يحدثهم عما صنع عبدالله وماذا صنع هؤلاء وما يريدون.
تمت المقابلة وكان ما يزال يروي لهم ويقول “أنت ياشافعي صليت في القاهرة وأنا أصلي بعدك،أنت إمامي”.. جلسنا لمقابلة ثانية في خطبة يوم الجمعة،أما في اليوم الثاني فكان متهيباً أمام الذين جاءوا من مصر،فدفعني بأن أخطب وأصلي بالناس،فخطبنا ولفتنا نظره للعفو، وبعد الصلاة قال:”والله كأن الإسلام كان يتكلم من فم هذا الأستاذ وأن قلبي رق”
وخرج ليقتل في ذلك اليوم ثمانية أشخاص،مجموع من قتلهم سبعة عشر شخصاً،ومن جملتهم أخويه عبدالله والعباس مع أنه لم يكن لنا رغبة في سفك الدماء،وكنا نحاول أن نصرفه على أن يكتفي بالاعتقال والسجن، كان عبدالله في هيئة الأمم المتحدة وتولى وزارة الخارجية.
وهكذا حدثت ثورة بلهاء،طالما حدثت ثور ة في سوريا فيجب أن تحدث في اليمن ثورة كذلك، وكما قيل “ المطر في موسكو والمظلة في روما”.
بعد هذا اللقاء والمقابلة قرروا أن ينصحوا بالهدوء وبتغيير الأوضاع وتطويرها وتحسين الأحوال، وأن استمرار الحال على هذا النحو مستحيل،فرحب وسهل واصطفاني في تلك الأيام كثيراً،فرحبوا بهذه الفكرة.
وبمجرد ذهاب الوفد إلى الحديدة ذهبت أنا والبدر إلى السعودية ثم ذهبنا إلى مصر لمقابلة عبدالناصر، زرنا عبدالناصر على أمل أن تثبت كل من مصر والسعودية وجودهما في اليمن ويشدا أزر البدر يرسلوا الخبراء، اتفقنا نحن والإمام،وإذا به يوحي للبدر أن لايقبل مصري،والبعثة التي كانت موجودة في اليمن يجب أن تعود إلى مصر،تفادينا ذلك بجهد عظيم وقلنا لا يمكن أن نرفض البعثة لأن في ذلك إساءة لمصر التي أظهرت التضامن والتأييد،كان يريد أن يظهر أن تلك الحركة ليست من الشعب وإنما هي مدفوعة من جهات أجنبية، ولم نرجع من مصر إلا وقد كان الإمام منقلباً تماماً.
كان البدر بسيطاً أليس كذلك؟
كلا،كان ذكياً إنما بطيء الحركة.
إصلاحات الإمام أحمد
وقبل عودتنا من مصر ألقيت حديثاً من صوت العرب عن زيارتي لمصر، ثم رجعت إلي اليمن فوجدت الإمام منقلبا انقلاباً شديداً وبدا كأن في نفس البدر شيء.
كانوا هم أكثر اقتراباً من بعضهم البعض،وكنا نجد التجاوب أينما ذهبنا،عند السعوديين وعند المصريين، فكأنه أوحي لأبيه بشيء،فقال:”يا أستاذ” نريد أن نعرف ما هي الرجعية؟”قلت له” ماهو الداعي لهذا السؤال؟”قال:” في خطبتك التي ألقيتها من صوت العرب، إنهم حرروا مصر من الرجعية” فقال أحد الجلساء:”الرجعية هم المتمسكون بدينهم وبلغتهم، هؤلاء رجعيون” فقال:”هكذا يا أستاذ نعمان،أعطاك الله بيانا لتدافع عنا؟قلت له:”أستأذنكم أن أقترب منكم؟” لأنني كنت في آخر المكان فقال :” تفضل” كانوا يجلسون على الأرض في ديوان وكل في زاوية لا يسمع الصوت إلا بمكبر صوت بعد أن استأذنت اقتربت منه وبقينا نأخذ ونرد حتى لانت عريكته، وقلت له: “كلمة الرجعية، اصطلحوا عليها في العصر الحديث ولها معنى ليس كما قالوا إنها تعني الخروج من الإسلام،بل معناها الذي يجمد على وضع معين يكون غير صالح، يقولون إنه الرجعية، أما نحن والحمد لله الآن عندنا المعارف والوزارات، ثم قلت له إنكم الآن تنفقون على المعارف ثلاث مائة ألف ريال كل سنة، لكن هذه المدارس ماذا تخرج في كل سنة؟ قال:”والله صدقت،الآن الأستاذ يكون مستشاراً للمعارف في اليمن كلها،يا قاضي محمد العمري، اكتبوا أمر بأن الأستاذ نعمان مستشار لعموم معارف اليمن ويعمل وأنا أؤيده بقلبي وبقلمي وبكل ما عندي،استلمت مرسوماً طويلاً عريضاً بختم من الإمام وقلت:”الحمد لله خرجنا من الجلسة بأمر”.
