مثلت ثورة ال 26 من سبتمبر 1962م ضرورة للخليج العربي بذات القدر الذي كانت عليه لليمن. كان لمثل هذا الطرح أن يبدو مستغربا قبل الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران في 2104م. لكن الأمر بعده مختلف، فقد تأكد للجميع أن استهداف ثورة 26 سبتمبر ومكتسباتها يعني اقتلاع أشياء كثيرة في اليمن والخليج والمنطقة، معادلات وتوازنات ستؤثر على حاضر ومستقبل اليمن والمنطقة. بدا أن هذه الثورة هي من ركائز الأمن العربي والاستقرار الإقليمي، ومن دونها كان النفوذ الإيراني سيتدفق على الخليج منذ ثمانينيات القرن الفائت، وليس من 2014م. وكان ورثة الخميني سيحجزوا موقعا لبلادهم على البحر الأحمر ومضيق باب المندب منذ ذلك الحين. من دونها ما كان لحرب الخليج الأولى أن تسير على ذلك النحو، ولا أن تنتهي على تلك الشاكلة بانتصار العرب على إيران. إذ أن تدفق رجال الخميني المأخوذين بنشوة انتصار ثورتهم نحو العراق والخليج العربي في 1980م، كان سيتزامن مع تدفق مماثل لمليشيات الإمامة المتخلفة في اليمن لتصدير الثورة الخمينية للمنطقة. لكن ثورة 26 سبتمبر قضت على نظام الإمامة الكهنوتية وأنقذت اليمن، وحافظت على استقرار والأمن الخليجي. 26 سبتمبر كان ولادة جديدة للتاريخ، وذكرى لمعركة مصيرية خالدة أسقطت نظام الإمامة الرجعية الذي يشكل الحوثي اليوم امتدادا لها ولفكرها وأجندتها.
26 سبتمبر يوم الأمل الكبير إنه بالفعل يوم الأمل؛ عاود اليمنيون فيه اجتراح الأمنيات المشروعة، واقتربوا عبره من أحلامهم المؤجلة، حين جرى التواطؤ على خصخصة الأمل والمستقبل لسلالة عنصرية بعينها. قبل هذا اليوم عاش اليمنيون بلا أمل، يقتاتون البؤس وشظف العيش لعقود طويلة، لا يحلمون بأكثر مما يسد رمقهم ويأوي أجسادهم المنهكة، ولا ينظروا إلى أبعد من أقدامهم التي يجتروها بتثاقل أسير مكبل. كانت اليمن وأبنائها على الهامش، أجيال بأكملها مجردة من الأحلام والطموحات؛ تعقد مصالحة ظالمة مع البؤس، وتبرم هدنة طويلة الأمد مع المآساة. وحين ذوت الآمال في مجاهل الذاكرة، كان لا بد أن يبزغ فجر أمل جديد، فكانت ثورة 26 سبتمبر منبع الآمال والطموحات التي لا حدود لها، والتي صنعت تحولا عميقا في اليمن والمنطقة لحساب العرب ولصالح نظام الأمن العربي.