مواضيع ذات صلة محمد عبد الجبار الشبوط رغم ما يثيره الناس من خلافات بين السنة والشيعة، ورغم ما يبدو ان الخلاف بين الطائفتين بدأ خلافا حول علي وعمر، فقوم شايعوا عليا واتبعوه، وقوم شايعوا عمرا واتبعوه، الا ان التاريخ يحدثنا ان الرجلين كانا قريبين الى بعضهما البعض، بشكل يفوق كثيرا الفرقة القائمة بين اتباع كل منهما. كان عمر رئيسا للدولة، ولم يكن علي معارضا له، بل كان شريكا له، حاضرا مجالسه، مشيرا له في ما يطلب، ما يشي بان العلاقة بينهما لم تكن مقطوعة، بل كانت قوية متصلة مستمرة متواصلة. ولم يكن هناك اقرب الى عمر من علي في تسيير شؤون الدولة من بين كل الصحابة الاخرين.ومن امثلة ذلك، ما يرويه السنة والشيعة في قضية تحديد بداية السنة الهجرية. فقد كان ذلك ثمرة مشورة قدمها علي وقبلها عمر وسار عليها وامر بها.يقول ابن كثير : "قال الواقدي : وفي ربيع الأول من هذه السنة - أعني سنة عشر أو سبع عشرة أو ثماني عشرة - كتب عمر بن الخطاب التاريخ وهو أول من كتبه . قلت : قد ذكرنا سببه في سيرة عمر......الخ .وأشار علي بن أبي طالب (رض) وآخرون أن يؤرخ من هجرته إلى المدينة لظهوره لكل أحد فإنه أظهر من المولد والمبعث فاستحسن عمر ذلك والصحابة ، فامر عمر : أن يؤرخ من هجرة الرسول (ص). وروي عن سعيد بن المسيب : انه قال: جمع عمر الناس فسألهم : من أي يوم يكتب التاريخ؟ فقال علي بن أبي طالب : من يوم هاجر رسول الله (ص) وترك أرض الشرك ، ففعله عمر رضي الله عنه قال الحاكم : هذا صحيح الإسناد؟" كتاب (البداية والنهاية) ج 7 ونقل الأصمعي قوله : "إنما أرخوا من ربيع الأول شهر الهجرة." (الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ) جاء فيما كتبه الامام علي عليه السلام على عهد أهل نجران العبارة التالية : "وكتب عبد الله بن أبي رافع لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين منذ ولج رسول الله (ص) المدينة". كتاب (الخراج) لأبي يوسف ، وكتاب (جمهرة رسائل العرب؟) ج 1 يعيش البعض على الخلافات المذهبية و الصراعات الاجتماعية. والدليل هذا الكم الهائل من الفضائيات الطائفية المذهبية التي تثير الفرقة والنفرة والاحقاد بين الشيعة والسنة، بتعتيمها على الحوادث التي تبين كيف كان عمر وعلي، مثلا متقاربين، بل كيف كان علي معينا للخلفاء الراشدين الذين سبقوه، ابو بكر وعمر وعثمان، وكيف لم يدخر وسعا في نصرتهم واعانتهم وتقديم المشورة الصالحة لهم، ولسان حاله يقول، كما روي عنه: "لأسلمن من سلمت امور المسلمين." وكيف انه سكت عما يعتبره حقا له في الخلافة من اجل ان تستقيم امور المسلمين ويحفظ دين الاسلام ويصون دولته الفتية. ولم يكن باتخاذ موقف سلبي يتمثل بعدم خوض الصراع مثلا من اجل ما يعتبره حقه، بل بالدخول في الحياة السياسية العامة وحضور مجالس الحكم والشورى التي كان يقيمها ويعقدها ويؤسسها الخلفاء، والتي كانت امور الدولة تحسم فيها من خلال النقاش العلني المباشر بين الخليفة و الصحابة المبرزين، وكان من ابرز هؤلاء الصحابة المبرزين الامام علي الذي كان الحاضر الدائم في هذه المجالس جاعلا كل علمه الذي علمه رسول الله، وقدراته، في خدمة الدولة وادارتها. وليس اظهر من ذلك مشاركته في لجنة الستة التي شكلها عمر لاختيار الخليفة من بعده، رغم انه، أي علي، لم يكن مؤمنا بها، لكنه امتثل بامر الخليفة حفاظا على وحدة المسلمين وسيادة الدولة، وهو القائل بعد ذلك:" فَيَا لَلَّهِ وَ لِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أَقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ؟ لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَ طِرْتُ إِذْ طَارُوا". بل ليس بعد قوله لعمر وقد شاوره الاخير في الخروج الى غزو الروم بنفسه قول، حيث يقول:"انك متى تسير الى هذا العدو بنفسك، فتلقهم بشخصك، فتُنْكَب(تصاب بمصيبة)، لا تكن للمسلمين كانفة (معتصم يعتصمون به) دون اقصى بلادهم، ليس بعدك مرجع يرجعون اليه، فابعث لهم رجلا مِحْرَبا (صاحب حرب، أي له خبرة وشجاعة)، واحفز معه اهل البلاء والنصيحة، فان اظهر الله فذاك ما تحب، وان تكن الاخرى، كنت ردءا (عونا) للناس(مرجعا يرجعون اليه في حال هزيمتهم)، ومثابة للمسلمين." (نهج البلاغة، النص 132، ص 223) ماذا يقول علي لعمر اكثر من هذا؟ وهل يقول مثله شيعي لسني، او سني لشيعي اليوم؟ اتمنى ان يقرأ شيعة وسنة اليوم سيرة الرجلين اللذين يختلفان فيهما!!