أزمة الديزل والمشتقات الأخرى بترول، جاز، وكذلك الغاز المنزلي كمظهر من مظاهر الأزمة التي تشهدها اليمن وصل تأثيرها إلى صميم مجريات الحياة اليومية بكل تفاصيلها لما لمصادر الطاقة من دور حيوي في تسيير أنشطة الإنسان وحركة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المدينة والريف بدءاً بإنتاج وصناعة ونقل المواد الغذائية وصولاً إلى تأمين المياه واستخدامها و..و..إلخ. ولأن معظم الناس يعرف الانعكاسات السلبية للأزمة وتداعياتها خاصة ما يتعلق بالغذاء وأوزان السلع الغذائية وأسعارها فمن الطبيعي أن يفرض انعكاسات أزمة المشتقات النفطية وتأثيراتها على نشاط المخابز. عندما تسأل عاملين في المخابز عن تأثير أزمة المشتقات النفطية وخاصة الديزل والسولار تكون منتظراً نفس الجواب: الأزمة طالت الجميع، ولكن العمل لايتوقف إلا لدى من لايريد الاعتراف بالواقع الراهن ولايصدق أن الانتظام في الطابور أمام محطات الوقود بأنه أمر لامفر منه. عامل لتوفير الديزل “مختار” يدير مخبزا في منطقة صينة بمدينة تعز يعرض رأيه في المسألة قائلاً: لدينا عامل متفرغ لتوفير الديزل أو السولار وأي من المادتين تفي بالغرض لتشغيل الفرن ونضطر لخلط هذا بذاك عند الضرورة، المهم أن العمل لايتوقف، إنما تأتي الأعباء من زيادة سعر القمح والدقيق ومبررهم أن أسعار النقل زادت بفعل الأزمة..وبالنسبة للعمل بتسعيرة وزارة الصناعة للكيلو الخبز ب 150 ريالا التي كان معمولا بها سابقاً لانجد من يراقب أو يسأل.. نقص في الأوزان المواطنون منهم من يبادر كعادة أبناء اليمن إلى الحمد والشكر اعترافاً بالاستقرار النسبي لأسعار السلع الغذائية وأملهم بأن لاينحرف أحد عن الالتزام بأمانة المسئولية تجاه عدم المساس بأسعار وأوزان وجودة سلعة الخبز من رغيف وروتي وحتى الرغيف المصنوع منزلياً ويباع في السوق: الخمير والملوج واللحوح. قائد أحمد عبدالله مواطن عاطل عن العمل ينتقد أخلاقيات بعض أصحاب المخابز؛ لأنهم حسب رأيه وهو ما يؤكده غيره: يعملون على إنقاص وزن الروتي إلى حد يشي بفاعلية مقولة: مصائب قوم عند قوم فوائد.. ويعبر المتحدث عن غضبه من لجوء أصحاب الأفران إلى رفع سعر الكيلو جرام رغيف من 150إلى 180 ريالاً ثم يبيع الكيس عدد عشرة أرغفة ب 200 ريال حجم كبير كما هو مفترض واختفاء الحجم الصغير وبيعه لصاحب البقالة ب 180 ريالاً دون استفادة المستهلك الذي يقصد الفرن مباشرة من فارق ال 20 ريالاً. البحث عن البدائل في المخبز الفرنسي في شارع جمال بتعز تسمع بأن عناء أصحاب الأفران لايختلف غيرهم وأن العمل وجودة المنتج مسألة ذات أولوية ويضيف: إن الأزمة كشفت عن الروح الإبداعية لدى كثير من الناس في البحث عن بدائل إذا انعدام السولار في أقرب مكان أو طال الطابور بحث عن الديزل وإن وجد عمل. تأمين الحد الأدنى من الوقود حتى لايغفل عن أي طارىء أو مفاجآت والأهم أن هناك إجراءات تدل على أن محاولة ضبط أزمة الوقود ستنجح ولكن بتعاون الجميع. إنتاج محدود من جانبه يرى الأخ مختار أن إقبال المستهلكين قل خلال اليومين الماضيين على الشراء من الفرن ويعزو ذلك ربما إلى توفر الغاز المنزلي أو الترشيد من قبل المواطن وهو ماجعل الإنتاج أقل نسبياً في الفرن. سوق سوداء من الناس من يرى أن تأخير عملية تنظيم وصول وبيع المشتقات وخاصة الديزل في تعز يعتبر مذمة في حق أبناء المدينة والمحافظة عموماً كون تعز مدينة تنحاز دائماً إلى النظام والترتيب ولم تكن معروفة بمثل ماهو سائد من حضور للسوق السوداء.. واستخدام السلاح عبدالسلام محمد هائل يؤكد على ذلك ويضيف: كمواطن ليست مقتنع بأن الأزمة في تعز بهذه الحدة خاصة وجود حوادت أو شجارات تؤدي إلى قتل يعقبها توقف خدمات أي محطة وقود يحدث في محيطها حادث من هذا النوع.. وحصل ذلك حتى في محطات على مستوى مديرية المواسط حجرية حيث توقف بيع الوقود في محطتين بسبب اللجوء إلى استخدام السلاح وإسالة دماء وتعطيل مصالح كثير من الناس سيما وأن هناك منشآت بما فيها مخابز في قلب الريف يتزايد اعتماد الناس عليها إلى جانب حاجتهم للديزل والسولار لتشغيل الآبار وتوليد الكهرباء. وهي بدائل للكهرباء التي لم تصل معظم قرى المديرية وعزلها. توعية مجتمعية محظوظ محمد عبدالله “مدرس” يرى أن متابعة إجراءات تخصيص محطات وقود للديزل