السلطة المحلية بمارب: جميع الطرقات من جانبنا مفتوحة    المبيدات في اليمن.. سموم تفتك بالبشر والكائنات وتدمر البيئة مميز    في اليوم 218 لحرب الإبادة على غزة.. 34971 شهيدا و 78641 جريحا والعثور على مقابر جماعية جديدة    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    الهلال بطلا للدوري السعودي لكرة القدم    الدوري الإنجليزي الممتاز: مانشستر سيتي يقضي على أمل ليفربول تماما    سلطة صنعاء ترد بالصمت على طلب النائب حاشد بالسفر لغرض العلاج    ماذا يعني تأييد الأغلبية الساحقة من دول الأمم المتحدة لعضوية فلسطين الكاملة في المنظمة؟    اختتام دورة مدربي لعبة الجودو للمستوى الاول بعدن    مقتل شاب برصاص عصابة مسلحة شمالي تعز    توقعات بارتفاع اسعار البن بنسبة 25٪ في الاسواق العالمية    القيادة المركزية الأمريكية تناقش مع السعودية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    موقف فاضح ل"محمد علي الحوثي" والبرلماني أحمد سيف حاشد يكشف ما حدث    ظاهرة حرب غزة جديدة على ذاكرة التاريخ    في لعبة كرة اليد نصر الحمراء بطل اندية الدرجة الثالثة    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    تأملات مدهشة ولفتات عجيبة من قصص سورة الكهف (1)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    الريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى له أمام العملات الأجنبية (أسعار الصرف)    وفاة طفلين إثر سقوطهما في حفرة للصرف الصحي بمارب (أسماء)    مقتل وإصابة 5 حوثيين في كمين محكم شمال شرقي اليمن    تفاعل وحضور جماهيري في أول بطولة ل "المقاتلين المحترفين" بالرياض    الحوثيون يطيحون بعدد من كوادر جامعة الضالع بعد مطالبتهم بصرف المرتبات    سياسي جنوبي: أنهم ضد الاستقلال وليس ضد الانتقالي    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    ضربة موجعة وقاتلة يوجهها أمير الكويت لتنظيم الإخوان في بلاده    لحوم العلماء ودماء المسلمين.. قراءة في وداع عالم دين وشيخ إسلام سياسي    الشرعية على رف الخيبة مقارنة بنشاط الحوثي    د. صدام: المجلس الانتقالي ساهم في تعزيز مكانة الجنوب على الساحة الدولية    أبرز المواد الدستورية التي أعلن أمير ⁧‫الكويت‬⁩ تعطيل العمل بها مع حل مجلس الأمة    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    الليغا .. سقوط جيرونا في فخ التعادل امام الافيس    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    تعرف على نقاط القوة لدى مليشيا الحوثي أمام الشرعية ولمن تميل الكفة الآن؟    وثيقة" مجلس القضاء الاعلى يرفع الحصانة عن القاضي قطران بعد 40 يوما من اعتقاله.. فإلى ماذا استند معتقليه..؟    البدر يلتقي الأمير فيصل بن الحسين وشقيق سلطان بروناي    25 ألف ريال ثمن حياة: مأساة المنصورة في عدن تهز المجتمع!    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    وفاة وإصابة أكثر من 70 مواطنا جراء الحوادث خلال الأسبوع الأول من مايو    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    بسمة ربانية تغادرنا    جماعة الحوثي تعلن ايقاف التعامل مع ثاني شركة للصرافة بصنعاء    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار مدهشة ومعاني عظيمة في سياق القسم بسورة ''العاديات'' - قراءة تأملية


مقالات
محمد مصطفى العمراني
من السور القرآنية التي تأملت فيها كثيرا سورة " العاديات " ، وذلك أن الله الله عز وجل في الثلث الأول من السورة قد أقسم بالخيل العادية التي تضبح أي يكون لها صوت وحمحمة ، وتقدح بعدوها السريع الشرر بحوافرها ، المغيرة صبحا ، المثيرة للنقع " الغبار " ، المتوسطة للجمع ؛ كل هذا القسم قد اتخذ مشهدا حربيا مثيراً ، فيه السرعة البالغة القادحة للشرر ، وفيه أجواء معركة حربية كبيرة بما فيها من مفاجأة مباغتة بالإغارة صبحاً ، ومن إثارة كبيرة وفوضى عارمة بالغبار المثار ، ومن توسط للجموع المحتشدة الكبيرة في مشهد عظيم ، وكل هذا ليقسم الله عزوجل ( إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ( 8 ) .!
فلماذا اتخذ سياق القسم في هذه السورة هذا المشهد الحربي المثير الذي يجعلك حين تتأمله كأنك تشاهد معركة حربية كبيرة ؟!
ولو تأملت سياق القسم في سورة " القلم " ( ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴿1﴾ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ﴿2﴾ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ﴿3﴾ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿4﴾ ستجد سياق القسم الإلهي هنا هادئ حنون رصين ليس فيه ذلك الجو الحربي المثير العاصف كما في سياق القسم في سورة " العاديات " فلماذا ؟!
