قال الدكتور فؤاد الصلاحي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء " إن على الدول التي ترغب في الاستفادة من متغيرات العولمة أن تحدث تحولات حقيقية في هياكلها وأبنيتها التنظيمية وعلاقاتها بمواطنيها بما يعزز مواطنتيهم وان تتبنى نظاما تعليميا يستوعب متطلبات العصر وحاجات المجتمع وفق رؤية دينامية باستمرار. فالاستعداد للقرن الحادي والعشرين لا تتناسب معه طرائق التدريس السائدة في الجامعات والمعاهد والمدارس اليمنية. وحول أزعومة التعليم من اجل سوق العمل قال الصلاحي في مداخلته في ندوة " التعليم العالي في اليمن:خصائصه ومشكلاته (قراءة تحليلية من منظور سوسيولوجي)".التي نظمها مركز منارات في إطار برنامجه الثقافي الفكري للعام الجديد : " هل التعليم للتوظيف أم لبناء العقل وتنمية القدرات للإنسان : التعليم بشكل عام والجامعي على وجه الخصوص عملية دينامية تستهدف الإنسان كغاية بحد ذاته ، ولما كان الإنسان هو غاية التنمية وهدفها الرئيسي فان التعليم يجب ان يوجه نحو بناء قدرات الإنسان علميا ومعرفيا ومهاراتيا وتمكينه من توسيع الخيارات أمامه لاستدامة التحصيل العلمي فالتعليم الجامعي مهمته اكبر واشرف من أن تختزل في التوظيف .. ولما كان سوق العمل في اليمن محدود كما اشرنا سابقا فانه لابد وان تدعم الحكومة تعدد وتنوع مجالات التعليم وتخصصاته في شتى المجالات التطبيقية والإنسانية وهو الأمر الذي ينعكس في توليد فضاءات عمل جديدة . مشيرا إلى بعض المآخذ على التعليم الجامعي منها شيوع التماثل والتكرار المفرط لبعض الأقسام دون تطوير ملموس في المقررات التعليمية او مفرداتها .. فاعتماد التكرار في الشكل والمضمون لا يساعد في بناء مجتمع المعرفة ويضعف دور الجامعة في التنمية علاوة على تأثير السلبي على الطلاب . مضيفا "هناك وعي زائف بأفضلية العلوم التطبيقية على العلوم الاجتماعية موضحا أن العلوم التطبيقية والاجتماعية ترتكز على محددات موضوعية واحدة جعلت منها علوما وهي وحدة المنهج العلمي مع الاختلاف في موضوعات كل من وللعلم فان هذا الوعي الزائف بأفضلية العلوم التطبيقية تم نقده وتجاوزه في الغرب عقب ثورة الشباب 68 التي استهدفت تحطيم النماذج الفكرية سياسيا ومعرفيا وإلغاء الرؤية المادية للإنسان والمجتمع وعدم تضخيم التكنولوجيا والمنجزات التقنية ، وجاء أهم نقد فلسفي وسياسي من خلال كتابات هبرت ماركيوز وخصوصا في كتابه الإنسان ذو البعد الواحد". موضحا جوانب القوة والضعف في مؤسسات التعليم العالي حيث تتثمل بعض جوانب القوة في "تنوع المدارس الفكرية والتعليمية التي تخرج منها أعضاء هيئة التدريس من اليمنين ( الجهل بهذه الميزة جعل المشرفين على احد تقارير المجلس الأعلى للتعليم يعتبرونها بمثابة تشتت وصفة سلبية ) وبروز في القدرات الذاتية للجماعات العلمية اليمنية(نشاط ابداعي فردي ) وبروز فاعل في الإنتاج العلمي لبعض الأساتذة كنشاط فردي بينما تتثمل بعض جوانب الضعف في "التكرار والمماثلة في الأقسام الأكاديمية دون تطور نوعي غياب التطوير الدوري لمفردات المقررات التعليمية وضعف كبير في إنتاجية البحث العلمي وغياب تمويله بل وغياب رؤية إستراتيجية مستدامة للبحث العلمي وغياب كامل للتمويل والدعم الخاص بالترجمة والتأليف". وحول النظام التعليمي اليمني يقول الصلاحي "يتصف بأزمة بنيوية تشمل كل مستوياته وهو انعكاس لازمة الدولة وغياب مشروعها الحداثي ووفقا لذلك يمكن القول في اليمن نظام تعليمي ذو جودة ونوعية رديئة لا يعمل على تجسير الفجوة بين الجنسين ولا يرتقي بمهارات ومعارف الأفراد ولا يضيف الى المجتمع وابراز رسالة ورؤية الجامعة لدورها العلمي والمعرفي والتنويري العام في المجتمع وإعادة النظر في المقررات التعليمية وتطوير مفرداتها واستحداث أساليب تكنولوجية مساعدة في العملية التعليمية و إعادة انتخاب رؤوسا الأقسام وعمداء الكليات ورؤوسا الجامعات وتفعيل نوعي لدور الجماعات العلمية(هيئة التدريس من خلال مؤسساتهم النقابية ) و تفعيل دور الطالب في إطار نشاطاته العلمية والثقافية و منع التدخلات من خارج الجامعة والتي تؤثر سلبا في المسار التعليمي و إعادة النظر في سياسات التعليم العالي مع إشراك جميع هيئة التدريس في الحوار من اجل خلق رؤية إستراتيجية للتعليم العالي". هذا وتخلل المحاضرة نقاش من الحاضرين حول ورقة الدكتور الصلاحي بين مؤيدا لما جاء في الورقة وبين منتقد لبعض ما جاء فيها . حضر الفعالية عدد كبير من المختصين في الجانب التعليمي وعدد من الباحثين وممثلي منظمات المجتمع المدني هذا وسيبداء منارات الخميس القادم بفعاليات من اجل الاصطفاف الوطني وعرض كل القوى السياسية لرؤيتها من اجل اصلاح الاوضاع الراهنة .