والبترول والجاز ومزيد من إجراءات ضبط الأسعار حرباً على السوق السوداء وبجهد معظمه من المواطنين سيكون أفضل مع توعية إعلامية بالمخاطر المحتملة لتشغيل بعض المحركات البترولية بالديزل أو الجاز عند عدم توفر الأول “البترول” فكثير من الناس لديهم مواطير تعتمد البترول وفي الأزمة أصبحوا يشغلونها بداية بالنزر القليل ثم يصبون الديزل أو الجاز.. إنهم يتحايلون على الآلة وعلى الأزمة فمن سيقدم لنا النصيحة حتى نأمن خطر إهدار ثروة من المواطير. التي لاغنى عنها لتشغيل أجهزة والإضاءة وأهم من كل ذلك تشغيل التلفزيون لنشاهد مايعتمل في أنحاء الوطن. سوء تخزين للمشتقات ويحذر البعض من مصائب سوء تخزين البترول وماينجم عنه من حوادث حريق حيث عبر الأخ أحمد محمد بن ناصر عن ألمه الشديد وهو يصف حادثين منفصلين بسبب عدم الاحتراس من وجود عبوات لمادة البترول نتج عنهما ضحايا وإصابات بالغة. الطوابير توقف حركة السير ويعتبر التنقل بين المحطات بحثاً عن الديزل حتى في ظل التفاؤل بتراجع حدة الأزمة، مشكلة لأصحاب المحلات التجارية حيث تؤدي الطوابير الطويلة إلى مستويات قياسية كما هو الحال في منطقة الاجينات بتعز تؤدي إلى إعاقة الشحن والتفريغ من وإلى هذه المحلات والمخازن سيما وأن تخصيص محطة للحافلات للتموين بالديزل يجعل المنظر وتبعاته يعكس حقيقة كأن لا حافلات إلا في تعز ولاديزل إلا في هذه المحطة.. أما في منطقة الضباب الوادي السياحي والخط الدائم الحركة فتتوقف حركة السير فيه وتمتد طوابير الأفراد بأوعيتهم “دباب” لمسافات طويلة حتى أن أصوات الرصاص باتت لأزمة من لوازم أجواء سوق الوقود وفي ظلها تنشأ أسواق مؤقتة قرب المحطة سيدها القات وتجمع المستهلكين يتحول إلى سوق للفوضى. الحطب والفوانيس محمد عبدالرقيب معلم “أخصائي اجتماعي” يعلق على المشهد بقوله: لقد اكتشفنا كثيرا من الحقائق ظهر زيفها في حياة ما قبل الأزمة منها أننا لم نكن ندير حياتنا بالشكل الصحيح ولا نحتفظ بأشياء بسيطة تبدو عظيمة في الأوقات الصعبة، بل وكثير من الناس في الريف اصطدموا بسوءة انغماسهم في حياة العصر دون إبقاء على ما يميزهم الاحتفاظ بالموقد والحطب والفانوس القديم؛ لأنهم اقتنوا الوسائل الحديثة للطهي واعتمدوا على الغاز واقتنوا الماطور للبيت الواحد بدلاً من الاشتراك مع آخرين لتخفيف عبء الإنفاق وأزمة الوقود والأسوأ أن كثيرا منهم إن لم يكن معظم المتنقلين بين قراهم ومراكز المديريات أو المدن لايطيب لهم إلا خبز المخابز.. الآن اكتشف الأحفاد أن لهم هم ذاتهم مشاكل يحكونها لأحفادهم، منها أن أماكن الاحتطاب منذ الجد الرابع أو الخامس لم تقسم بين الورثة قسمة شرعية والضعيف فيهم لايستطيع الاحتطاب إلا بموافقة جميع الورثة وأبنائهم أو أحفادهم؛ لذا يرسل الأب لأسرته الخبز من المدينة بكميات تكفي ليومين. ارتفاعات جنونية ولأننا في ظل أزمة الوقود نترقب استقرار الوضع لنستقبل شهر رمضان المبارك بصفاء نفس وقلوب تعمرها المحبة والإخاء والتواد والصبر على الشدائد، علينا أن نتأمل ونسارع إلى مبادرات وأعمال تجعل لوسائل النقل الكبيرة من الموانئ أو منابع المياه ومن المدن الكبيرة إلى المدن الثانوية وإلى القرى حصانة كاملة ضد الاستغلال وتوحش السوق السوداء حتى لانجد من يرفع سعر سلعة غذائية تحت مبرر ارتفاع أسعار الوقود أو طول انتظاره بهذا يعبر المواطن محمد قائد الريمي “عامل بناء” ويضيف: سعر الوايت الماء في مدينة تعز ارتفع إلى ثلاثة أضعاف وصاحب الوايت يمكن أن ينضم إلى الطابور للحصول على الديزل ولا يقول ما سمعنا من أحدهم: نحن نشتري الديزل من السوق السوداء ومن يتاجرون في هذه السوق ليسوا أسوأ ممن يحملون السلاح لتحقيق أهداف شخصية في أتون أزمة الوقود.. أما إذا بالغ أصحاب محطات تحلية المياه بالأسعار فلأن المحطة تستخدم 600 لتر ديزل في اليوم على الأقل وتجلب الماء وتوزعه في ظل أزمة وموسم حر وإطفاءات كهربائية. رأي المواطن يكاد ينفذ إلى كبد حقيقة علاقة الإنسان الواعي والمؤمن بالله قولاً وعملاً بأننا جزء من أمة أعزها الله بالإسلام: عقيدة وشريعة وأخلاقا.. وأن اكتمال الإيمان هو في أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك.. فإذا لم تستشعر مسئوليتك أمام الله في الأزمات وتُعمل عقلك في الظروف الصعبة فمتى سيكون ذلك؟!