فلو أنك في ذهنك قمت بتركيب سياق القسم الأول كما في سورة " العاديات " على المقسم عليه في سورة " القلم " لوجدته غير متجانس ، لا يستقيم ولا يتناغم مع هذا الموضوع فالقسم بأدوات الحرب من الخيل وعدوها وضبحها وقدحها للشرر وإغارتها صبحا وما تثيره من أجواء معركة حربية لا يتناسب مع تأكيد الله لرسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنه ما هو بنعمة ربه بمجنون وأن له لأجراً غير ممنون وأنه لعلى خلق عظيم فالمقام هنا يقتضي قسم رصين هادئ حنون حيث أراد الله أن يثبت فؤاد رسوله صلوات ربي وسلامه عليه ، ويسكب في قلبه شلالاً من الطمأنينة ليهدئ من روعه ويثبته ويطمئنه بعد حملة ضارية قاسية شنها المشركون ضده ، اتهموه بالجنون ، فجاء التأكيد الإلهي على أن رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه ليس بمجنون بل راجح العقل سليم الذهن على خلق عظيم وله الأجر الممنون لصبره على هذه الحملات الظالمة ، والاتهامات الباطلة ، والأقاويل الكاذبة ، والافتراءات الساقطة فأقتضى المقام هذا القسم الرصين الهادئ الحنون الذي يفيض بالطمأنينة والأمان ، كما أن المقام مقام دفاع عن الفكر والعقل وتثبيت للقلب وتطمين للفؤاد فأقتضى هذا القسم الذي يناسب هذا المقام .
وكذلك لو أنك وضعت في ذهنك القسم في سورة " القلم " على المقسم به في سورة " العاديات " لما تناغم السياق القرآني ، ولما تناغم وانسجم فمعركة الإنسان في الحياة وركضه بتلك السرعة والتوحش تحتاج قسما من نوع خاص ، قسم فيه أجواء المعركة بكل ما فيها من أبعاد ودلالات .
لكن في سورة " العاديات " كان القسم مختلفاً تماما ، كان مثيرا فيه أجواء معركة حربية كبيرة ليلفت الانتباه إلى أن الإنسان حين يخوي قلبه من الإيمان بالله وإدراك حقيقة الدنيا يغدو كنودا جاحداً بنعم الله محباً للمال ، يبدأ حياته بذلك العدو والركض كتلك الخيول العادية ، يتحول الإنسان إلى وحش يخوض معركة شرسة قاسية في الحياة ، معركة فيها من الركض والعدو السريع ومن الإغارة المفاجئة ومباغتة الخصوم ، ومن الغبار المثار ، ومن توسط الجموع ، والمشاركة في الحشود ، معركة يخوضها الإنسان مع الآخرين ليحقق ذاته وأحلامه ويستغني عن غيره فيطغى ، معركة مع نفسه الأمارة بالسوء ، ومع حبه للمال ، فتوصله كل هذه العوامل مجتمعة لأن يصبح كنودا ، جاحدا بنعم الله ، محباً للمال حباً جما ، محباً لكل متاع دنيوي ، غير شاكراً لأنعم الله ، وغير راض بما قسمه الله له ، فيركض في الدنيا ركض الوحوش في البراري كتلك الخيول العاديات الموريات المغيرات .
فمشهد القسم في سورة العاديات وسياقه مشهداً مثيراً عنيفاً ، جاء بإيقاع سريع صاخب متتابع فيه أجواء الحرب ليناسب السياق القرآني الذي جاء ليتحدث عن معركة الإنسان في حياته وحبه للمال الذي جعله كنوداً محباً لكل خير لنفسه ، فهو يحارب إيمانه وفطرته المؤمنة بالله الشاكرة لنعمه ، يحارب روحه ، يحارب الآخرين ، يحارب العالم كله وهو في حربه هذه هلوعاً كنودا جحوداً كالخيل الراكضة المحاربة .
ولا شيء هنا يوقف هذا الإنسان الراكض كالحصان الجموح في الحياة إلا مشهد النهاية ( {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ (11) ) .
لا شيء يوقفه سوى إدراك حقيقة الدنيا التي يخوض معاركه لأجلها فهي فانية ، وسيأتي بعدها بعث ونشور ، وفي البعث تبعثر ما في القبور ، وتحصل ما في الصدور ، ويأتي الحساب فالدنيا ليست النهاية بكل هي البداية.!
هذا المشهد الأخروي المفزع من بعثرة لما في القبور من موتى بعظامهم ، وجمع لما في الصور من أسرار وخفايا هو الكفيل وحده بأن يدفع كل كنود جحود كفور لإعادة حساباته ومراجعة نفسه ، هذا المشهد الصادم المخيف هو التذكير الإلهي الذي يحتاجه كل كنود لعله يعود .
ولذا جاء ختام الصورة باستفهام استنكاري أفلا يعلم ؟!
وفيه تهديد واضح ، ألا يعلم هذا الجاحد الكنود بالنهاية والعودة إلى الله ( إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ (11).
فبعد هذه المعركة الحياتية الصاخبة المثيرة والتي يخوضوها الإنسان راكضا فيها كالخيول العادية المورية المغيرة المثيرة المتوسطة الراكضة في البراري يعود إلى الله حطاما مبعثرا للحساب والعقاب ورب الناس يومئذ بهم خبيرا ، إليه إيابهم وعليه حسابهم .
وفي الختام نؤكد على أهمية التنبه للسياق القرآني في السور ففيه معاني هامة ودلالات عظيمة ، فالقرآن الكريم معجز بلفظه ومعناه وسياقه ، ومن تأمل فيه وجد الأسرار المدهشة والمعاني العظيمة ، والدلالات الهامة ، ونحن في هذا المقام وقفنا على ساحل محيط القرآن والتقطنا بعض الأصداف واللألئ فكيف لو غصنا في أعماقه ؟!
* سورة العاديات
1. 2. 3. 4. 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.