أبو يمن مصطلح شائع في المنطقة العربية كتسمية مرادفة لليمنيين، وقد استخدمته في عنوان المقال نظراً لأن الأطراف السياسية اليمنية أصبحت تعبر عن رغبات القوى الخارجية (الإقليمية والدولية) أكثر من تعبيرها عن رغبات أبناء الشعب اليمني. فهذا صار ناطقاً باسم واشنطن وذاك باسم موسكو، وهذا باسم طهران وذاك باسم الرياض، وهذا باسم أبوظبي وذاك باسم الدوحة، وهذا باسم مسقط وذاك باسم أنقرة....إلى آخر سلسلة العواصم الإقليمية والدولية التي انبطحت لدولها نخبنا السياسية بكل ألوان طيفها. وفي مقابل ذلك الانبطاح المهين والمشين تجد تلك النخب تستأسد على أبناء وطنها، وصار اليمني يقتل أخيه اليمني من غير أن يهتز له رمش، وربما تحرج أحدهم عن ذبح دجاجة أو أرنب أو حتى حمار لكنه يمارس ذلك مع شريكه في الوطن بكل أريحية!! صارت الأطراف اليمنية المختلفة تطلق عبارات التكفير والتخوين ضد بعضها بشكل مقزز، مع شحن مذهبي ومناطقي قذر أصبح يملأ صفحات وسائل الإعلام والفيس والواتس وغيرها، بات يشترك فيها مع الأسف الشديد حتى من كنا نعتبرهم ساسة محترمون أو مثقفون.....إلخ، بل ودخلت تلك القذارات حتى إلى أروقة الجامعات وظهر (دكاترة) يهددون طلابهم علناً بالرسوب لمجرد انتماءهم لهذه المحافظة أو تلك.. هل سمعتم بمثل هذه الحقارة من قبل!! من يسمون أنفسهم بالمحللين السياسيين والعسكريين صاروا يملأن وسائل الإعلام بقرفهم ومن كل الأطراف، مع رغبات شبقية تتبدى لديهم بتدمير ما تبقى من الوطن اليمني، وكأن الخراب الذي حل والدماء التي سالت لم تروِ ظمأهم بعد أو تشفي غليل حقدهم. أصبحت اليمن وشعبها أرض مشاع لكل من هب ودب (أمثال ضاحي خرفان) يشتم في أبنائها ويلعنهم، ويحدد من يجب أن يبقى ومن يجب أن يذهب!! فهذا لا يريد الحوثي، وذاك لا يريد الإصلاح، وثالث لا يريد عفاش، ورابح لا يريد الاشتراكي والحراك.. وما علينا إلا أن نسمع ونطيع!! وهذا ما جعلنا نطلق هذه الزفرة أمام نخبنا اليمنية المتناحرة، لنقول لهم الحل لا يكمن في كل هذه الحقارات والسخافات التي تمارسونها، لكنه يكمن في تقبل اليمنيين لبعضهم واعتبارهم مصلحة وطنهم مقدمة على كل ما سواه من مصالح سواء كانت خارجية أو حزبية ومذهبية ومناطقية وفئوية. فهاهم الهنود مثلاً رغم مساحة دولتهم الواسعة، وعدد سكانها المهول، وأديانها العديدة، وقومياتها ولغاتها المختلفة، لكنهم يتعايشون فيما بينهم، بينما نحن لم نتمكن من ذلك رغم ديانتنا وقوميتنا ولغتنا الواحدة، ومساحة دولتنا وعدد سكانها المحدود.. فأين يكمن الخلل؟! أخيراً: نخاطب نخبنا السياسية بكل طيفها هنا على أمل أنهم يسمعون ويعقلون وبمقدورهم العودة عن غيهم والارعواء عن ضلالهم، أما أن انطبق عليهم قول الله (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُون) فحسبهم جهنم وبئس القرار، مشيعين إليها بلعنات شعب اليمن.