في اول لقاء يرفض بعصبية وغضب يلح عليه الطرف الاخر ويرسل له المراسيل والوسطاء.. في اللقاء التالي يرفض ايضا ولكن مع شرح لاسباب رفضه وصعوبة وضعه: غداء، تخزينة، تخزينتين.. ترتيب لقاء خاص للغاية يبدأ بسعلة مفتلعة وحركات خجولة ثم تبدأ الضحكات والغمزات والسرية والحذر، يبدي استعداده على الموافقه وُيطرَح السؤال الشهير.. بكم؟؟؟ ويتم الاتفاق.. يوسع ربطة العنق حول عنقه وتفرش الاوراق.. يتلفت حوله وهو يقول الجملة الشهيرة ايضا "المهم ان لا يرانا احد" و.. ويوقع.. ويوقع، ويوقع.. ورقة، ورقة.. الى ان يصل الى الورقة الاخيرة.. وعند الانتهاء يتنهد الطرف الاخر تنهيدة عميقة ويزفر زفرة ارتياح ومن ثم يرمي له مبلغ من المال.. يجفف عرقه.. ويغادر الغرفة. تيبع الساقطة جسدها.. وهناك نوع من الرجال ايضا يبيع، ليس جسده (وان كان غالبا سيبيعه ايضا لو وجد من يدفع)، بل يبيع شرفه وكرامته، نزاهته وضميره.. مثل اي عاهرة يبيعون بضاعتهم بنفس الاسلوب ابتداء بالتمنع وانتهاء باحتقار الجميع!! يبيعون ويقبضون.. الكارثة انهم يبيعون وطن بأكمله.. هم من يحاولون ان يقنعونا ان نعيش بأتعس حال ثم يقنعونا ان نعيش وكفى! ثم يقنعونا ان نموت.. ويعيشون هم! نتحدث كثيرا عن مشاكل وطننا، يأخذنا الحديث يمينا وشمالا وتأخذنا المشاكل في دوامات تصيبنا بالدوار.. تحتقن الجراح وتنزف ويئن الوطن.. حوثيين وانفصاليون في الداخل وانفصاليون في الخارج وشيوخ يبحثون عن اموال فوق الاموال، وسياسيون يبحثون عن نفوذ فوق النفوذ.. ولو تلفتنا حولنا لعرفنا ببساطة شديدة المشكلة الحقيقية.. لسمعنا تنهيدة الوطن المتعب.. لعرفنا شكوى الام الطيبة من الابن المٌتعِب الذي عراها واذلها.. انظر حولك، وأنا متأكد بأني لست مجحفاً لو قلت بأنك ستجد الكثير من اللصوص "وليس الفاسدين فهو وصف مهذب لكلمة لصوص".. يجرون في شوارع المدن اليمنية.. يسرقون الكعكة من يد الطفل، وقنينة الدواء من يد المرأة العجوز، وقبل ان تضع انت قطعة خبز في فمك يكون قد خطفها بسرعة وبقدراته السحرية يحولها الى سيارة فاخرة قد يدهسك بها ابنه فيما بعد اثناء تعلمه القيادة.. هؤلاء اللصوص هم الامامة وهم الانفصال وهم التأمر الخارجي والداخلي وهم التوتر السياسي وهم زفرة الم هائلة من الوطن تلفح حرارتها وجوهنا جميعا.. فهل نشعر؟؟؟!!!! هؤلاء اعدائنا، هؤلاء خصومنا، هؤلاء غرمائنا وكل ابتسامة او ضحكة او لحظة سعادة يقضونها منتزعة من كل مواطن يمني ضُيق عليه وراح يتقاتل مع الحياة فيصرعها مره وتصرعه مرات ليموت وهو لا يدري كيف كانت الحياة اصلا.. هم لصوص اوغاد لو فتحت خزنة احدهم لوجدت ساعتك التي ظننت انها ضاعت، وراتب الشهر الماضي الذي لا تعرف كيف تبخر، ستجد الدراجة التي وعدت بها ابنك، ثمن زيارة الطبيب لزوجتك فستان ابنتك، وجبة جميلة دافئة في بيت صغير جميل مليء بالضحكات الهانئه.. باختصار ستجد في خزينته سعادتك المنهوبة كاملة!! يأخذون من كل بند ومن كل باب ومن كل ميزانية ..ما يفترض وصوله الى خزينة الدولة يضل الطريق الى جيوبهم مباشرة، لا يعرفون الفرق بين الالف ريال والمليون دولار فكلها خراف ضالة يهدونها هم الى حساباتهم البنكية.. والشخص الدنيء مهما ارتفع شأنه يضل يبحث عن العظام ليلعق ما بقى فيها من دسم حتى وان وضعت امامه خرافا كاملة، يمدون ايديهم الى مكأفاتك الى بدل المواصلات الخاص بك الوقت الاضافي وايضا الى المناقصات والصفقات.. وانت لا تفكر حتى في الامتعاض.. كيف تفكر اصلا والقات المليء بالسموم يقضي على هذا النشاط تماما؟؟!! نشاط التفكير!! ما يسمى بالفساد وما يسمى بالفاسدين.. اي اللصوص وسرقاتهم.. اضاقوا علينا حياتنا.. اخذوا الكثير وتركوا كومة من القنابل توشك على ان تنفجر.. حولوا الوطن الى سوق كبير ازاحوا كل ما لا يباع وكل من لا يباع وباعوا الباقي.. جعلوا من الوطن بورصة للعمالة من اراد ان يدفع للانفصال يجد.. ومن اراد ان يدفع للامامة يجد.. ومن اراد ان يدفع للطائفية يجد.. ومن يريد اطفال للبيع يجد.. ومن يريد نساء للزواج السريع القصير يجد. وان كنت في وقت ما اسأل نفسي عن جدوى الكتابة.. وبأن حصص التعبير انتهت منذ ايام المدرسة .. إلا انني وفي ما كتبته هنا اجد اني على الاقل لدي الفرصة لكي اقوم بشيء مفيد ولو قليلا .. شيء يفترض ان يفعله 22 مليون مواطن .. اردت هنا وفيما كتبت من كلمات.. ان ألعن اللصوص .. وألعن الخنوع والصمت.. وألعن "تخديرة" القات التي جعلتهم يسرقون اليمن، ونحن ندفن وجوهنا في المتفل اثناء الساعة السليمانية.. ألعن اللصوص.. ومن يقف معهم.. ومن يقف ورائهم.. ومن ينظر اليهم.. دون ان يلعنهم. مع خالص تحياتي للهيئة!!!!