أخيراً جاءت إحدى الجلسات فاقترحنا تشكيل وزارة وأن يكون البدر رئيساً للوزراء،وتكون أنت المرجع”قال:”ألا يكفيكم الفتنة الأولى تريدون أن تجددوا الفتن أنت والإرياني؟” قلت له:”أية فتنة” عندئذ استدعيت البدر وواحد من أصهاره وقلت :”أنت قاتلت من أجل أن تعيد العرش لإخوتك وكنا نحن في السجن، أردنا أن نرد لك الجميل بأن نطالب بولاية العهد لإبنك، فوقف أخوتك هذا الموقف بدلاً من أن يقدروا الجميل لك كما قدرناه نحن” قال: “والله صدقت، والله أني كنت محاصر والرصاص يطلق على بيتي وأن أخي عبدالله بالغرفة عندي وأنا أنصحه بعدم الخروج لئلا يصيبه الرصاص، صنعت له كل واجب، أما أبني فلا أفلته”. قلت له: “نحن لم نعمل أي شيء، أننا وفاءاً بما قدمته لنا أردنا أن نفعل ذلك والآن إذا أردت تأجيل هذا الأمر فلا مانع من ذلك”.
توقفنا وبدأ حسد المقربين للإمام والذين أصبحنا أقرب منهم يتسربون إلى الإمام ليلاً عن طريق النساء وغير ذلك ليرجعنا للتعليم إلى حجة ففي فترة من الفترات، ونحن في جلسة دخلت لأصافحه قال: “لا تصافحني أبداً” سألته: “لماذا؟” قال: “طلبت منك كلمة تكتبها للإذاعة ضد الانكليز خدمة للإسلام فما سمحت نفسك أن تكتب هذا الكلمة”.
قلت له: “افتروا علي افتراء عندك، من الذي أبلغني ولم أعمل ولكن هاهو القاضي محمد العمري والقاضي محمد الشامي، طلعت إليهم يوم الجمعة بكلمة للإذاعة حول هذا الموضوع الذي تطلبه دون أن يبلغني أي طلب، وطلبت منهما أن يرسلوها إليكم”.
فقال القاضي العمري: “نعم أنا أرسلتها إليكم”، فقال: “يمكن أني لم أقرأها إلى الآن”.
حاول أن يخلق من هذا سبباً فات هذا السبب فاقترحت عليه: بما أن الاستعمار الآن حول اليمن ونحن صامتون، يجب أن يشكل وفد وأن نسافر إلى الحجاز، وبمناسبة مجيء عبدالناصر وسيلتقي مع الملك سعود، فلو تقترحون سفر البدر وفلان وفلان وإذا عندكم ثقة بي فأكون مرشحاً نفسي سكرتيرا للوفد، أرسلت الرسالة فصادفت هوى في النفس وإذا به يستدعي العمري والشامي وقال لهما: “ما رأيكما بعمل كذا وكذا وبالسفر إلى الحج ونطلب الولد البدر من صنعاء والنعمان يكون معكم؟” فقالا: “وهو كذلك”، وكنت قد طويت النية على الخروج نهائياً من الحج إلى مصر وكان الزبيري يلح على من هناك بالكتابة، وبعد اللقاء مع عبدالناصر عند مازرت مصر مع البدر، جذبني هذا اللقاء إليه جذباً شديداً، لأنني ألتقيت به على أنفراد بدون البدر، ففتحت شهيتي لأكون مع أولئك القادة، أمني نفسي بأني سأصبح بمساعدتهم منقذاً لليمن عن طريقهم، سنلحقها بمصر وتصبح جزءاً من مصر.
استجاب الإمام طلبنا وسافرنا إلى الحجاز ثم أتممنا مناسك الحج وأنا أرتب الأمر مع عبدالوهاب عزام، سفير مصر في السعودية، وهو يرتب لي الأمر لأنه كان يحقد في نفسه على الإمام الذي رفض أن يقابله عندما زار اليمن، فقال لي: “خير ما أعمله أن أيسر لك السفر”.
ولما كنت مع البدر في سهرة في القصر قلت له: “جاء حجاج من الحريم من اليمن من أقاربنا سأخرج معهم لأسهر عندهم فخرجت إلى السفارة المصرية ومنها إلى المطار، وتوكلت على الله وسافرت إلى القاهرة بمفردي.
يتبع..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.