معلوم أنه لكي يتم إجراء أي حوار أو عقد أية مفاوضات يجب أن يتفق أطراف الحوار أو المفاوضات على جدول الأعمال ، فإن لم يتفقوا يتوجب على راعي الحوار أن يعمل على تقريب وجهات نظر الأطراف قبل جلوسها حول طاولة المفاوضات لضمان نجاحها .. لكن في حوار الرياضاليمني – اليمني المرتقب لا يبدو أننا تابعنا شيئا معلنا من هذا القبيل ، حيث مازالت المواقف المتناقضة منه هي السائدة إعلامياً ومهما كان موقف البعض من هذا الحوار إلا أن علينا جميعا أن نأمل أن تنجح مساعي مجلس التعاون الخليجي بعد استجابته لطلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المتعلق بنقل الحوار اليمني- اليمني إلى الرياض بدلاً من العاصمة اليمنيةصنعاء ، التي لم تعد مقراً مناسباً للحوار في نظر الرئيس المستقيل المتراجع عن إستقالته ومؤيديه. و قبل الحديث عن تفاصيل أو جزئيات هذا الحوار المرتقب الذي يتطلع إليه هادي ومؤيدوه ، دون أن ترحب به بعض الأطراف اليمنية .. إلا يجب أن نسأل: أين نتائج مؤتمر الحوار الوطني الذي أهدر فيه ساستنا وممثلو المكونات السياسية التي اشتركت فيه ، الكثير من الوقت والجهد والمال دون أن يحققوا حلم اليمنيين في غد أفضل ؟ ومهما كانت الإجابة التي قد نسمعها ، وما قد يقال عن تأثير أو بمعنى أدق نمو حركة "الحوثيين أو أنصار الله" غير المتوقع منذ انتهاء مؤتمر الحوار الوطني ، الذي اختتم أعماله بإصدار إعلانه الشهير بوثيقة الحوار الوطني ، إلا أننا الآن وقد تابعنا دعوة الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي – بناء على طلب وشروط هادي - للأطراف اليمنية المعنية بالمشاركة في حوار الرياض المرتقب ، يجب أن نسأل أنفسنا : هل ستكون الدعوة مفتوحة لمن هبّ ودبّ ، ومن يرغب في السفر إلى الرياض لإثبات الوجود .. ليس إلاّ.. دون أن يكون له أي تأثير فعلّي في الواقع اليمني ؟ أم أن هذه الدعوة ستكون محصورة في الأطراف الرئيسية التي بيدها الحل والربط وهي وحدها القادرة ميدانياً على حل المشكلة؟ وهل سيستند حوار الرياض المرتقب على قواعد الحوار والمفاوضات المتعارف عليها دولياً ، بحيث يتم بين من يعنيهم الأمر بشكل مباشر ويحقق نتائجه المطلوبة ؟ أم أننا سنشهد مجدداً حواراً عبثياً أطرافه متعددة بعضها لا حول لها ولا قوة ، كما حدث في مؤتمر الحوار الوطني الموسع ؟ فقد علمنا أن المبعوث الأممي اتفق مع هادي على أسس حوار الرياض المرتقب والتي ترتكز على تنفيذ العملية السياسية المبنية على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وعلى قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. لكننا في الوقت نفسه علمنا أن المبعوث الأممي الذي أثنى على جهود هادي و"صبره وتحمله" في سبيل إخراج اليمن من الصراعات والأزمات التي يشهدها، عاد ليؤكد أن مرجعية الحوار بين الأطراف السياسية اليمنية لم تتغير ، مشددا على أن أسس الحوار اليمني – اليمني تستند على المبادرة الخليجية، ونتائج الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة، وقرارات مجلس الأمن. إشارة بنعمر وتشديده على اتفاق السلم والشراكة الذي تم بعد حوار شارك فيه ممثلو الحوثيين ، لاتبدو منسجمة مع رفض هادي لهذا الاتفاق ولكل ما شهده اليمن منذ يوم 21 سبتمبر من العام الماضي .. هذا الخلاف بحد ذاته بحاجة إلى حسم أو حوار يسبق الحوار المرتقب ، إذا أردنا ضمان أن يؤدي حوار الرياض إلى نتائج ملموسة تضع حداً للأزمة اليمنية .. فهل يتسنى للمعنيين حسم هذا الخلاف وتهيئة الظروف الملائمة قبل توافد المدعوين إلى الرياض وعودتهم إلى صنعاء بدون تحقيق النتيجة المرجوة ؟؟ "الثورة"