من المنتظر أن يناقش مجلس النواب يوم غد الثلاثاء مشروع قانون جديد بشأن الاتصالات وتقنية المعلومات، وسط انتقادات شديدة من نصوص في القانون تتيح التنصت على المكالمات الهاتفية للمواطنين بأوامر إدارية لا قضائية. يأتي هذا في ظل استمرار مقاطعة كتل أحزاب اللقاء المشترك والمستقلين لجلسات البرلمان، وانعقاد البرلمان لجلساته رغم عدم اكتمال النصاب في بعض الأحيان.
واعتبر برلمانيون ومنظمات قانونية أن مشروع القانون أشبه بإعلان حالة الطوارئ في البلد الذي يخشى النظام الحاكم فيه من انتقال عدوى الاحتجاجات الشعبية التي نجحت في إسقاط النظامين المصري والتونسي.
وانتقد النائب نبيل الباشا خلال جلسة البرلمان اليوم مشروع القانون ووصفه ب" قانون إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة ضد الحريات".
وتخالف نصوص من القانون المادة 53 من الدستور التي تكفل للمواطنين حرية الاتصالات وتنص على "حرية وسرية المواصلات البريدية والهاتفية والبرقية وكافة وسائل الاتصال وحرمة مراقبتها أو تفتيشها أو إفشاء سريتها أو تأخيرها أو مصادرتها".
وكان مجلس النواب استعرض يوم أمس الأحد تقرير لجنة النقل والموصلات بشأن مشروع القانون الخاص بالاتصالات وتقنية المعلومات، ومن المقرر مناقشته في جلسة غد بحضور الجانب الحكومي.
ويتضمن القانون الجديد المكون من (78) مادة موزعة على 11 باباً، رسوماً جديدة على شركات الاتصالات لصالح هيئة الاتصالات اليمنية المزمع إنشاؤها تصل حسب التوقعات إلى 10% ويحددها قرار من مجلس الوزراء.
كما يتضمن المشروع شروطاً مشددة على الشركات، منها سحب الترخيص في حال وجود مخالفات جوهرية للرخصة دون تحديد لماهية المخالفات الجوهرية، وحرمان شركات الهاتف النقال من إنشاء شبكة تراسل خاصة بها (شبكة الياف أو شبكة ميكروويف أو وصلات فضائية وغيرها).
وكانت الحكومة قد فرضت ضريبة دخل على شركات الاتصالات في اليمن تعد الأعلى في الوطن العربي وبنسبة 50%.
لكن الحكومة قالت في مذكرة تفسيرية ان مشروع القانون يهدف إلى تنظيم قطاعي الاتصالات وتقنية المعلومات ونشر جميع خدماتها على نحو يواكب تطور وسائل التقنية ويلبي جميع احتياجات المستفيدين.
كما يهدف بحسب المذكرة التفسيرية إلى تفعيل دور قطاعي الاتصالات وتقنية المعلومات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية الى جانب تحقيق برامج الكفاءة الفنية والاقتصادية لمختلف خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات وحماية المستفيدين.
ونفى وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس كمال الجبري الأنباء التي تحدثت بأن مشروع القانون يهدف إلى السماح بالتصنت على مكالمات المواطنين.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية سبأ عن الجبري قوله:" إن هذه مزاعم كاذبة لا أساس من الصحة وتقف وراء ترديدها جهات مستفيدة لا تريد للقانون أن يرى النور ويتم تنفيذه"، موضحاً بأن نصوص القانون ستناقش في مجلس النواب وهي واضحة ولا لبس فيها أو غموض, كما لا يوجد فيها بأي صورة كانت ما يشير إلى ما جاء في تلك الأنباء المغلوطة".
ودانت منظمتها "هود" وبلا قيود ما أسمتها "الخطوات المشبوهة" التي ينفذها الحزب الحاكم عبر البرلمان، الذي اعتبرته "فاقدا للشرعية" بموافقته المبدئية على مشروع قانون الاتصالات العامة.
وقالتا إن مشروع القانون يحول وزارة الاتصالات إلى "خلية مخابراتية لا تستهدف سوى المواطنين وانتهاك حقهم في التواصل والتعبير والخصوصية في انتهاك واضح وصريح للمادة (53) من الدستور".
وأضافت المنظمتان في بيان مشترك أن "كل ما يصدر عن البرلمان في هذه المرحلة هو غير قانوني حيث يعقد المجلس جلساته بعد انتهاء فترته القانونية وبمقاطعة من كتل المعارضة وعلاوة على ذلك بأقل من النصاب القانوني".
ويأتي هذا القانون في ظل الاحتجاجات المتصاعدة التي تشهدها اليمن، ومع انتظار المواطنين والأحزاب لبدء النظام في تنفيذ إصلاحات حقيقية، إلا أن هذا القانون ربما يزيد من حالة الاحتقان في البلد الذي يتوقع مراقبون أن يكون التالي بعد تونس ومصر في اندلاع انتفاضة.